يستعد المفاوضون في فيينا لتمديد المباحثات الجارية الى نهاية الاسبوع الحالي، اذ لا تزال "عراقيل" تعترض امكانية التوصل الى اتفاق تاريخي حول البرنامج النووي الايراني. وقد دخلت المفاوضات أمس يومها الرابع عشر فيما اعلن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند عن اجتماع جديد يعقد اليوم. وقال هاموند "نحرز تقدما ولكن ببطء شديد لا تزال هناك مسائل تنتظر حلها". ولكنه اعرب في الوقت ذاته عن امله في ان ينجح الخبراء الذين يعملون خلف الكواليس خلال الساعات ال12 المقبلة في "توضيح بعض جوانب النص وعندها سنجتمع مجدداً اليوم لنرى اذا كان بالامكان تجاوز العقبات الاخيرة". ومن على شرفة قصر كوبورغ في فيينا، عاد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، بعد لقائه نظيره الاميركي جون كيري صباح أمس، الى تأكيد "حصول تقدم". وردا على سؤال حول امكانية بقائه في فيينا نهاية الاسبوع، قال ظريف "يبدو الامر كذلك"، وحين سئل اذا كان الامر سيطول الى يوم الاثنين رد ظريف "اتمنى الا يحصل ذلك". وتسعى ايران والدول الكبرى الى انهاء المفاوضات باتفاق يضع حدا لازمة دولية مستمرة منذ 13 عاما حول برنامج طهران النووي. الا ان ظريف اتهم الدول الغربية المتمثلة بمجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين والمانيا) بالتراجع عن مواقف سابقة. ووسط الماراتون الدبلوماسي القائم، تبدو ثلاثة سيناريوهات محتملة: تمديد المحادثات في فيينا مرة اخرى، الاعلان عن فشل المفاوضات وهو امر يشكك المراقبون في احتمال حدوثه، واخيرا ارجاء المحادثات. وبحلول صباح يوم الجمعة تكون الولايات المتحدة تخطت المهلة المحددة لتقديم مسودة اتفاق الى الكونغرس، ما يعني انه اصبح امام المشرعين الآن 60 يوما بدلا من 30 لمراجعة اي اتفاق يتم التواصل اليه، ما من شأنه ان يؤخر ايضا اجراءات من بينها رفع العقوبات عن ايران. ومن جهته قال النائب الاول للرئس الايراني اسحاق جهانغري لوسائل اعلام ايرانية انه "اذا تراجع الغرب عن مطالبه المبالغ بها، فاننا بالتأكيد سنتوصل الى اتفاق جيد في المفاوضات النووية مع مجموعة 5+1". واضاف جهانغري في كلمة امام آلاف المشاركين في التظاهرة السنوية في "يوم القدس" ان الوفد الايراني "يدافع عن مواقفنا الوطنية، والخطوط الحمراء للحكومة وحقوقنا النووية". وتدور المحادثات الآن حول قضايا شائكة اساسها كيفية رفع العقوبات المترابطة التي يفرضها كل من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والامم المتحدة، فضلا عن الطرق المناسبة لتجريد ايران من قدراتها النووية والتأكد من اصرارها على انها لم تسع يوما الى امتلاك السلاح النووي. وشدد كيري الخميس على انه لن يتسرع في التوصل الى اتفاق، محذرا في الوقت ذاته من انه لن يبقى جالسا على طاولة المفاوضات للابد. وفي هذه الجولة الاخيرة من المحادثات والتي دخلت يومها ال14 في العاصمة النمساوية، قال كيري انه في حال لم تتخذ "القرارات الصعبة قريبا، فاننا مستعدون تماما لوقف هذه العملية". اما أمس، فاكد كيري، الذي التقى وزراء خارجية آخرين من مجموعة "5+1"، "اننا نعمل بقوة، وندفع" الى الامام. وفي وقت متأخر من مساء الخميس وبعد ادائه الصلاة في مسجد فيينا قال ظريف انه "للاسف شهدنا تغييرات في المواقف كما طلبات مبالغ فيها من قبل عدد من الدول". واشار ظريف في حديث الى قناة "العالم" الاخبارية الى التباين في المواقف بين دول مجموعة 5+1 اذ قال: ان كل دولة "لديها مواقف مختلفة ما يصعب من المهمة" الرامية الى التوصل الى اتفاق. وفي حديث الى شبكة "سي ان ان" قالت وزيرة الخارجية الاوروبية فيديريكا موغيرني انه حان الوقت للقول "نعم او لا"، ما يعني الموافقة عليه او رفضه. وتابعت موغيريني "نحن قريبون جدا. ولكن اذا لم يتم اتخاذ القرارات المهمة والتاريخية خلال الساعات المقبلة فلن نحصل على اتفاق". ووسط هذا الجدل الدبلوماسي المستمر، اشارت مصادر الى ان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس سيغادر فيينا. يذكر ان جهود التوصل الى اتفاق حول برنامج ايران النووي، الذي كشف عنه معارضون في العام 2002، بدأت في العام 2013 مع وصول الرئيس المعتدل حسن روحاني الى الحكم في الجمهورية الإيرانية. وفي نوفمبر 2013، توصلت ايران ومفاوضوها الى اتفاق اطار جمدت ايران بموجبه جزءا من انشطة برنامجها النووي مقابل رفع محدود للعقوبات. وتخطى المفاوضون العام الماضي مهلتين، في يوليو ونوفمبر، للتوصل الى اتفاق نهائي، الا انهم نجحوا في ابريل في لوزان في سويسرا في وضع الخطوط العريضة للاتفاق.
مشاركة :