عدن - صعّد “تيار الدوحة” في الحكومة اليمنية هجومَه الإعلامي والسياسي على التحالف العربي واتهامه بفرض وصاية على القرار اليمني، بالتزامن مع تحركات مشبوهة تقوم بها ميليشيات في محافظتي تعز وشبوة بهدف فرض سيطرتها على المحافظتين وتعزيز نفوذ المشروع القطري التركي في المشهد اليمني. وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب” إن هذا التصعيد على علاقة بالجهود التي يبذلها التحالف العربي بقيادة السعودية لتصويب مسار “الشرعية” وإصلاح مؤسساتها والسعي نحو تشكيل حكومة جديدة بناء على اتفاق الرياض الموقّع بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي في نوفمبر 2019. ويخشى “تيارُ الدوحة”، وفقا للمصادر، نجاحَ المشاورات التي ترعاها الرياض بين الحكومة والانتقالي في فرض معادلة جديدة تنهي نفوذ التيار المعادي للتحالف وتوجه طاقات “الحكومة الجديدة” نحو مواجهة الميليشيات الحوثية. وبحسب مصادر “العرب” ترعى الحكومة السعودية منذ أيام حوارا واسعا في العاصمة السعودية الرياض بمشاركة جميع القوى والمكونات في المعسكر المناوئ للانقلاب، بحضور هيئة رئاسة مجلس النواب والهيئة الاستشارية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي ومشاركة ممثلين عن التحالف، بهدف التوصل إلى خارطة طريق لتنفيذ اتفاق الرياض والشروع في تنفيذ الشق السياسي منه، وفي مقدمة ذلك التوافق على تسمية محافظين ومدراء أمن للمحافظات الجنوبية، ورئيس وأعضاء الحكومة القادمة. وفي محاولة وصفت بأنها تهدف إلى إفشال جهود التحالف في هذا السياق، استبق سياسيون يمنيون محسوبون على جماعة الإخوان وتيار قطر الأنباء المتداولة عن قرب توافق الأطراف على تسمية الحكومة القادمة باتهام التحالف العربي بفرض وصايته على القرار اليمني والتبشير بفشل الحكومة القادمة. وفي تغريدة له على تويتر، قال نائب رئيس مجلس النواب اليمني المقرب من الدوحة، عبدالعزيز جباري إن “المصلحة الوطنية تقتضي تكليف شخصية وطنية من إقليم حضرموت لتشكيل حكومة جديدة”. وأضاف “فرض شخصية من قبل جهة غير يمنية يعني أن الشرعية بكل مكوناتها أصبحت لا حول لها ولا قوة وعلى الشعب اليمني أن يدرك هذه الحقيقة”. ويترافق التصعيد السياسي والإعلامي الذي يقوده إخوان اليمن داخل “الشرعية”، مع آخر عسكري مدعوم من قطر، في محافظتي شبوة وتعز اللتين تشهدان بحسب مصادر متعددة حراكا مشبوها لعناصر مسلحة تتلقى تمويلها من النظام القطري بهدف إرباك المشهد اليمني وإفشال مساعي التحالف العربي لتنفيذ اتفاق الرياض ومعالجة الاختلالات السياسية والعسكرية في مؤسسات “الشرعية”. وفي شبوة يواصل صالح الجبواني، وزير النقل المستقيل، فتح المعسكرات واستقبال المجندين وتسليحهم بعد تلقينهم عقيدة قتالية معادية للتحالف العربي وموالية لقطر وتركيا، وفقا لمصادر محلية في مدينة “عتق”، حيث تم افتتاح أولى معسكرات الجبواني، بالتوازي مع نشاط مماثل لميليشيات إخوانية يقودها حمود سعيد المخلافي في محافظة تعز. وأكدت مصادر سياسية مطلعة في تعز اتخاذ جماعة الإخوان قرارا باكتمال السيطرة على المحافظة والانتشار في منطقة “الحجرية” جنوب تعز التي شهدت اشتباكات مسلحة في أعقاب سعي ميليشيات تابعة لحمود المخلافي إلى مهاجمة مواقع عسكرية في “التربة” تابعة للواء 35 مدرع الذي تم اغتيال قائده العميد عدنان الحمادي بعد اتهامه بالعمل لصالح التحالف العربي ورفض تمدد المشروع القطري التركي في المحافظة. وتشير المصادر إلى أن هذا الانتشار العسكري في جنوب تعز يهدف إلى الاقتراب من محافظتي لحج وعدن والساحل الغربي وفتح جبهات لاستهداف المقاومة الجنوبية والمقاومة اليمنية المشتركة في الوقت الذي ما زال فيه الحوثيون يسيطرون على أجزاء واسعة من مدينة تعز مركز المحافظة، في ظل حالة هدنة غير معلنة بين الإخوان والحوثيين. وتزامن الانتشار العسكري الذي جاء دون موافقة محافظ تعز نبيل شمسان، مع تظاهرات أخرجها الإخوان في تعز للتنديد بالتحالف العربي ورفع شعارات معادية للتحالف ومطالبة بالتدخل التركي في اليمن. وفي بيان لها، الأربعاء، حذرت أحزاب يمنية في محافظة تعز من تداعيات الأحداث الجارية في مدينة التربة ورفض قائد الشرطة العسكرية تنفيذ توجيهات المحافظ ورئيس اللجنة الأمنية بسحب الحملة العسكرية من التربة. واستنكر البيان الذي وقعه التنظيم الناصري والحزب الاشتراكي وحزب البعث “هذه التصرفات التي من شأنها تأجيج الوضع”، مشيرا إلى أن “ما يبعث على الاستهجان تكرر حالة رفض توجيهات محافظ المحافظة على الرغم من أن الأحزاب السياسية قد وقعت منذ عام على اتفاق يتضمن احترام قرارات السلطة المحلية ويؤكد على أن محافظ المحافظة هو مصدر القرار للأجهزة المدنية والأمنية والعسكرية”. ووصف البيان “استمرار حالة التحشيد العسكري إلى مدينة التربة والمصحوب بتحريض إعلامي ممنهج” بأنه “إمعان في الفوضى وتقويض لعوامل الثقة بين مختلف المكونات السياسية والاجتماعية بتعز، وتأجيج للصراعات العبثية التي لن تصب إلا في خدمة الميليشيات الانقلابية”. وحذر مراقبون من استمرار تجاهل النفوذ القطري ومن خلفه الأجندات التركية في المناطق المحررة، عبر استخدام أدوات في “الشرعية” موالية للدوحة تعمل على تحويل بعض المحافظات المحررة إلى مناطق معادية للتحالف العربي، عبر ترويج الشعارات السياسية التي تصف التحالف بالاحتلال، في مقابل التهيئة للتدخل التركي، واستمرار بناء الميليشيات التي لا تدين بالولاء للحكومة الشرعية. وأجمعوا على أن المشروع القطري التركي في اليمن وجد بيئة مناسبة في محافظة تعز التي يهيمن عليها الإخوان بشكل كلي، في الوقت الذي يشهد فيه هذا المشروع مقاومة من قبل القبائل اليمنية في محافظة مأرب، بينما لا تزال ملامح هذا المشروع تتشكل ببطء في محافظة شبوة التي يعول عليها الإخوان نظرا إلى موقعها الجغرافي على بحر العرب.
مشاركة :