محلل أمريكي: بدء ظهور نظام عالمي جديد لما بعد عصر كورونا

  • 7/11/2020
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

واشنطن-(د ب أ): في مثل هذا الشهر يوليو عام 1945. في نهاية الحرب العالمية الثانية اجتمع قادة الولايات المتحدة، وبريطانيا العظمى، والاتحاد السوفيتي في أحد القصور الملكية في بوتسدام خارج العاصمة الألمانية التي تم الاستيلاء عليها وذلك من أجل تحديد النظام العالمي الجديد. وكان ذلك بمثابة غرس بذور الحرب الباردة. وفي الوقت الذي كان يفكر فيه من كانوا يحتفلون بالذكرى الـــــ75 لنهاية الحرب العالمية -وهم يرتدون الكمامات- في عواقب تلك القرارات التي تم اتخاذها في مؤتمر بوتسدام، كانت تجرى مرة أخرى إعادة لرسم الخريطة الجغرافية السياسية للعالم. والسبب هذه المرة هو فيروس كورونا، الذي وصفته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأنه التحدي الأكبر لعصر ما بعد الحرب.  ويقول الكاتب والمحلل الأمريكي ألان كروفورد في تقرير نشرته وكالة بلومبرج للأنباء إنه في منتصف عام هيمنت عليه جائحة كورونا، تواجه الحكومات أزمة صحية، وأزمة اقتصادية وأزمة شرعية مؤسساتية، كل ذلك في وقت يشهد تنافسا سياسيا جغرافيا. وسوف تساعد كيفية تبلور كل تلك التحولات الضخمة خلال الشهور المتبقية من العام كثيرا في تحديد عصر ما بعد الفيروس. فقد تكثفت وتسارعت الاتجاهات التي كانت واضحة بالفعل قبل فيروس كورونا.  فالصين باعتبارها قوة في حالة تصاعد سريع، أصبحت أكثر قوة وتنافسا مع الدول ابتداء من كندا حتى أستراليا. والولايات المتحدة، القوة العظمى التي مازالت على قمة الطاولة منذ مؤتمر بوتسدام، أصبحت منغلقة على نفسها بصورة متزايدة مع تغلغل الفيروس في قلب سكانها واقتصادها قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل. وقال روري ميدكاف رئيس كلية الأمن القومي بالجامعة الوطنية الأسترالية: «إن كثيرا من المشكلات الهيكلية في النظام الدولي أصبحت واضحة بجلاء». وأضاف أنه في ظل التقاء نقاط ضغط متعددة، ابتداء من فشل القيادات إلى الافتقار إلى الثقة في صحة المعلومات، «كل ذلك يفاقم ما يعد عاصفة هوجاء...والاختبار الكبير يتمثل حقيقة فيما إذا كان بوسعنا أن نقضي الشهور الستة إلى الـ18 المقبلة دون أن تبلغ هذه الأزمات ذروتها». ففي بوتسدام، كانت الديناميكية الرئيسية هي الصراع الأيدولوجي بين النظامين الشيوعي والرأسمالي اللذين كانت تتبناهما موسكو وواشنطن. فالاتحاد السوفيتي بزعامة جوزيف ستالين خرج من الحرب كقوة عظمى، بينما أظهر الرئيس الأمريكي هاري ترومان التفوق التكنولوجي والعسكري للولايات المتحدة بإصداره الأمر وهو في المؤتمر بإسقاط القنابل الذرية على هيروشيما ونجازاكي. وفي نوفمبر الماضي شبه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر المواجهة الحالية بين الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترامب والصين برئاسة شي جين بينج بــ«سفوح» حرب باردة جديدة. ويقول المؤرخ نيل فيرجسون إننا بالفعل في حرب باردة. ويتفق معظم المحللين على أنه ليس من المحتمل أن يوقف جو بايدن في حالة فوزه بالرئاسة التدهور في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين. وبالنسبة إلى ميدكاف الذي يتناول كتابه «الإمبراطورية الهندية الباسفيكية» التنافس الاستراتيجي في المنطقة، لا تتمثل القضية الرئيسية الآن فقط في كيفية مواجهة الولايات المتحدة لتحدي صعود الصين، ولكن تتمثل فيما إذا كان «اللاعبون الأوسط» بما في ذلك الهند، وأستراليا، واليابان وأوروبا على استعداد للمجازفة بالدفاع عن النظام الدولي والتعاون معا للقيام بذلك.  ويضيف كروفورد أن المشكلة هي أنه لا يوجد منتدى واضح لمناقشة شكل العالم بعد انتهاء جائحة كورونا. وهناك توترات كبيرة بين الصين وتايوان وفي بحر الصين الجنوبي وبحر شرق الصين وهما محل نزاع في ظل استعراض صيني مفرط للقوة، حسبما قال وليام شونج، كبير الزملاء بمعهد دراسات جنوب شرق آسيا بسنغافورة. وأضاف أن الصينيين يرون أن الولايات المتحدة فقدت قيادتها في منطقة آسيا الباسفيكي، إن لم يكن في العالم. لذلك ترى الصين أنه يتعين عليها استغلال هذه الفرصة لزيادة ضغطها في المنطقة. ويعرب شونج عن قلقه من إمكانية أن تتحول أي مواجهة بين الولايات المتحدة والصين، أو بين اليابان والصين إلى حرب مفتوحة بصورة غير مقصودة. ويقول ميدكاف رئيس كلية الأمن القومي بالجامعة الوطنية الأسترالية إنه «مهما يحدث الآن، فنحن على حافة نوع ما من العاصفة التي تستجمع قواها... فقط نحن لا نعرف ماذا ستكون عليه العاصفة أو كيف سوف تهب».

مشاركة :