أكدت معالي سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة دولة للعلوم المتقدمة قائد الفريق العلمي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» أن «مسبار الأمل» يعكس رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتمكين العقول المبدعة والعلماء والكوادر الوطنية الموهوبة لتتحدى المستحيل وتواجه مختلف الظروف وتحولها إلى فرص نوعيّة لخدمة الإنسانية، مشيرة إلى أن المسبار يحمل الطموحات الإماراتية والعربية ويمثّل رسالة إيجابية لدول العالم بأن القادم أفضل. جاء ذلك، في حوار خاص أجرته «الاتحاد»، مع معالي سارة الأميري تناول مستجدات مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، والمراحل النهائية التي يجري العمل فيها استعداداً لإطلاق المسبار في رحلته إلى الكوكب الأحمر. ويمثل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ أحد أكبر المشروعات العلمية العالمية التي أنجزتها دولة الإمارات، بهدف نقل المعرفة وتدريب أجيال من العلماء والباحثين الإماراتيين، ورفد المجتمع العلمي بأبحاث جديدة تطوّر مهارات المستقبل، وتفتح آفاقاً مختلفة للعلوم، لذا تم إطلاق برنامج تطوير العلماء والباحثين في مجالات علوم الفضاء لتصميم أدق أجزاء «مسبار الأمل»، وسيستمر البرنامج حتى نهاية مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، ويعمل عليه 10 باحثين إماراتيين مع نخبة من أبرز العقول العلمية، وأفضل العلماء في مجال علوم المريخ واستكشافه، بما يسهم في إجراء أبحاث جديدة والخروج باكتشافات علمية اعتماداً على البيانات العلمية التي يجمعها «مسبار الأمل»، وتقديمها للمجتمع العلمي الإماراتي والعالمي، ليتم دراستها والبناء عليها في المشروعات المستقبلية. وقالت معالي وزيرة دولة للعلوم المتقدمة: أطلقت دولة الإمارات العديد من البرامج والمبادرات العلمية لإعداد وتأهيل الكفاءات الإماراتية والكوادر الوطنية الشابة، وتحفيزهم للدخول إلى مجال العلوم والأبحاث العلمية لتسهم بشكل فاعل في مسيرة دولة الإمارات لتصبح أفضل دولة في العالم بحلول مئويتها، وإنشاء قاعدة علمية معرفية تقود الجهود البحثية في المنطقة، حيث أُطلقت أجندة الإمارات للعلوم المتقدمة 2031 بهدف تمكين العلماء والعقول المبدعة في الدولة. وتابعت معاليها: توفر البرامج والمبادرات الأدوات المناسبة للكوادر الوطنية بهدف استقطابهم وتوفير الإمكانات لهم ليتمكنوا من تحويل الأبحاث العلمية إلى واقع، يسهم في مسيرة التنمية المستدامة في الدولة وتبني التقنيات الحديثة لتوفير الحلول المستقبلية، وتقديم إجابات لمختلف التساؤلات في المجتمع العلمي بما يعكس منهجية دولة الإمارات في العمل. ونجح مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ منذ إطلاقه قبل نحو ست سنوات في إشراك أكثر من 60 ألف طالب ومعلم وأكاديمي في البرامج التثقيفية والتعليمية، وسيعمل على نقل المعرفة لشريحة أكبر من الكوادر الوطنية المهتمة بالعلوم، والتي تحمل شغف إجراء أبحاث جديدة تثري المجتمع العلمي الإماراتي. وحول أبرز مستجدات مشروع «مسبار الأمل» وتجهيزات عملية الإطلاق قالت معاليها: خلال فترة الإعداد لإطلاق المسبار في 15 يوليو المقبل، تمكن فريق «مسبار الأمل» من إجراء عدد من العمليات