يعيد مسبار الأمل الذي تطلقه الإمارات، خلال الأسبوع القادم، إحياء حلم عالمي امتد لما يناهز ال 60 عاماً، وارتبط بتحقيق تقدم في فهم طبيعة «الكوكب الأحمر»، ومدى مواءمته للحياة البشرية.وعلى الرغم من أن محاولات الوصول للمريخ تعود إلى عام 1960 فإن تحقيق تقدم في حجم المعرفة البشرية حول أسرار المريخ اصطدم بتحديات عدة أهمها فشل ثلثي المحاولات في الوصول للكوكب الأحمر.وترجع أولى المحاولات للاتحاد السوفييتي الذي حاول إرسال أول مسبار أطلق عليه «MARSNIK1»، لكنه فشل في الخروج من المدار الجوي للأرض.. وفشلت 10 محاولات أخرى للاتحاد السوفييتي حتى جاء عام 1971 حين نجح المسبار «Mars 3» في الوصول إلى وجهته ودرس الكوكب الأحمر لمدة 8 أشهر من خلال الدوران حول المريخ قبل أن يهبط على سطح الكوكب وجمع معلومات لمدة 20 ثانية فقط.وعلى مستوى الولايات المتحدة كانت أول محاولة في عام 1964 عبر المسبار «Mariner 3»، لكنه فشل بسبب عطل في الألواح الشمسية ما جعل تحليقه صعباً حول المريخ، لكن المسبار «Mariner 4» والذي تم إطلاقه في نفس العام نجح في مهمته.تعود أسباب تسارع وتيرة السعي وراء استيطان المريخ إلى الإجماع العالمي حول قضية الكثافة السكانية على كوكب الأرض والتي يتوقع أن تؤدي إلى استنفاد سريع للموارد الطبيعية، وانقراض أنواع من الحيوانات بالكامل وعلى نطاق واسع، الأمر الذي يهدد الجنس البشري نفسه.وشكل التشابه بين كوكبي المريخ والأرض والقرب النسبي بينهما بمتوسط مسافة 225 مليون كيلو متر أبرز الأسباب التي جعلت الكوكب الأحمر مرشحاً رئيسياً للاستكشاف وهدفاً للدراسة باعتباره كوكباً محتملاً للسكن فيه مستقبلاً.ويمتاز كوكب المريخ بأنه كوكب صخري من النوع الأرضي، مع سطح صلب غيرته البراكين والرياح والحركات القشرية والتفاعلات الكيميائية.ويبلغ متوسط درجة الحرارة على سطحه (63) درجة مئوية، ويتمتع بغلاف جويّ رقيق يوفر له الحماية من الإشعاعات الكونية والشمسية، ويتألف هذا الغلاف في الغالب من غازات ثاني أكسيد الكربون والأرجون والنيتروجين وكمية صغيرة من الأكسجين وبخار الماء.ويعرف المريخ كذلك باسم الكوكب الأحمر بسبب أكسدة المعادن الحديدية في تربته (الصدأ)، بما يضفي اللون الأحمر على التربة والجو..وتبلغ الجاذبية على سطحه نحو ثلث الجاذبية على الأرض.ويستغرق يوم المريخ ما يزيد قليلاً على 24 ساعة وتعادل سنة المريخ 687 يوماً على كوكب الأرض.وكان أول نجاح لرحلة استكشافية إلى كوكب المريخ قد تحقق في عام 1965، بتحليق القمر الصناعي (مارينر4) التابع لوكالة ناسا الأمريكية، بتقنية التحليق بالقرب من الأجرام، والذي أرسل 21 صورة فوتوغرافية عن قرب، وتلا ذلك عدة رحلات استكشافية نجحت في الدوران حول الكوكب الأحمر والتقطت صوراً عالية الجودة سمحت للعلماء بالبدء باستكشاف قصة ذلك الكوكب.وفي عام 1976، صنعت المركبتان الفضائيتان فايكينج - وفايكينج 2 - التاريخ بالهبوط على سطح الكوكب والعمل بكامل طاقتها، لتوفر بذلك سنوات من التصوير عالي الدقة للسطح، ومن ثم قياس وتحديد عناصر سطح الغلاف الجوي له، وإجراء تجارب علمية للبحث عن أي أثر للحياة على سطحه.وفي عام 1997 تمكنت المركبة (مارس باثفايندر) التابعة لوكالة ناسا من الهبوط بنجاح على سطح المريخ باستخدام نظام ضخم من الأكياس الهوائية لتخفيف وطأة الهبوط، وعملت على إرسال الروبوت (سوجورنر) المزود بعجلات للسير على سطح الكوكب الأحمر.وعلى مدار ما يقرب من 3 أشهر، أرسلت المركبة أكثر من 17000 صورة و15 تحليلاً كيميائياً للصخور والتربة، إضافة إلى بيانات واسعة النطاق عن الطقس.وفي عام 2002 تم اكتشاف جليد ماء مدفون على سطح المريخ، وأعقب ذلك إرسال مركبتين جوالتين هبطتا في منطقتين مختلفتين من الكوكب ووجدتا دليلاً قوياً على أن المياه السائلة كانت على سطح الكوكب الأحمر منذ أمد بعيد، كما قامت البعثات بحفر وتحليل التربة الجليدية في المنطقة القطبية وعثرت على علامات تدل على إمكانية العيش هناك، بما في ذلك وجود مياه سائلة وكيمياء التربة التي يحتمل أن تكون مواتية للحياة، بالإضافة إلى الهبوط في «فوهة غيل»، حيث وجد أن الظروف كانت مناسبة في وقت ما للحياة الميكروبية القديمة على المريخ، وقد تم جمع بيانات الإشعاع للمساعدة في حماية رواد الفضاء في المستقبل.ويستضيف كوكب المريخ عدداً من المركبات الفضائية، بعضها تسير في مداره والبعض الآخر على سطحه.وتعتزم سبيس إكس إطلاق مركبتها «بيج فالكون روكيت» إلى المريخ مع مسافرين على متنها في عام 2024.(وام)
مشاركة :