في كل ليلة من هذا الشهر الفضيل ترتفع أكف الضراعة إلى خالقها، تسأله وتستغيثه، فيا رب تقبل دعاءنا حتى ولو كان: بعضنا يكذب في كل شيء! في أقواله! في كتاباته! في رسائله! في تغريداته! بل ويفجر في خصوماته، وإن أُعطي رضي ومدح، وإذا لم يعط لبس لبوس الوطنية وشن حملاته الظالمة! بعضنا يُفسد باسم الإصلاح! ويقتل ويسفك الدماء وهو يرفع راية دين الرحمة والإنسانية! بعضنا يسعى ويشقى ليتحمل المسؤولية، فإذا أخذها لم يقم بواجبه تجاهها! ما إن يخرج من المسجد حتى يبدأ هوايته الليلية: الاستطالة في الأعراض والسعي بالنميمة وسوء الظن! يدعو: اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنة! وهو يعيش حياته بلا هدف! يؤمن كلما قال الإمام: رب ارحمهما كما ربياني صغيراً، وهو لا يدري أين والدته! أهي في دار المسنين أم في بيت أحد إخوانه أو أخواته؟! يدعو وتدمع عيناه: اللهم اغننا بحلالك عن حرامك! وهو مستعد للحصول على المال حتى ولو بنهب المال العام، والسطو على حقوق الأرامل واليتامى! يدعو: ولا تجعل في قلوبنا غلاً لإخواننا، وهو لا يدخل مجلس أخيه ولا يسلم على أخته من سنوات لمشاكل تافهة أو لاختلاف في وجهات النظر! يدعو مستشعراً خطورة الفضيحة: واستر اللهم عيوبنا! وهو قد جعل مشروع حياته البحث في عورات الآخرين، وتصيد زلاتهم، بل والتلذذ بإيذائهم بها، والمصيبة أنه يستر حسده برداء الوطنية أحياناَ وبالغيرة على الدين أحايين أخرى! يدعو: اللهم اجعلنا هداة مهتدين! وهو صالح مصلح ما دام تحت أنظار البشر، وشيطان رجيم عندما يخلو بنفسه! يدعو: اللهم ولا تجعل لنا أمراً عسيراً إلا يسرته! وهو لا يمكن أن تمر عليه معاملة إلا ويضع العراقيل في وجه صاحبها! يرفع يديه بإخلاص وهو يسأل المولى: وهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين! وزوجته لا تبتسم إلا إذا خرج من البيت! وأولاده لا يدري أين هم؟ ومع من هم؟! اللهم عاملنا برحمتك وفضلك وعلى ما كان فينا يا أرحم الراحمين، وهب المسيئين للمصلحين يا رب العالمين!
مشاركة :