مرض الفشل الكلوي من الأمراض الشائعة قديما ومازالت موجودة حديثا، وقد بينت الإحصاءات الأخيرة زيادة ملحوظة في عدد حالات الإصابة بهذا الداء والتي جعلت البعض يتساءل لماذا مرض الفشل الكلوي في ازدياد مستمر. والإجابة عن هذا التساؤل ليست بالأمر البسيط الا انها قد تعود الى ارتفاع الوعي الصحي لدى الناس أكثر من ذي قبل، حيث بدأ الناس يقرؤون الصحف والمجلات الطبية ويتابعون البرامج الصحية وبدأ ادراكهم بخطورة المرض يزداد لذلك بدؤوا يراجعون العيادات والمستشفيات في بداية المرض. وفي السابق كان المريض يعاني من المرض حتى يصل الى مراحل متأخرة وبعدها تتم المتابعة الطبية والكثير منهم لا يراجع الطبيب المختص ولهذا كانوا يتوفون نتيجة المضاعفات. أيضا من الأسباب العوامل البيئية، ففي السابق كانت الحياة أبسط وأهدأ من الآن وفي هذه الأيام أصبحت عجلة الحياة أسرع وزادت من الضغط على الناس فضغوط الحياة المتسارعة لها دور في هذا المجال بما تسببه من ارتفاع في نسبة الإصابة بداء السكري وارتفاع ضغط الدم والتدخين والسمنة وهي عوامل أساسية لزيادة نسبة الإصابة بالفشل الكلوي. وقد اوضحت بيانات المركز السعودي لزراعة الاعضاء لعام 2013م والخاصة بمرضى الفشل الكلوي النهائي أن هناك 13160 مريضًا يعالجون بالغسيل الدموي و1402 مريض يعالجون بالغسيل البريتوني وهو ما يشير الى ان معدل حدوث الفشل الكلوي النهائي المعالج بالغسيل الكلوي في المملكة يصل الى 485 حالة لكل مليون نسمة سنويا، وبزيادة سنوية تبلغ 550 حالة. وقد بلغ عدد وفيات مرضى الغسيل الكلوي 1748 مريضا في عام 2013م وبنسبة شكلت 12% من مجموع مرضى الغسيل. تجدر الاشارة الى ان المنطقة الغربية شكلت أكبر نسبة من عدد المرضى المعالجين بتقنية الغسيل الكلوي الدموي، وبلغ عدد مرضى الغسيل الكلوي المسجلين على قائمة الانتظار الوطنية لزراعة الكلى 5922 مريضا. كما ارجع التقرير السنوي الاخير للمركز السعودي لزراعة الاعضاء سبب الاصابة بالفشل الكلوي النهائي الى الاصابة بفرط ضغط الدم في حوالي 35.6% من الحالات والى الاصابة بداء السكري في 39.3% منهم. وتتوقع البيانات ازديادا في اعداد مرضى الفشل الكلوي الذين يحتاجون غسيلا للكلى بالديلزة الدموية في المملكة الى 20000 مريض بحلول عام 2018م. ومن الناحية العالمية اوضحت بيانات الشبكة المتحدة لتبادل الاعضاء في الولايات المتحدة الاميركية، الى الزيادة الكبيرة في عدد المرضى المعالجين بالغسيل الكلوي بالديلزة الدموية والتي من المتوقع ان يتجاوز عدد المرضى فيها 800000 مريض عام 2015م، وتصل هذه الزيادة الى 600000 مريض في اوروبا لنفس العام. وبشكل عام، فإن القصور الكلوي هو نتيجة نهائية لعدد من الأمراض التي تصيب الإنسان، حيث تصبح الكلية عاجزة عن القيام بوظائفها المهمة الحيوية والعديدة، ونخص بالذكر منها تصفية الدم من السموم الجائلة فيه التي تنتج عن عمليات الاستقلاب الجارية في الجسم. إضافة إلى هذه الوظيفة الرئيسية، تقوم الكلية بعدد من الوظائف الأخرى، ومنها: 1 إزالة السموم التي تنجم عن تناول الأدوية. 2 إفراز بعض الهرمونات المهمة مثل هرمون Erythropoietin، المسؤول عن حث نقي العظام على تصفيح الكريات الحمراء. 