مَن عرف الأستاذ فهد العبدالكريم - رحمه الله - عرف أنه رجل من طراز مختلف بدماثة أخلاقه وكريم طبعه وأصالة معدنه، رجل لا تمل من الحديث معه وإليه، يجذبك بروح أقرب إلى الشفافية منها إلى أي شيء آخر، لا شيء يخفيه، فما في قلبه ينطق به لسانه دون مداهنة أو مواربة دون أن يجرح أحداً، لم نسمع يوماً شخصاً اشتكى من سوء تعامل أو من إجحاف حق، فالكل عنده سواسية إذا أدوا عملهم على الوجه الذي يليق بـ»الرياض». عرفت أبا يزيد - رحمة الله عليه - عندما كان «يمامياً»، كانت علاقة احترام متبادل بين زميلين يعملان في المجال ذاته في مؤسسة صحافية واحدة في مطبوعتين تختلفان عن بعضهما، فهو قد اختار اليمامة كمجلة أسبوعية، واخترت «الرياض» كصحيفة يومية، كنا نلتقي مصادفة، نعرف بعضنا البعض دون أن تكون هناك علاقة مباشرة، ولكن الأمر اختلف عندما تم تكليفه بالعمل كرئيس لتحرير «الرياض»، وتم تعيني والزميل عادل الحميدان نائبين لرئيس التحرير، هنا بدأت العلاقة المباشرة مع الأستاذ فهد العبدالكريم، ثم التعامل عن قرب، وجدته شخصاً منفتح العقل والقلب، نقي السريرة، وسطي التدين دون إفراط أو تفريط، محباً لعمله منسجماً مع محيطه بضمير مرتاح، كان العمل بالنسبة للأستاذ فهد أمراً مختلفاً في بداية الأمر، فالعمل في صحيفة يومية يختلف تمام الاختلاف عن العمل في مجلة أسبوعية، وإن كان يجمعهما أنهما من فنون الصحافة، لكن ذلك لم يكن عائقاً بالنسبة له، فالفكر المستنير قابل للترجمة رغم اختلاف الوسيلة، وهذا ما كان، خاصة أنه - رحمه الله - من أبناء المهنة المحبين المخلصين لها، لم يمض وقت طويل حتى اندمج في طبيعة العمل اليومي بكل تفاصيله الدقيقة، فمسؤولية رئاسة تحرير صحيفة كصحيفة «الرياض» بما لها من مكانة مرموقة تم بناؤها عبر سنوات طويلة ليس بالأمر السهل أبداً، فهي مسؤولية لا يتصدى لها إلا من كان ذا مواصفات خاصة لا تتوافر في أي كان، ولكنها توافرت في أبي يزيد، فكان خير من يمثل روح المسؤولية الحقة في تبوؤ هذا المنصب عن جدارة واستحقاق، فكان أن خطت «الرياض» خطوات أقل ما يقال عنها إنها خطوات كبيرة عززت من مكانتها وأكملت أداء رسالتها خلال قيامه بمسؤولية رئاسة التحرير. رحم الله الأستاذ فهد بن راشد العبدالكريم، وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه وألهمنا وكل محبيه الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.
مشاركة :