تحت عنوان حروف من نور افتتح أخيراً معرض فن الخط العربي بمشاركة مجموعة من الخطاطين من الإمارات والعالم العربي، الذين انتقوا للمعرض نصوصاً تعبر عن روحانية الشهر المبارك، وركزوا على هذا الجانب من خلال المواءمة بين المعنى واللون في الأعمال التي أضفت عليها الزخرفة بعداً جمالياً موازياً لجمالية امتداد اللغة بالقصب والحبر على الورق. حمل المعرض أنماطاً متباينة في عرض النصوص التي كانت تبرز هذا الفن الأصيل والكلاسيكي مع لمسات تبرز عناصر الحداثة في اللوحة. مجوهرات إلى جانب معرض الخط العربي، عرضت في الصالة مجموعة خاصة من المجوهرات التي تحمل خاصية العمل اليدوي. وتميزت المجموعة بكونها تجمع بين الألماس والأحجار الكريمة، الى جانب القطع التي صممت خالية من الأحجار، والتي اتسمت بكونها يومية وعملية وتميل الى الاستخدام اليومي. ويذكر ان المعرض خصص يومه الثاني للنساء فقط. افتتح المعرض، الذي يستمر حتى نهاية شهر رمضان، رئيس المجلس الوطني الاتحادي، محمد المر، وذلك في صالة عرض رولز رويس، حيث اجتمع فن الخط العربي مع فن السيارات. وأثنى المر في جلسة نقاشية بحضور الخطاطين المشاركين على وضع الفن في الامارات، مشيداً بالمعارض الضخمة التي تقام في مجال الفنون في الإمارات بدءاً من آرت دبي ووصولاً الى فن أبوظبي ومزاد كريستيز، والتي جعلت من الامارات ذات دور رائد في مجال الفنون مقارنة بالدول الأخرى في الخليج والعالم العربي. وأشار الى الاهتمام المتقدم في فن الخط العربي، منوهاً بارتفاع أسعار لوحات الخط العربي في تركيا بنسبة 70% في السنوات العشر الأخيرة. من جهته، قدّم الفنان الإماراتي خالد الجلاف ثلاثة أعمال تعرض للمرة الأولى، كونها تنتمي لمقتنيات شخصية، وحملت نصوصاً قرآنية، ومنها آية الكرسي. ولفت الجلاف الى انه اعتمد في اللوحات على الاسلوب الجديد الذي يقوم على الحداثة وارتباط اللون بالزخرفة، فكانت اسلامية تحمل الذهب مع الألوان الهادئة، الى جانب الزخرفة النباتية التي لا تغلب جانب الكتابة بل تمنح اللوحة الجمال والتكامل، مشيراً الى أن نوع الخط الذي استخدمه منحه القدرة على مده كالأبنية أو حتى الكوفي النيسبوري الذي يمنح الحروف الايحاء بكونها أوراق أشجار. وأكد ان اختياره للون يكون بالتناسب مع التصميم، منوهاً بأنه يمنح التصميم البنائي الألوان البنية التي تتناسب مع العمارة، بينما اللوحة التي تحمل الايحاء بالشروق جاءت ألوانها سماوية بدرجات الأزرق، في حين كانت الألوان هادئة في آية الكرسي، كونها من أعظم آيات القرآن الكريم، ولهذا كانت تحمل الكثير من الذهب في الزخرفة للدلالة على قدسية الآية وقيمتها الثمينة. وحول المعارض الخاصة بالخط، أشار الجلاف الى ان لوحة الخط تعيش عصرها الذهبي في الإمارات، فقد حظيت بدعم من المسؤولين والمهتمين، وكذلك يكرس هذا الفن من خلال المعارض السنوية التي باتت محطات ينتظرها الخطاطون وعشاق الخط، كما ان هناك جذباً لخطاطين من حول العالم، ومقارنة بدول عظيمة بدأ بها الخط منذ سنوات كمصر وسورية وتونس، فإن الإمارات تتقدم من حيث الاهتمام بهذا الفن، كون تلك الدول لم تنظم الا معارض قليلة متخصصة بفن الخط ومنذ سنوات، في حين ان الإمارات تقيم الدورات في هذا المجال، فباتت محط أنظار الخطاطين والمزخرفين. ونوه بأن للوحة الخط جمهورها، وتأخذ حظها بين الفنون، فهي ليست لوحة جمالية فقط بل لها بعد وطني، والناس يعرفون أنها فن