3 تنظيم ضغط الدم. وتتعدد اسباب الاصابة بالفشل الكلوي لكن من اهمها في المملكة الاصابة بارتفاع ضغط الدم وداء السكري بالاضافة الى السمنة والتدخين وانسدادات المسالك البولية الناجمة عن الحصى وغيرها. وبما ان مرض القصور الكلوي (الفشل الكلوي) عادة ما ينجم عن أمراض عضوية أخرى كما اشرنا اليه سابقا، لذا يتوجب على العديد من المرضى المصابين بأمراض مختلفة اتباع حمية صحية أو نظام غذائي محدد يراعون من خلاله طبيعة الطعام والشراب وأيضا المواعيد المناسبة لتناوله، كما يجب عليهم الاهتمام بأنواع الرياضات التي يمكن أن تمارس. ونظراً لمخاطر المضاعفات الكلوية وغيرها الناجمة عن السكري وارتفاع ضغط الدم والتي تؤدي لحدوث الوفاة المبكرة، لهذا ينصح بضرورة إجراء الفحص الطبي الدوري من أجل التشخيص المبكر ليس لداء السكري او الضغط لوحدهما وإنما لغيرها من الأمراض التي قد لا تتظاهر سريرياً، أو التي تكون صورتها السريرية مخاتلة أو غير واضحة. ومما لا شك فيه أن التشخيص المبكر يلعب دوراً مهماً في نجاح المعالجة ومنع حدوث الاختلاطات أو المضاعفات الخطيرة. إضافة إلى ذلك ينبغي على المريض المصاب حديثا بداء السكري أن يلتزم بالخطة العلاجية التي تعتمد على تناول الأدوية من جهة والحمية الغذائية وممارسة التمارين الرياضية من جهة ثانية، مع ضرورة تغيير نمط الحياة أيضاً وذلك كله من أجل الحد من تطور المرض والتعايش مع هذا الداء بسلام. وإذا ما اثبتت الفحوصات إصابة كلوية ناجمة عن السكري او غيره فينبغي معالجة الداء الأساسي وإجراء كافة الاستقصاءات لمعرفة الحالة العضوية والوظيفية للكلية والتدخل العلاجي الفوري لمنع تطور الإصابة وتدهور صحة المريض. وقد يحتاج المريض وفقاً لحالته الصحية إما للعلاج الدوائي أو لإجراء الغسيل الكلوي وفي الحالات المتطورة تعتبر زراعة الكلى الحل الأمثل لعلاج القصور الكلوي النهائي. أعراض الإصابة بالفشل الكلوي عادة لا يشعر المريض بأية اعراض في بداية اصابته بالقصور الكلوي ولا تتجلى اعراضه الا في مراحله المتقدمة وتتمثل المظاهر السريرية الدالة على الإصابة الكلوية بظهور الزلال أو البروتين في البول، والذي يتم اكتشافه بتحليل البول، وبسبب الإصابة الكلوية واحتباس الماء والأملاح في الجسم تتورم القدم ويمكن أن يصاب المريض بارتفاع في ضغط الدم وبتطور الإصابة المرضية يمكن أن يحدث القصور في الكلية، حيث يعاني المريض من الغثيان ونقص الوزن وتغير في لون البشرة والأغشية المخاطية، إضافة إلى الشعور بالوهن العام والحكة الجلدية الشديدة والآلام وغير ذلك من المظاهر السريرية التي تمنع المريض من القيام بأنشطته الحياتية اليومية المعتادة. وختاما أضع هنا بين يدي القارئ الكريم الحمية الغذائية والتي ينصح بها لمرضى الفشل الكلوي (القصور الكلوي) والتي تتضمن ما يلي: 1 حمية غذائية قليلة البوتاسيوم، حيث يتوجب على المريض تفادي تناول بعض المواد الغذائية الغنية بعنصر البوتاسيوم، ومن أهمها الموز والبطيخ الأصفر، والحمضيات ومشتقاتها (العصير). 2 حمية قليلة البروتين، حيث ينصح مريض القصور الكلوي بجرام واحد من البروتين لكل كيلوجرام من وزن الجسم. 3 حمية قليلة الفوسفور مثل المشروبات الغازية. 4 حمية قليلة الصوديوم (ملح الطعام). 5 عدم شرب المياه بإفراط.
مشاركة :