دانت رئاسة البوسنة السبت بشدة اصابة رئيس الحكومة الصربي الكسندر فوسيتش اثر تعرضه للرشق بالحجارة اثناء مشاركته في احياء ذكرى ضحايا سريبرينيتسا في البوسنة، الامر الذي كانت بلغراد وصفته بـ"محاولة الاغتيال" مطالبة بـ"ادانة علنية". وجاء في بيان للرئاسة الثلاثية في البوسنة انها "تدين باشد العبارات الممكنة وتأسف بشدة لاعتداء اليوم". وطالبت الرئاسة بالتحقيق لتحديد المسؤولين عن هذا الاعتداء. وفي وقت سابق طالبت وزارة الخارجية الصربية السلطات البوسنية بـ"ادانة علنية لمحاولة اغتيال" رئيس الحكومة الصربية الكسندر فوسيتش، الذي اصيب في رأسه اثر تعرضه للرشق بالحجارة خلال مشاركته في احياء ذكرى ضحايا سريبرينيتسا في البوسنة. وجاء في مذكرة الاحتجاج التي سلمت الى وزارة الخارجية البوسنية "ننتظر من السلطات البوسنية ان تدين علنا محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الحكومة الصربية". وكان فوسيتش اصيب في رأسه جراء رشقه بالحجارة خلال احياء الذكرى العشرين لمجزرة سريبرينيتسا، ما اضطره الى المغادرة سريعا، ورغم ذلك تعهد مواصلة سياسة "المصالحة" بعدما كانت بلغراد دانت "هجوما على صربيا كلها". ورغم الحادث اكد فوسيتش التزامه المصالحة مع مواطني البوسنة المسلمين. وقال بعد عودته الى بلغراد "آسف لحصول امر كهذا، وآسف لعدم ادراك البعض لنيتنا الصادقة لبناء صداقة بين الصرب وشعب البوسنة (المسلمين)". وتابع "يدي تبقى ممدودة (لمسلمي البوسنة) وساواصل سياستي للمصالحة". وسارع رئيس بلدية سريبرينيتسا كميل دوراكوفيتش الى التنديد بالحادث، وصرح للصحافيين "انه فعل عقول مريضة استغلت هذا الحدث الكريم. لقد عانق فوسيتش اليوم منيرة سوبازيتش رئيسة جمعية امهات سريبرينيتسا (...) لقد حاول بذلك التعاطف مع حزننا والمنا"، مؤكدا عزمه على الاتصال بالمسؤول الصربي ليقدم اليه اعتذاره. وتضم جمعية امهات سريبرينيتسا النساء اللواتي فقدن ازواجهن وابناءهن واشقاءهن وآباءهن في هذه المجزرة التي ارتكبتها قوات صرب البوسنة في تموز/يوليو 1995 واسفرت عن مقتل ثمانية الاف رجل وفتى. من جهتها، اكدت سوبازيتش ان الحادث "لم يكن هجوما على فوسيتش بل على كرامتنا". وصرحت لموقع "كليكس دوت با" الاخباري "انه فعل مجموعة اشخاص لم اشاهد بينهم ضحايا" سقطوا في المجزرة. واضافت سوبازيتش "ويا للاسف فان المسؤولية ستقع علينا. لقد خاب املي الى حد بعيد واشعر كأن الحادث طاولني شخصيا". وكان عشرات الاف الاشخاص احتشدوا السبت في سريبرينيتسا في البوسنة للمشاركة في مراسم احياء الذكرى العشرين للمجزرة التي اعتبر القضاء الدولي انها تشكل ابادة. وكان فوسيتش اعرب عن نيته المشاركة في تلك المراسم منتقدا "الجريمة الفظيعة" التي وقعت في سريبرينيتسا من دون ان يستخدم مصطلح ابادة. وكان وضع لتوه وردة امام نصب يحمل اسماء اكثر من 6200 ضحية تم التعرف على هوياتهم ودفنوا في المقبرة حين بدأ الحشد يهتف "الله اكبر" ويرشق حجارة في اتجاهه. وحاول البعض التعرض له مباشرة. ولاحظ مراسلو فرانس برس ان اشخاصا كانوا يتولون حماية رئيس الوزراء اصيبوا ايضا جراء رشق الحجارة. ومحاطا بحراسه الشخصيين، نجح فوسيتش في مغادرة المكان وهو يركض بحماية حراسه وفوق رأسه مظلة فيما كان المنظمون يدعون عبر مكبرات الصوت الى التزام الهدوء. ونقلت وكالة الانباء الصربية الرسمية تانيوغ عن مسؤولين في المكان ان فوسيتش اصيب في