في ذكرى رحيل العظماء

  • 7/4/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

شهد الأسبوع الأخير من شهر يونيو ذكرى رحيل ٣ أسماء كانت وستظل ما قدمته من إبداعات حاضرة في ذاكرة السينما والجماهير، في مقدمتهم أبو الواقعية في السينما المصرية المخرج صلاح أبو سيف، والمخرج عاطف الطيب والذى حمل مع بعض جيله لواء تجديد دماء "الواقعية" في السينما لدرجة أن عددا من النقاد وصفوه بالابن البار لأبوسيف والذى استكمل مسيرته، وأخيرا السندريلا واحدة من أجمل الفنانات التى مررن على شاشة السينما فسكنت قلوبنا رغم غيابها الطويل.هذه الأسماء وغيرها ستظل علامات في تاريخ السينما تؤكد عظمة القوه الناعمه التى ميزت مصر عن غيرها من البلدان العربيه، ما دفع كل موهبه تسعى لأن تبدأ مشوار نجوميتها من هوليود الشرق القاهرة أم الفنون.من بوابة المونتاج دخل أبو سيف للسينما، تتلمذ على يد المخرج كمال سليم رائد الواقعيه في السينما المصرية، إلا أن أبو سيف نجح في أن تكون له بصمته الخاصة، ليس على مستوى الشكل واللغة السينمائية فحسب ولكن على مستوى المضمون أيضا، حيث رصدت أفلامه الكثير من التحولات الاجتماعيةالتى شهدتها سنوات الخمسينيات والستينيات أو ما تلاها سواء التى ترتقى بقيمة العمل مثل "الأسطى حسن" أو التى تساند المرأة في مطالبتها بالحرية والمساواة مع الرجل كما في "أنا حرة"، أو تلك التى تجول في الشوارع والحارات الشعبيةترصد وتحلل ما كانت عليه الأحوال أو ما آلت إليه الأمور كما في "الفتوه"، "القاهرة ٣٠"، "بداية ونهاية"، "الزوجه الثانية"، "شباب امرأة"، "لا تطفئ الشمس"، "البدايه" وأفلام أخرى كثيرة نحو (٤٠ فيلما) منحته مكانة مميزة على خريطة السينما المصرية ونال عنها العديد من الجوائز سواء من مهرجانات عالمية أوعربية ومحلية، إضافة لأن معظمها تم اختيارها ضمن قائمة أفضل مائة فيلم في السينما المصرية مثل "شباب امرأة"، "بداية ونهاية"، "الفتوه"، "الزوجه الثانية"،"أم العروسه"،"القاهرة ٣٠"، "ريا وسكينة"، "السقا مات" و"أنا حره".من بين مخرجى سينما الثمانينيات من القرن الماضى برز اسم المخرج عاطف الطيب والذى قدم ٢١ فيلما خلال ١٢ عاما فقط هى كل عمره الفنى، ولكنها كانت كافية لمنحه حضورا لافتا ليس فقط بين أبناء جيله ولكن في ذاكرة السينما وعشاقها حتى أن المخرج الراحل صلاح أبو سيف صرح في أحد حواراته أن الطيب هو الأقرب لمشاعره، وأنه عندما يشاهد بعض أفلامه يشعر وكأنه هو الذى أخرجها. وليس أبو سيف وحده الذى استوقفته أفلام الطيب وأشاد بها ولكن أيضا المخرج الراحل أشرف فهمى هو الآخر اعترف في أحد حواراته بأن الطيب أبرز مخرجى جيل الثمانينيات الذى تستوقفه أفلامه مبررا ذلك لكونه الأكثر تواصلا مع الناس.المؤكد أن الطيب لم يكن مجرد مخرج موهوب واعد فحسب ولكنه تحول مع الوقت لمخرج يذهب اليه الجمهور لمشاهدة فيلمه بغض النظر عن النجوم الذين يلعبون بطولة هذه الأفلام، ربما لأنه انحاز فيها للبسطاء وكل من عاشوا على هامش الحياة والسينما لسنوات طويلة، بدءا من "سواق الأتوبيس" ثانى أعماله والذى احتل رقم ٨ في قائمه أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما وحتى "ليلة ساخنة" الفيلم قبل الأخير في قائمة أفلامه، فرغم أن "جبر الخواطر" هو الأخير إلا أنه رحل قبل أن يضع لمساته الأخيره عليه وتولى مونتير الفيلم أحمد متولى استكماله. الطيب والذى تعامل مع السينما بوصفها رسالة اجتماعية وليس وسيلة للتسلية رغم تقديمه للكوميديا كما في "الدنيا على جناح يمامه" ولكنها أيضا لم تخلو من قيمة ومعنى، ورغم نجاحه الباهر في "سواق الأتوبيس" لم يتوقف عنده وواصل طرح أفكاره وانحيازاته كما في محطات أخرى مهمة مثل "البرىء" والذى أثار حينها جدلا كبيرا عام ١٩٨٦ حيث تم الاعتراض عليه من قبل وزارتى الحربية والداخلية معا وأصرتا على تغيير نهايته، ورغم ذلك بقى الفيلم في أذهان الجماهير، ليس فقط لقيمة ما طرحه ولكن لكونه تحول لنبوءة بعد أحداث الأمن المركزى.وليس "البرىء" فقط الذى تحول لأيقونه فمن يمكن أن ينسى أفلامه البديعة ومنها "الحب فوق هضبة الهرم"، "الهروب"،"كتيبة الإعدام"، "دماء على الأسفلت" وغيرها من الأعمال التى كشف فيها الكثير من عورات المجتمع.أما "السندريلا" فلم تكن مجرد ممثلة تؤدى بإتقان الدور الذى عهد لها، والذى أهلها مع غيره من أدوارها وعن استحقاق لتكون "المهرة" الرابحه في صناعة السينما المصرية، ولكنها عرفت كيف تنفذ بروحها لجمهورها حتى في الأفلام الخفيفه التى قدمتها في بداية مشوارها أو خلال مراحل منه، فمع كل دور كانت تذوب في تفاصيله، تحكم قبضتها على جوهر الشخصية وروحها، والغريب أنها فعلت كل ذلك بتلقائية وفطرة معتمده فقط على موهبتها القادرة على التقاط روح الشخصية من بين السطور فهى لم تدرس الفن دراسة أكاديمية ورغم ذلك كانت واحدة من أجمل نجمات السينما المصرية.

مشاركة :