الأيام المتبقية من رمضان فرصة لتصحيح الأخطاء

  • 7/11/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تحدث د. محمد حسن المريخي، عن فضل العشر الأواخر من رمضان، في خطبة الجمعة أمس بجامع عثمان بن عفان بالخور. ونصح بتقوى الله تعالى وتقدير نعمته واغتنام أوقاته الفاضلة التي يتفضل بها علينا، لافتاً إلى الأيام العشرة المباركات، وليالي العشر الأواخر من رمضان المخصوصة بمزيد من الفضل والإحسان والمقام، مشيرا إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعاملها معاملة خاصة تختلف عن بقية أيام الشهر، ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره، وكان إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله.. وكان يخلط العشرين بصلاة وصوم ونوم فإذا كان العشر شمّر وشدّ المئزر، وكان يخصها بالاعتكاف ، فيلزم المسجد ويتفرغ للعبادة والطاعة، وكان أصحابه يعتكفون اقتداء به صلى الله عليه وسلم. وذكر د.المريخي أن شهر رمضان تقوّضت خيامه، وتصرمت لياليه وأيامه، فقرب رحيله وأزف تحويله وانتصب مودعاً وسار مسرعاً، فاستدركوا بقيته بالمسارعة إلى اغتنام المكارم والخيرات والفضائل والقربات في هذه الأيام والليالي الباقيات منه، فإنها أيام غر في جبين الشهر ، وليالي غر في جبين العمر مضت ليال غر بفضائلها ونفحات ربها، وأوشك باقيها على الرحيل وكأنها ضرب خيال، لقد قطعت بنا مرحلة من حياتنا لن تعود. أيام أخيرة وخاطب المصلين قائلاً: هذا هو شهركم وهذه هي أيامه الأخيرة، كم من أخ لكم استقبله فما استكمله، وكم من مؤمل أن يعود إليه فلم يدركه، إن عشركم هذه خزائن مليئة بالصالحات ورفيع الدرجات وإقالة العثرات وتكفير السيئات، وعتقاء النار وطالبي الفلاح والسعادات فانهلوا منها، واستخرجوا دررها ، وتعلقوا بحبل الله تعالى المدلى منها، استغلوا هذه الأيام بالطاعة ، وتفرغوا من شواغل الدنيا وابذلوا أنفسكم صلاة ودعاء وصدقاً وإخلاصاً لعلكم تنالون أو تنالكم رحمة الله وبركاته ، وفضائله ونفحاته ، سخروا أنفسكم عباد الله في هذه الليالي مصلين وقائمين وتالين لكتابه، فإنها ليال الفلاح والسعادة. كان رسول الله يطرق الباب على عليّ وفاطمة رضي الله عنهما يقول ( ألا تقومان فتصليان، يطرق الباب ثم يتلو قوله تعالى ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ) رواه أحمد والبخاري.ويتجه إلى حجرات نسائه آمراً ( أيقظوا صواحب الحجر فرب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة ) رواه البخاري. ودعا المسلمين لأن يعرفوا شرف زمانهم ويقدروا أفضل أوقاتهم ويقدموا لأنفسهم ولا يضيعوا فرصة في غير قربة ، مؤكداً أن إحسان الظن ليس بالتمني، ولكن إحسان الظن بحسن العمل، والرجاء في رحمة الله مع العصيان ضرب من الحمق والخذلان، والخوف ليس بالبكاء ومسح الدموع ولكن الخوف بترك ما يخاف منه العقوبة. تعديل المعوج واعتبر هذه الأيام المتبقية من رمضان فرصة لتصحيح الأخطاء، وتعديل المعوج، والتبرؤ من الذنوب والتعلق بحبل الله المتين، مشيراً إلى أن كل بني آدم خطاء، ولكن خيرهم التوابون العائدون إلى ربهم النادمون الذين يستغلون مثل هذه الأيام ويغتنمون مثل هذه الليالي ليعقدوا الصلح مع ربهم عزّ وجل ويعاهدوه على السير في مرضاته ومجانبة سخطه وغضبه. ونبّه إلى أن هذه الأيام والليالي، هي أيام العتق من النيران ، والنار غمسة واحدة فيها تنسي العبد نعيماً عاشه عشرات السنين بل يقسم العبد المنعم بعدما مسته غمسة من نار جهنم أنه ما مر عليه نعيم قط ، ونصح كل مسلم بأن يستشعر النار وعقوبتها وعذابها وحرها، ويتب إلى الله تعالى، ويسارع إلى أن يكون مع عباده الذين يدعونه خوفاً وطمعاً، مشددا على أن أن النجاة من نار الآخرة فوز عظيم شهد بذلك ربنا عز وجل فقال "فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز". ونبّه د.المريخي إلى أن أكبر البلاء أن يغفل العبد عن العمل الصالح والتوبة خاصة في هذه الليالي يغفل عن رحمات ربه التي تتنزل، والعتق والبراءة من النفاق والعذاب. ووصف الغفلة عن إنقاذ النفس وسلامتها بأنها ضياع ما بعده ضياع ، وتردٍ إلى أسفل سافلين، لهذا وصف الله تعالى الغافلين بأقبح وصف فجعل الأنعام أرفع درجة منهم فقال" ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها إن هم كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون" فافتح قلبك لما ينصح الله به العباد، والتفت إلى ما يهمك واحرص على ما ينفعك ، واصغ سمعك لقوارع القرآن والسنّة وحوادث الزمان. أعظم الليالي وأشار خطيب جامع عثمان بالخور إلى أن في العشر الفاضلات ليلة عظيمة من أعظم ليالي الدهر بل هي أعظم الليالي وأكرم الأوقات ذكرها الله تعالى وخصها بسورة تتلى في كتابه، إنها ليلة القدر ولا يخفى عليكم فضلها ومقامها ، أنزل الله تعالى فيها هذا القرآن العظيم تشريفاً لها وتعظيماً لوقتها ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ... ) ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ... ) إنها خير من عبادة ألف شهر ، تتنزل فيها الملائكة الكرام ومعهم كبيرهم جبريل الروح الأمين بالرحمات والخيرات والبركات يبشرون عباد الله المتقين ، وقتها كله سلام ورحمة وبركة ، بشر رسول الله الأمة أن من قامها يصلي ويدعو ربه غفرت ذنوبه ومحيت سيئاته ورفعت درجاته ، يقول ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) رواه البخاري ومسلم. وقال إن من فضل الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشترط رؤيتها لمغفرة الذنوب إنما اشترط قيامها إيمانا واحتسابا، ولو اشترط رؤيتها لكان ذلك شاقاً ولكن رحمة الله وبركاته بهذه الأمة المباركة، وزيادة في الفضل والفوز بها أرشد عن وقتها بل وحصرها في هذه الليالي العشر فقال ( تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ) رواه البخاري ومسلم. وأوضح المريخي أن الله تعالى قد أخفى علمها على عباده رحمة بهم ، ليكثر عملهم في طلبها في هذه الليالي بالصلاة والذكر والدعاء. وأشار إلى أن من تضييع الأوقات وتفويت العمر أن يتشاغل البعض بعلاماتها فلا ينشطون للصلاة والدعاء إلا إذا رأوا شيئاً هنا أو هناك أو قال فلان أو علان. أوقات فاضلة وحث د.المريخي على الإكثار من الدعاء في هذه الأيام والليالي، مشيرا إلى قول الله عز وجل: ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ).

مشاركة :