الحساسة التي تطلبت دقة وكفاءة عاليتين، إذ تم الانتهاء من تعبئة المسبار بنحو 700 كيلوغرام من وقود الهيدرازين، وهي عملية حساسة تحتاج إلى توخي أقصى درجات الأمن والسلامة، لحساسية هذا الوقود الذي سيمد المسبار بالطاقة اللازمة خلال رحلته التي تستغرق 6 أشهر، وصولاً إلى كوكب المريخ. وأَضافت معاليها: انتهى فريق المسبار من التأكد من سلامة وصحة أنظمة الدفع، ونظام الطاقة، وأجهزة الاتصال الخاصة التي تم تطويرها بأعلى درجات المهارة خلال السنوات الماضية، للوصول إلى هذه اللحظة، وسيتم إجراء اختبارات أخرى بسيطة بعد تثبيت المسبار على الصاروخ الذي سيحمله إلى وجهته، خلال الفترة المقبلة استعداداً لبدء رحلته. وحول التغلب على تحديات انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» ومواصلة عمليات تصميم وتنفيذ المسبار ليتم إرساله للفضاء في 15 يوليو 2020 قالت معاي سارة الأميري: واجه العالم خلال الأشهر القليلة الماضية عدة تحديات أدت إلى إغلاق العديد من المجتمعات والجهات الحكومية والمؤسسات الخاصة، وتوجه عدد من الدول إلى مواجهة تحدي «كوفيد-19» داخلياً، وإغلاق الحدود ووقف حركة الطيران، إلا أن الفريق استعد لهذه التحديات من خلال إعداد خطة مدروسة بعناية لنقل المسبار من دولة الإمارات إلى اليابان، والتخطيط لهذه العملية بما يتناسب مع الظرف الحالي الذي يمر به العالم، وكان لابد من التعديل على الخطة الأولية التي تم الإعداد لها منذ نحو عام كامل، التزاماً منا تجاه دولة الإمارات والمنطقة والمجتمع العلمي بإنجاز هذا الحدث التاريخي العربي في الموعد المحدد. وتابعت معاليها: إن الظروف الحالية التي يمر بها العالم تطلبت عمل ضعف عدد المهندسين لإنجاز الاستعدادات الأخيرة في عملية نقل المسبار، إذ تطلبت سفر المهندسين إلى اليابان قبل الموعد المحدد بثلاثة أسابيع، التزاماً منا بالإجراءات الاحترازية المتبعة في اليابان والتي تفرض الدخول في الحجر الصحي والتأكد من صحة وسلامة أعضاء الفريق، إضافة إلى فريق خاص رافق مسبار الأمل على متن طائرة النقل لضمان سلامته، كما تم إعداد فريق احتياطي خاص في الدولة حتى وقت الإطلاق للاهتمام بالتفاصيل الدقيقة النهائية. وقالت وزيرة دولة للعلوم المتقدمة: تمت عملية نقل المسبار بنجاح كبير، ووصل إلى وجهته وفق الجدول الزمني المعتمد بفضل الجهود الداعمة التي بذلتها الجهات الحكومية المختلفة، وهي: وزارة الخارجية والتعاون الدولي، والهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، والهيئة العامة للطيران المدني، والقيادة العامة لشرطة دبي، مركز التحكم والسيطرة لمكافحة فيروس كورونا للهيئة الوطنية للكوارث، طيران الإمارات، وسفارة دولة الإمارات في اليابان، إضافة إلى سفارة اليابان في الإمارات، في رحلة امتدت لأكثر من 83 ساعة، تم فيها تجاوز كل التحديات الراهنة التي فرضها فيروس «كورونا المستجد» في العالم. وشملت رحلة نقل المسبار من إمارة دبي إلى جزيرة تانيغاشيما ثلاث مراحل رئيسية، تضمنت تدابير علمية وإجراءات لوجستية بالغة الدقة، بما يضمن إنجاز عملية نقل المسبار بصورة مثالية وبحسب المخطط. وأكدت معاليها أن نقل «مسبار الأمل» إلى اليابان، استعداداً لإطلاقه نحو الكوكب الأحمر، شكل التحدي الأكبر، إذ كان يجب