أعلنت السلطات الإيطالية أن تنظيم "الدولة الإسلامية" حاول شحن مخدرات بقيمة مليار يورو إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن محللين يوجهون أصابع الاتهام إلى نظام بشار الأسد. السلطات الإيطالية ضبطت شحنة مخدرات تقدر قيمتها بمليار يورو وتعتقد أن مصدرها تنظيم داعش لكن خبراء يشكون في ذلك! صادر موظفو إنفاذ القانون الإيطاليون، الأسبوع الماضي، ما قالوا إنه أكبر شحنة لمخدرات أمفيتامينات في العالم .وقد أظهر مقطع فيديو من "غارديا دي فاينانزا"، وهي وحدة تحقيقات في الجرائم المالية والتهريب ملحقة بوزارة الاقتصاد والمالية الإيطالية، ضباطاً يستخدمون منشارا كهربائيا لقطع أسطوانات ورقية صناعية تم شحنها من سوريا، معبأة بآلاف الأقراص المخدرة، والتي قالت الشرطة إنها "كبتاغون أو فينيثايلين"، وهو مخدر من مشتقات الأمفيتامينات. وصرح مسؤولون أن عددها يصل إلى نحو 84 مليون قرص تزن 14 طنا؛ وهو ما يكفي تقريبا لإمداد أوروبا بأكملها، ووفقا للشرطة فإن قيمتها تقدر بـ1 مليار يورو. سارعت الشرطة الإيطالية إلى نشر بيان حول الشحنة، وزعمت فيه أن المخدرات تم شحنها من سوريا من قبل تنظيم الدول الإسلامية (داعش)، "من المعروف في الواقع أن داعش يمول أنشطته الإرهابية عن طريق تهريب المخدرات الاصطناعية التي يتم إنتاجها بكميات كبيرة في سوريا؛ المصنع العالمي الأول للأمفيتامينات في العالم"، بحسب "غارديا دي فاينانزا"، التي أضافت بأن جميع أقراص الأمفيتامين تحمل رمز"الكبتاغون"، الذي يميز "مخدر الجهاد" الذي يصنعه داعش، ويتناوله مقاتلو التنظيم للبقاء يقظين ولا يشعروا بالخوف أو الألم أثناء المعارك. شكوك تحوم حول الرواية الرسمية! عبّرخبراء في الجماعات الإرهابية وسوريا عن شكوكهم على الفوربهذه الرواية الرسمية، مستندين إلى حقيقة أن تنظيم "الدولة الإسلامية" فقد تقريبا كل المناطق التي كان يسيطر عليها في سوريا وتراجعت سطوته. وفي هذا السياق يقول مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط ،تشارلز ليستر إن "هذه القصة ليست منطقية ... على الإطلاق". ونظرا للقدرات المحدودة الحالية للتنظيم على مستوى التصنيع، فإن الخبير السوري في جامعة سوانزي أيمن التميمي، يرى في حديثه مع DW، أنه من غير المحتمل أن يتمكن داعش من صنع مثل هذه الكميات الهائلة من المخدرات في الوقت الحالي. انضمت إلى هذه الشكوك أيضا المراسلة الحربية والزميلة المشاركة في معهد جاكسون للشؤون العالمية بجامعة ييل جانين دي جيوفاني، بقولها لـ DW "يبدو من غير المحتمل إلى حد كبير أن يتمكن تنظيم داعش من إنتاج مخبأ للأدوية، بالنظر إلى حقيقة أنه يعيش في كهوف سوريا والعراق". الشرطة الإيطالية: لم نتأكد بعد أن المخدرات من انتاج داعش! ما يثير الشكوك أيضا حول الاحتمالية القائلة إن الشحنة تابعة "للدولة الإسلامية"، هو ميناء اللاذقية الذي انطلقت من السفينة، كما ذكر بيان السلطات الإيطالية، إذ بقيت هذه المدينة السورية الساحلية على مسافة آمنة من قبضة داعش، ولم تخرج أبدا من تحت سيطرة النظام السوري. وعندما عرضت DW هذه الشكوك على السلطات الإيطالية، فإن الأخيرة تنصلت مما تم الإعلان عنه في البيان، وقال الكولونيل جوزيبي فورسينيتي، رئيس مجموعة التحقيق في الجريمة المنظمة التابعة لحرس "غارديا دي فينانزا" لـDW، "لم نؤكد في الوقت الحالي أن المخدرات أنتجت من قبل داعش في سوريا، والتحقيق مستمر". وعبر عن استغرابه مما يحتويه البيان: "لا أعرف لماذا يقول عنوان البيان الصحفي هذا، لا بد أن هناك مشكلة في التواصل"، ولكنه أكد أن داعش اتسخدم وصنّع هذا المخدر في سوريا. الكبتاغون في الشرق الأوسط وفقا لتقرير الأمم المتحدة حول المخدرات عام 2020، فإن منطقة الشرق الأوسط، والمملكة العربية السعودية على الخصوص، تعد أكبر سوق للحبوب المخدرة، والتي غالبا ما تكون مزيجا من الأمفيتامينات والكافيين. ورغم أن تنظيم "داعش" يصنع هذه الحبوب بشكل كبير من أجل تحقيق الربح، فإنه ليس الوحيد، إذ أن تجارة المخدرات في الشرق الأوسط مرتبطة بعصابات إجرامية أخرى، وبحزب الله اللبناني أيضا، إذ كانت لبنان وسوريا خلال السنوات القليلة الماضية دول الإنتاج الرئيسة لهذه الحبوب، كما صرح كبير مسؤولي الأبحاث في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، في حديث له مع DW. نظام الأسد متهم لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها ضبط مخدرات تم شحنها من ميناء اللاذقية، ففي فبراير/شباط الماضي عثر على 5,6 طن من أقراص الكبتاغون مخبأة في شحنة من كابلات الكهرباء متجهة إلى دبي، وفي يونيو/حزيران من هذا العام، فقد أوقفت السلطات اليونانية شحنة 33 مليون حبة مخبأة داخل منصات خشبية، تم شحنها من اللاذقية أيضا. هذه الكميات وميناء االشحن والأساليب المستخدمة في إخفاء الحبوب تثير الشكوك حول نظام الأسد، ووفقا لمجلة دير شبيغل الألمانية، فإن عم الأسد، سامر كمال الأسد، يدير العديد من مصانع الكبتاغون المدرجة تحت مجموعة شركات للتعبئة في قرية جنوب اللاذقية. غير أن أسطوانات الورق التي احتوت على الأقراص تم تصنيعها في مصنع أنشئ مؤخرا في حلب، ما يعني أن عنوانه لم يظهر بعد في أي من قوائم العقوبات. وقالت السلطات الإيطالية إنه حتى اللحظة لا يوجد ربط واضح بين نظام الأسد والشحنة، وذلك في إجابتها لـ DW عما إذا كان النظام السوري قد يكون وراء هذه االشحنة الضخمة من المخدرات. أليكس ماثيوز، غويليا ساوديلي/ م.ش
مشاركة :