أميل دائماً لأكون حذراً في التعامل مع الدوائر الحكومية، بعد أن مررت كثيرا بمواقف كان فيها الموظفون في تلك الدوائر إما مشغولين جدا بطريقة لا تسمح لهم بإعارة الانتباه والاهتمام المطلوب لأفكاري ومشاريعي الاستثمارية، أو أنهم ببساطة لا يريديون أن يكلفوا أنفسهم أي عناء. ولكن، وخلال الستة اشهر الماضية لمست تغيرا إيجابيا كبيرا في تعاملي مع عدد من الوزرات، واسمحوا لي أن أعطي بعض الأمثلة. تواصلت مع السيد وزير الصحة بخصوص أمر عاجل في واحدة من المنشآت السياحية لدي، وبدأت الأمور تتحلحل في غضون دقائق فقط، وجرى استنثاء هذا الاستثمار من اللوائح، وجاء فريق من وزارة الصحة وقدم مقترحات عملية لتعديل الوضع القانوني لتلك المنشأة، ويجب أن أذكر هنا أيضا الوكيل المساعد للسياحة في وزارة الصناعة والتجارة وفريق عمله الذين سارعوا للرد على استفساراتنا، وأعطونا مختلف الإرشادات والنصائح لتصويب نهجنا وتحسين أدائنا. كان لي تجربة مماثلة مع وزارة البلديات، حيث كان مكتب وكيل الوزارة، والمدير العام، وغيره من كبار المسؤولين متعاونين بشكل فوري في تحديد مسار تلك المنشأة السياحية لتكون ممتثلة بشكل كامل للأنظمة والقوانين وتحقق أقصى فائدة ممكنة للاقتصاد البحريني. في السياق ذاته يمكن الإشارة إلى الشراكة الفاعلة بين الحكومة والقطاع الخاص لتوفير السكن لذوي الدخل المحدود، هذه الشراكة هي مطلب بل حلم تحول إلى واقع، ولمس الجميع فائدته، وفي هذا الإطار كنت أتعامل مباشرة مع مديرية التخطيط في وزارة الإسكان، حيث كان الرئيس التنفيذي وفريقه فعالين للغاية في تجاوز التحديات. هذا التعامل كان حول مشروع إسكان ذوي الدخل المحدود الذي أعمل على تنفيذه ويتضمن 1200 شقة ومنطقة تجارية في الديه، فقد التقيت مع السيد وزير البلديات للحصول على دعم في مواجهة التحديات التي كانت تواجهنا، وعلى الفور جرى تحليل تلك التحديات وتفهمها، وقبل أن أغادر المكتب كان السيد الوزير بدأ باتخاذ اجراءات من شأنها تذليل تلك التحديات وإطلاق العمل في هذا المشروع الذي يدعم الجهود الحكومية في توفير الوحدات السكنية الملائمة. من بين الأمثلة أيضا هو أن الكثير من المستثمرين البحرينيين واجهوا تحديات في إدارة وتنمية استثمارتهم في دول الخليج العربي الأخرى، وقد ساعدني السيد وزير الصناعة والتجارة في حل واحدة من تلك التحديات عندما طلب من موظفيه مباشرة العمل عليها، وجرى وضع المشكلة على طريق الحل إلى أن تلاشت. لقد عرضت جميع تلك الحالات لأثبت أنني لا أتحدث عن تجربة إيجابية لمرة واحدة، وإنما هي نهج ثابت ترسخ مؤخرا في التعاون النموذجي والمشاركة البناءة من الوزراء وكبار المسؤولين في العمل مع القطاع الخاص من أجل الدفع بمسيرة التنمية في البحرين قدما إلى الأمام. هل ما قلته سابقا هو فقط من أجل الإطراء؟ لا. فلدي أرشيف كامل من خطابات كنت قد كتبتها لوزراء وإدارات حكومية في السنوات السابقة لحثهم على اتخاذ إجراءات عاجلة، ولم أتلق عليها ردا بعد أسابيع وأشهر، ولقد رأينا أمثلة كثيرة جدا من عدم الكفاءة الإدارية والإهمال، لذا عندما أخص هؤلاء الوزراء والمسؤولين بالثناء فأنا أعني ما أقوله تماما. لماذا أنا مسرور جدا ومتحمس؟ لأنه خلال هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها اقتصادنا لا يمكن للبحرين أن تتحرك إلى الأمام دون تعاون فعال بين القطاعين العام والخاص، والقطاع الخاص يريد وضوحا بالقوانين واللوائح للتأكد من أنه يعمل دائما في إطار القانون، وفوق كل شيء يجب على الجميع أن يدرك أن القوانين موجودة لخدمة الناس، المواطنين والمستثمرين، وليس الناس هم الذين يخدمون القوانين. أنا أعلم أنني لن أحصل على موافقة تلقائية في كل مرة أتعامل فيها مع الدوائر الحكومية، وأن الوزراء والمسؤولين في تلك الدوائر ليسوا أصحاب معجزات، ومع ذلك، فقد كانت تجربتي الأخيرة متميزة مع وزارات مختلفة، حيث يبذل المسؤولون قصارى جهدهم لإيجاد حلول وجعل الأمور أكثر سهولة للجميع، وآمل أن يكون هذا التحول في النهج الحكومي دائم. نحن كمواطنين سريعين جدا في الانتقاد عندما لا ترتقي إدارات القطاع العام إلى مستوى توقعاتنا، وهذا حق لنا، ولكن في ذات الوقت يجب أن نكون سريعين أيضا في الثناء عندما نتلقى الخدمة الممتازة، ليس من أجل الإطراء، ولكن لضمان التقدم والتميز والتشجيع. لقد كتبت ما كتبته أعلاه بهدف توجيه الشكر علنا لهذه الهيئات الحكومية على اتخاذها خطوات كبيرة إلى الأمام، والثناء في أهله مستحق. كثيرا ما أشير إلى أنه حتى سور الصين العظيم له نهاية وبالتالي هناك طريقة ما لاختراقه، ومن المدهش ما يمكن أن ننجزه معا عندما تتوحد رؤانا ونتحلى بالتصميم على النجاح، ونعزز مساهمتنا في بناء حاضر ومستقبل وطننا الذي نحب، مملكة البحرين العزيزة.
مشاركة :