عربي أصيلـ كما ان البيوت تزين بالخط اليوم. محمد عيسى خلفان، الخطاط الإماراتي الذي بدأ في الخط منذ أوائل الثمانينات، شارك بثلاث لوحات، وقال عن مشاركته، إن اللوحات التي قدمتها مكتوبة بخط الثلث الجلي، وقد حملت النصوص القرآنية بالبني والأسود مع الخلفية التي تحمل الهدوء والارتفاع في الكتابة، مشيراً الى كون الخط يقرأ من الأسفل الى الأعلى. ولفت الى ان بناء اللوحة يعتبر المرحلة المهمة لديه، فهي المرحلة التي تستغرق الكثير من الوقت قبل الوصول الى الشكل النهائي، مشدداً على ان ابراز شكل الحرف هو القاعدة الأساسية في عمله، بينما يشكل اختيار النصوص المرتبة الثانية، علماً أنه يميل الى اختيار النصوص المتعارف عليها في الكتابة، لأن في ذلك تحدياً لتقديم النص المكتوب مئات المرات بأسلوب جديد ومختلف. وأشار خلفان الى مشاركته في ملتقى رمضان لخط القرآن، والتي وصفها بكونها من أصعب المشاركات، لاسيما ان كتابة جزء من القرآن ليس بالأمر السهل، منوهاً بكون الامارات هي الدولة الأولى في العالم التي برز فيها الخط من خلال المسابقات والفعاليات الخطية والملتقيات. أما الخطاط الإيراني أوميد رباني، فقد شارك بلوحات مكتوبة بالخط الفارسي، مشيراً الى ان ما يميز الخط الفارسي هو الدوائر التي تحكم امتداد الحروف، حيث تخرج الكلمات بشكل مختلف عن الخطوط الأخرى، منوهاً بأن أساس هذا الخط مأخوذ من الدائرة، لذا فالالتواءات تتجلى فيه بشكل كبير. ولفت الى انه قدم شعر أبوالقاسم الشابي، وانه اعتمد على المزج بين الزخرفة والكتابة التي كانت بخط النستعليق، وأن اللوحة تحتل أهمية في الطرح، لأن التجديد في الخط يكون من خلال التركيب الشكلي للحرف. وشارك الفنان العراقي محمد النوري بلوحتين، فقدم في الاولى حديثاً للرسول، جامعاً أكثر من خط في اللوحة الواحدة، وأشار الى كونه أضاف الى نص وصف الرسول آية قرآنية، ووضعها حول النص. ورأى النوري أن اختياره للنصوص حمل روحانية شهر رمضان لاسيما أن الخط العربي يحمل الكثير من الجوانب الروحانية، لاسيما أن هذا الفن قوي ظهوره مع الاسلام، علماً أنه يعود الى مرحلة ما قبل الإسلام. ولفت الى أن الامارات تعد من أهم مراكز الجذب لفن الخط العربي، سواء لجهة المعارض أو المسابقات، وان لوحات الخط باتت قادرة على فرض نفسها، خصوصاً أن هذا الفن يحمل خصوصية الهوية العربية التي يجب المحافظة عليها ودعمها. ويستمر المعرض حتى نهاية الشهر في قاعة رولز رويس، الذي أكد المدير العام للشركة في دبي والشارقة والامارات الشمالية، ممدوح خيرالله، أن اختيار هذا الفن لعرضه في الصالة يتطابق في جودته مع فن صناعة السيارات التي يعرضونها، وهي صناعة مشغولة يدوياً، منوهاً بالسعي الدائم الى عرض كل ما يرتبط بالفن اليدوي. ولفت الى السعي لإدخال الخط العربي على السيارات، مشيراً الى أن الفكرة طرحت من أربع سنوات، ولكن في البداية لم يكن لدى رولز رويس المرونة لتقبل الفكرة، بينما اليوم بدأوا يتوجهون لتقديم رغبات الزبائن، لذا طرحت فكرة الكتابة بالخط العربي على الخشب، مبيناً وجود أنواع كثيرة من الخط، وبالتالي اليوم من الممكن كتابة الاسم على الخشب أو الجلد، لاسيما ان الخشب الذي يوضع في هذه السيارة يؤخذ من شجرة محددة من كاليفورنيا، وبالتالي فإن الكتابة على الخشب يجب أن تتبع شكلاً محدداً. واعتبر انه من المرجح أن تلقى هذه الفكرة رواجاً واستحباباً من قبل الزبائن.
مشاركة :