أثينا: عبد الستار بركات أعلنت وزارة المالية اليونانية، أمس (الخميس)، عن تمديد إغلاق البنوك في أنحاء البلاد حتى الاثنين المقبل، فيما تسعى الحكومة إلى صياغة مقترحات جديدة لتقديمها إلى الجهات الدائنة لتجنب خروج البلاد من منطقة اليورو، ويصطف المئات أمام البنوك وماكينات السحب الآلي لسحب 60 يورو فقط في اليوم، وسقف السحب بعد فرض قيود لمنع نقص السيولة عقب دعوة أثينا إلى التصويت في استفتاء على شروط الجهات الدائنة، بالإشارة إلى أن البنوك اليونانية قد أغلقت أبوابها منذ تاريخ 28 يونيو (حزيران). وتقدمت اليونان بطلب رسمي، أول من أمس (الأربعاء)، للحصول على برنامج قروض لمدة ثلاث سنوات من آلية الاستقرار الأوروبية (ESM)، لكي تستطيع أن تفي بديونها وتتحاشى الإفلاس، وجاء في الطلب الذي وجهه وزير المالية اليوناني إفكليديس تستاكالوتوس المعين حديثا إلى صندوق الإنقاذ المسمى «ESM»، أن أثينا تطلب المساعدة نتيجة للخطر الذي يهدد الاستقرار المالي في البلاد العضو في منطقة اليورو، وأن «اليونان تطلب من آلية الاستقرار الأوروبية أن تفتح لها خطا ائتمانيا لمدة 3 سنوات وفقا للمادة 13 من اتفاقية (ESM)، وسوف يتم استخدام القرض لتغطية ديون اليونان وضمان استقرار النظام المالي». ومن المتوقع أن تتوصل اليونان مع الشركاء في أوروبا قبل بعد غد (الأحد) إلى اتفاق بخصوص حزمة إنقاذ ثالثة تزيد على 50 مليار يورو، ووفقا للمصادر فهي قد تكون من 50 إلى 80 مليار يورو، وإعطاء حكومة رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس الحرية بتنفيذ ما يناسبها من إجراءات تقشف. وسوف تعرض حزمة الإنقاذ الثالثة على وزراء مالية منطقة اليورو غدا (السبت) لأخذ تصويتهم عليها قبل عرضها اليوم التالي على القمة الأوروبية الجديدة حول اليونان، ولذلك سوف يكون معروفًا ما الذي سوف يقرره الزعماء يوم الأحد. ومن المنتظر أن تعرض حزمة المساعدات الثالثة لليونان - إذا تم إقرار القمة الأوروبية لها - على البرلمان الألماني (بوندستاغ) للتصويت عليها، وسيمثل هذا البرنامج الجديد حال إقراره تراجعا واضحا من جانب المستشارة ميركل التي رفعت باستمرار شعار التقشف مقابل الأموال. وعلى الرغم من أنه لا يزال بإمكان اليونان ومجموعة اليورو التوصل إلى اتفاق، فإن مستقبل المنطقة على المحك، إذ إن خروج اليونان سيشكل فشلا ذريعا وخطأ جماعيا للمجموعة الأوروبية التي تكافح لتفادي ذلك. من جانبها، أكدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد أن من الضروري إعادة هيكلة ديون اليونان، في وقت تجري فيه مفاوضات بين أثينا والأوروبيين حول مصير هذا البلد، وقالت لاغارد في مؤتمر بواشنطن: «إن إعادة هيكلة الدين تشكل في رأينا ضرورة في حالة اليونان»، وذلك في تناقض مع موقف الأوروبيين الرافض لهذا الخيار حتى الآن. ورغم تخلف اليونان عن السداد لصندوق النقد يوم 30 يونيو الماضي، أكدت لاغارد أن الصندوق يبقى «ملتزما» بهذا الملف، وقالت: «نبقى ملتزمين بالكامل بهدف التوصل إلى حل». ويواجه رئيس وزراء اليونان ألكسيس تسيبراس حشدًا معاديًا في أوروبا