رأسه وتحطمت نظارتاه. وسرعان ما بدأ شيخ باقامة الصلاة فاستدار المشاركون لادائها بانتظار ان توارى نعوش 136 من ضحايا مجزرة تموز/يوليو 1995 تم التعرف مؤخرا على هوياتهم. وفي بلغراد اعتبر وزير الخارجية الصربي ايفيكا داسيتش ان الحادث يشكل "هجوما على صربيا". وقال في بيان ان "رئيس الوزراء تصرف كرجل دولة عبر اتخاذه قرارا بالتوجه (الى سريبرينيتسا) للانحناء امام الضحايا (...) انه ليس هجوما على فوسيتش فحسب بل على كل صربيا وسياستها (من اجل) السلام والتعاون الاقليمي". من جهتها قالت امراة من المشاركين ان رئيس الحكومة "اتى للاعتذار منا (...) ولكننا نحن من سينظر الينا اليوم كوحوش". وقبيل توجهه الى سريبرينيتسا، وجه رئيس الوزراء الصربي رسالة مفتوحة السبت ندد فيها ب"الجريمة الفظيعة". وقال "لقد مضى عشرون عاما على وقوع الجريمة الرهيبة في سريبرينيتسا. ولا اجد الكلمات التي يمكن ان تعبر عن الحزن والاسف على الضحايا، او عن الغضب حيال الذين ارتكبوا تلك الجريمة الفظيعة". لكنه لم يستخدم كلمة "ابادة". وقبل عشرين عاما، في تموز/يوليو 1995، وفيما اعلنت الامم المتحدة سريبرينيتسا "منطقة محمية"، قتلت القوات الصربية البوسنية فيها نحو ثمانية الاف رجل وفتى مسلم، فارتكبت بذلك اسوأ مجزرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وقالت بيغاجيتا صالحوفيتش (51 عاما)، ووالدها من بين الذين دفنوا السبت، "عندما علمت ان بقايا والدي وجدت، شعرت وكأنه مات للتو"، وهي التي فقدت في المجزرة ايضا شقيقها كما ان اثنين آخرين من اشقائها قتلا في بداية الحرب ولم تظهر جثثهما حتى الآن. ومن واشنطن، ندد الرئيس الاميركي باراك اوباما في بيان بـ"ابادة سريبرينيتسا" مؤكدا ان بلاده تبقى "عازمة على مساعدة شركائها في البلقان لتضميد جروح الماضي". وشارك في المراسم في سريبرينيتسا عدد من المسؤولين الدوليين منهم الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون، الذي توصلت ادارته الى اتفاقات دايتون للسلام التي انهت النزاع البوسني. وكان كلينتون شارك ايضا في الذكرى العاشرة للمجزرة. وكان الرئيس الصربي في تلك الفترة بوريس تاديتش المؤيد لأوروبا، حاضرا في 2005 ايضا، وكذلك في 2010 في الذكرى ال15 للمجزرة. وترفض صربيا مصطلح "ابادة". وما زال هذا الموضوع يثير جدلا على المستوى السياسي الدولي ويربك العلاقات بين صربيا والبوسنة. وقد استخدمت روسيا، التي تدعم صربيا، الاربعاء حقها في النقض ضد مشروع قرار في الامم المتحدة حول سريبرينيتسا. ورحبت بلغراد بالقرار لكن عائلات الضحايا اعربت عن اسفها، معتبرة انه "يجعل المصالحة متعذرة". وتحاكم محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة، القائدين السياسي والعسكري لصرب البوسنة، رادوفان كرادجيتش وراتكو ملاديتش، المتهمين بالتخطيط لمجزرة سريبرينيتسا، بتهمة الابادة. وفي 2001، كان احد قادة صرب البوسنة راديسلاف كريسيتس اول من دين بتهمة الابادة في اوروبا. تلتها اربع ادانات اخرى بالابادة. وبعد عشرين سنة على مجزرة سريبرينيتسا، ما زالت البوسنة، احد افقر بلدان اوروبا ، غارقة في انقساماتها على امل الانضمام يوما الى الاتحاد الاوروبي. وبعد محاولة اولى لبناء دولة قابلة للاستمرار - بمساع محلية وضغوط من المجموعة الدولية- على انقاض نزاع دام، لم تتوصل البوسنة بعد الى ايجاد صيغة تساعدها في لم شمل شعبها.
مشاركة :