ضمان استمرارية العمل رغم الظروف العديدة التي تمر بها دول العالم في ظل التحديات الصحية لـ«كوفيد- 19»، والتحديات اللوجستية التي تركزت في إغلاق المدن ومنع السفر، إضافة إلى المحافظة على صحة أعضاء الفريق في مختلف الظروف، ولنتخطى هذه التحديات اعتمدنا خططاً استراتيجية للاستعداد لمختلف السيناريوهات وتهيئة الظروف لإطلاق المسبار، عبر تقسيم الفريق إلى قسمين، الأول في المحطة الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء، بانتظار إطلاق المسبار في مساره ومتابعة المستجدات، إضافة إلى الفريق الذي سافر مع المسبار والموجود الآن في جزيرة تانيغاشيما في اليابان، لإجراء آخر الاختبارات والاستعدادات لعملية الإطلاق. وتابعت معالي سارة الأميري قائلة «يعمل مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل»لإعداد دراسة شاملة، هي الأولى من نوعها لمناخ الكوكب الأحمر، للمساهمة في تقديم إجابات دقيقة على الأسئلة الرئيسة التي يطرحها المجتمع العلمي حول الغلاف الجوي للمريخ وطبقاته المختلفة على مدار اليوم وخلال كافة الفصول، وعند وصول المسبار إلى مساره العلمي المحدد بحلول اليوبيل الذهبي لدولة الإمارات في 2021، سيبدأ في تزويد العلماء ببيانات علمية جديدة واكتشافات مختلفة تقدم فهماً أعمق لأسباب تآكل الغلاف الجوي والتغيرات المناخية المرتبطة، التي نتج عنها تحول المريخ من «كوكب رطب» يشابه في تركيبه كوكب الأرض، إلى الصورة المغايرة لها ليصبح كوكباً جافاً، وذلك من خلال بيانات ومعلومات شاملة ومتاحة لأكثر من 200 جهة علمية وبحثية حول العالم». وأضافت معاليها: يعمل المسبار الذي طوّره أبناء الإمارات على دراسة العناصر الأساسية لنظام الطقس على المريخ وتقديم صورة شاملة للعلماء من خلال رصد حركة بخار الماء والغبار والغيوم الجليدية في الطبقة السفلية للمريخ، وفهم دور تغير حركة الغبار ودرجات الحرارة وبخار الماء في تآكل الغلال الجوي، إضافة إلى دراسة تسرب الهيدروجين والأكسجين من الغلاف الجوي للمريخ. ويحمل المسبار 3 أجهزة علمية دقيقة، هي المقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء، وكاميرا الاستكشاف، والمقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية لجمع وإرسال أكثر من 1 تيرابايت (ما يعادل 1000 غيغابايت) من البيانات التي ترصد للمرة الأولى إلى المجتمع العلمي حول العالم ودراستها أولاً بأول على مدى 4 سنوات من عمل المسبار حول مدار الكوكب الأحمر. أوضحت معالي سارة بنت يوسف الأميري أنه بعد انفصال المسبار عن صاروخ الإطلاق، سيتم تشغيل المسبار تلقائياً وفتح ألواحه الشمسية بما يضمن توليد الطاقة اللازمة للقيام بالمهام المختلفة، حيث سيتم استقبال الإشارة الأولى من المسبار للتأكد من صحة وسلامته، تمهيداً للبدء بمرحلة توجيهه نحو مساره حول المريخ التي تستمر 6 أشهر، يحمل فيها المسبار إنجازات الكوادر الإماراتية الشابة، وتطلعات شباب المنطقة إلى مستقبل أفضل، وصولاً إلى المسار المحدد في فبراير 2021 ومن ثم البدء في دراسة الغلاف الجوي للكوكب الأحمر وإرسال البيانات العلمية لدراسة مناخ المريخ إلى المحطة الأرضية في الدولة، ليتمكن فريق مشروع مسبار الأمل من دراسة البيانات ونشرها وتوفيرها للعلماء حول العالم.
مشاركة :