وموقفًا أسوأ من ذي قبل، رغم نتائج الاستفتاء الشعبي الرافض لشروط حزمة الإنقاذ الدولية، التي تمثل نصرًا له، وربما نتيجة الاستفتاء جاءت لتعكر صفو المزاج الأوروبي، كما أنه من المرجح أن يعمل المتشددون في أوروبا على إقصاء اليونان، حيث بدا واضحا أن هناك معسكرًا متشددًا ضد اليونان، ومعسكرًا يطالب بإبقاء اليونان في اليورو. وبالإشارة إلى أن مشكلة السيولة المالية تعتبر مشكلة كبيرة بالنسبة للسياح، حيث ألغى نحو 30 في المائة رحلاتهم السياحية إلى اليونان بسبب إغلاق المصارف، ووفقا للتعليمات الصادرة عن بعض الدول المؤسسات، فإن من أجروا حجوزات سابقة لقضاء الإجازة الصيفية باليونان، يواجهون الكثير من التحديات، وعلى رأسها ضرورة أن يحملوا أموالهم نقدًا للتعامل داخل الدولة، لأن بطاقات الائتمان أصبحت غير مقبولة تقريبًا لدى بعض الأماكن، وحتى عدد من محطات الوقود والمطاعم. يذكر أن إغلاق المصارف ووضع قيود على رؤوس الأموال، تسبب في معاناة كبيرة للشعب اليوناني والقادمين إليها، فهم لا يستطيعون الحصول على الأموال النقدية اللازمة، بالإضافة إلى مشكلات في الشراء بالبطاقات الائتمانية، وعدم استطاعة تحويل الأموال، وصعوبة شراء تطبيقات لأجهزة المحمول «آيفون» و«آيباد»، ووقف الشراء عبر الإنترنت، وعدم سداد إيجار المنازل، وعدم شراء أو بيع الأسهم لإغلاق البورصة، والنقص في السلع الغذائية ونقص الأدوية في الصيدليات والمستشفيات. وفي اتصال هاتفي لرئيس المجلس الأوروبي إلى رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس، أعرب دونالد تاسك عن أمله في أن تكون المقترحات اليونانية ذات مصداقية وواقعية، مشيرا إلى أنه في هذه الحالة يجب أن تحمل مقترحات المقرضين إعادة هيكلة الديون، قائلا: «عندها فقط سيكون لدينا حالة من (الفوز) للجانبين». من جانبه، ذكر متحدث باسم وزارة المالية الألمانية أنه سيكون من الضروري التفكير في خيارات أخرى في حالة عدم توصل اليونان ودائنيها الأوروبيين إلى اتفاق بحلول يوم الأحد، لبدء المحادثات بخصوص برنامج إنقاذ ثالث، وقال المتحدث مارتن ياجر خلال مؤتمر صحافي: «ما لم نتوصل إلى حل في هذا الخصوص بنهاية الأسبوع، أي بحلول الأحد، فقد يكون من الضروري أن نفكر في تصورات أخرى»، وقال ردا على سؤال عن احتمال خروج اليونان من منطقة اليورو إن الحكومة الألمانية مستعدة لكل التطورات المحتملة. في غضون ذلك، دعت حركة «باقون في أوروبا» إلى مظاهرة حاشدة في وسط العاصمة أثينا مساء أمس (الخميس)، وجاءت الدعوة على مواقع التوصل الاجتماعي لجميع المواطنين بغض النظر عما صوتوا في استفتاء يوم الأحد الماضي، وقال رئيس الحركة: «نحن نعيش في أوروبا ولا يوجد أي تفاوض حيال هذا الأمر». وأضاف: «بلدنا على حافة الهاوية، واللحظات المقبلة مهمة جدا لرسم مستقبل البلاد وعلى الجميع مسؤوليات ضخمة تجاه التاريخ، وليس لدينا الحق في السماح لتضيع أكبر عملية تضامن ديمقراطي بحلول نهاية العقد في ظل الحروب الدائرة، وليس لدينا الحق في العودة إلى الماضي لأن بعض الجهات تريد الاحتيال على اليونان وشعبها».
مشاركة :