الحمد لله رب العالمين . والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين ورحمة الله للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد :- · فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال :- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا .(البخاري) · ففي هذه الوصية يوصينا النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء فيقول :- أوصيكم بالنساء خيرا فصدر النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالسين والتاء اللتين تفيدان الطلب الموجه منه صلى الله عليه وسلم إلى المكلفين على العموم . · فالإسلام قد كرم المرأة لذلك أوصانا بها النبي صلى الله عليه وسلم في وصايا أخرى فقال في حجة الوداع ( واستوصوا بالنساء خيرا، فإنما هن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع ) فتعالوا بينا ننظر إلى حال المرآة في عصر ما قبل الإسلام . ففي هذا العصر لم تلق المرآة التكريم اللائق بها . ظلمت كثيرا وسبب ذلك ؟ لأنها كانت أحقر شيء عندهم لذلك كانوا يبغضونها ومن أبرز مظاهر هذا البغض شيء في الجاهلية كان يسمى بوأد البنات :- كانوا يقتلون البنات أحياء وقد سجل الله تبارك وتعالى في كتابه ذلك الأمر فقال في سورة النحل ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم . يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) بل إن القرآن الكريم أخبرنا بأن الموءودة سوف تسأل يوم القيامة عن سبب وأدها فقال الله تبارك وتعالى في سورة التكوير ( وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت ) فالرجل في الجاهلية كان يهجر زوجته التي لا تنجب البنين وكان يتزوج بامرأة أخرى من بنات جيرانه فتقوم المرأة وتقول لابنتها ما لأبى حمزة لا يأتينا يظل في البيت الذى يلينا غضبان أن لا نلد البنين تالله ذلك ما في أيدينا ونحن كالأرض لزارعينا ننبت ما قد زرعوه فينا فكانوا يئدون البنات لخوف الفضيحة والعار . ولفقرهم . وحينما تأخذهم حمية الجاهلية وها هو النبي صلى الله عليه وسلم كان بين يديه رجل مغموم . فقال له النبي مالك تكون محزونا ؟ فقال الرجل يا رسول الله إني قد أذنبت ذنبا في الجاهلية فأخاف ألا يغفره الله لي وإني أسلمت فقال له النبي أخبرني عن ذلك ؟ فقال الرجل يا رسول الله إني كنت من الذين يقتلون بناتهم فولدت لي بنتا فتشفعت لي امرأتي أن أتركها فتركتها حتى كبرت وصارت من أجمل النساء . فخطبوها . فدخلتني الحمية ولم يحتمل قلبي أن أزوجها أو أتركها في البيت بغير زواج . فقلت لأمها :- إني أريد أن أذهب إلي قبيلة كذا وكذا في زيارة أقاربي فابعثيها معي . فسرت بذلك وزينتها بالحلى والثياب وأخذت على المواثيق بألا أخونها . فذهبت بها إلى رأس بئر فنظرت في البئر ففطنت ابنتي أني أريد أن ألقيها في البئر . فالتزمتني وجعلت تبكي وتقول :- يا أبت أي شيء تريد أن تفعل ؟ فرحمتها . ثم نظرت للبئر فدخلت على الحمية فإذا بها تقول :- يا أبتي لا تضيع أمانة أمي . فجعلت أنظر إلي البئر وأرجع حتى غلبني الشيطان فأخذتها فألقيتها في البئر وهى تنادي على وتقول :- يا أبتاه قتلتني ، يا أبتاه قتلتني ، فمكثت حتى انقطع الصوت ورجعت . فبكى رسول الله وأصحابه ثم قال :- لو أمرت أن أعاقب أحدا بما فعل في الجاهلية لعاقبتك .. · فتأملوا كيف كانوا يئدون البنات بطريقة بشعة كلها عنف وغلظة . وبعد هذا الأمر لم تكن المرأة ممتهنة على وأدها فقط بل وصل الأمر إلى حياتها الاجتماعية فكانت تحرم من الميراث ، وتتزوج بلا مهر ، وكان الرجل يعدد الزوجات حسب مشيئته ، وكان يجتمع عليها الرهط ( وهم ما دون العشرة ) كانوا يدخلون عليها جميعا وإذا حملت ووضعت أرسلت إليهم حتي يجتمعوا عندها فتقول لهم :- قد عرفتم ما كان من أمركم ، وقد وضعت ، فهو ابنك يا فلان وتسمي أحدهم ثم يلحق بها ولدها ولا يستطيع الرجل منهم أن ينكر ذلك أو يمتنع عنه وهذا في الجاهلية كان يسمى بنكاح السفاح · وها هو رجل يزوج ابنته لرجل آخر على أن يزوجه الأخر ابنته أو أخته وهذا في الجاهلية كان يسمى بنكاح الشغار · وها هو رجل أخر يتزوج المرآة لمدة محددة ويتمتع بها طيلة المدة المتفق عليها وبعد ذلك تنتهى العلاقة بينهما وهذا في الجاهلية كان يسمى بنكاح المتعة · وها هو رجل أخر كان يأمر زوجته بعد طهرها من حيضها أن تذهب إلى فلان أو تدعو فلان وتستبضع منه ( أي يستمتع بها) ولا يقربها الزوج حتى يظهر حملها من الرجل الأخر الذى استمتع بها واستمتعت منه وكان هذا في الجاهلية يسمي بنكاح الإستبضاع · ثم يأتي رجلا أخر ويرتبط بامرأة ويعاشرها معاشرة الأزواج بدون عقد وكان هذا في الجاهلية يسمى بنكاح المخادنه · ثم يأتي الابن في الجاهلية بعد وفاة أبيه فيتزوج امرأة أبيه . وقد شاع ذلك في الجاهلية أنه إذا توفي الرجل عن زوجته وكان له ابن من غيرها فهذا الابن كان يرثها ، وله حق الاستماع بها بلا مهر ولا يتطلب هذا الأمر رضاها ، وكان له الحق أن يزوجها بما يشاء ومتى شاء وكيف شاء ، بل وكان يأخذ مهرها ، وله الحق أن يمنعها من الزواج حتى تموت وكان هذا في الجاهلية يسمى بنكاح المقت وفي الختام أقول:-إن هذا كله إن دل فيدل على :- أنهم في هذا العصر كانوا يبغضونها بغضا شديد . وكانت عندهم أحقر وأذل شيء . وقد ظلمت في هذا العصر ظلما كثيرا ، ولم تلق التكريم اللائق بها ..
مشاركة :