سعود الفيصل .. فقيد الأمتين العربية والإسلامية

  • 7/11/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لله ما أخذ ولله ما أعطى، ولكن إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أمير الدبلوماسية لمحزونون. إن الفاجعة كبيرة والحدث جلل والمصاب عميق بفقدان فقيد الأمتين العربية والإسلامية سعود الفيصل رحمه الله. ولعلها من أقسى وأصعب اللحظات وأوجعها على قلبي أن أكتب عن غياب هذا الرجل العظيم. في تاريخ الإنسان هنالك لحظات يَعبُرها وتجسّد الكثير من المنطلقات والمعاني السامية التي يصادِفها في حياته، وكان الأمير سعود قدوة لكل وطني غيور، ننظر له ولما أنجزه بإعجاب واعتزاز سواء كان على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو الإسلامي على مدى أربعةِ عقود، مِلؤُها الإنجازات والنجاحات. خصوصاً وأنه كان يعمل بصمت، وجاهد طيلة حياته جهاد الشرفاء المترفعين عن سفاسف الأمور والبعيد عن الأنانية الذاتية وعن الأضواء والشعارات الزائفة والسياسة الجوفاء. إن سيرة الأمير سعود الفيصل تبرز سموَّ النهج، ورقيَّ الأداء واستقرارَ المنطلقات التي ميزت ولا تزال تميّز السياسةَ الخارجية السعودية على مرِّ الزمن، والتي أدّت إلى تحقيق المملكة لأهدافها الموضوعة، وإلى النجاحات التي حصدَتْها في معالجتها للكثير من الأمور والقضايا الشائكة في كثير من المجالات. لم تعرف الساحةُ الدولية وزيرَ خارجية أثَّر في مجريات العلاقات الدولية بالمساهمة الفعّالة مع القوى وفي المحافل الدولية مثل الأمير سعود الفيصل، ولعله يأتي ضمن هؤلاء العباقرة المتمرسين في أصول العمل الدبلوماسي وقواعده ومتطلباته. ولا غرابةَ في ذلك، فقد أمضى أربعينَ عاما في العمل الدبلوماسي، وأتقن فنونَه وصناعتَه. لقد حرِص الفيصل طيلةَ مسيرته المهنية على الأخذ بيد الدبلوماسيين السعوديين، بإتاحة كافة الفرص العلمية والعملية التي تتيح لهم الرقيَّ في أدائهم ونوعيةَ هذا الأداء، بما ينعكسُ إيجابيا وباستمرار على مكانتهم وقدراتهم كناطقين باسم الدبلوماسية السعودية بالخارج. ولعلّ من السمات التي ميّزت الأمير سعود قوةَ الشخصية، والعقل الراجح، إضافةً إلى بُعد نظر يعكس عمقَ التفكير وقوة المنطق. لقد كرس حياته في خدمة السياسة الخارجية والدبلوماسية وقضايا الأمتين العربية والإسلامية وفي طليعتها القضية الفلسطينية. إن إنجازات الدبلوماسية السعودية إنما تعود في جزء كبير لما وضعه الفيصل من مقاييسَ وقيمٍ ترجمت في الأداءِ المميّز والنوعي الهادف إلى تحقيق المصالح السعودية العليا، من خلال متابعة تحقيق الأهداف الوطنية السعودية بالتعامل مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية بكافة أنواعها على الصعد الإقليمية والإسلامية والدولية. سيبقى الأمير سعود الفيصل -وإن رحل- في المكانة المرموقة في القلوب والتي تبوّأَها عن جدارة، وعكست مدى ما يكنّه الشعب السعودي والعربي والإسلامي لهذه الشخصية الفذة والفريدة، مما جعله محط ثقة الجميع وإعجابهم واحترامهم. إنْ غبتَ عنَّا فهذا القلبُ يذكرُكم ونحفظُ العهدَ طولَ العمرِ والذِّمَما رحمك الله أيها الأمير العظيم، وأدخلك فسيح جنانه.. و(إنّا لله وإنّا إليه راجعون). * سفير خادم الحرمين لدى المملكة المغربية

مشاركة :