«الباشبوزق» ومليشيا الإعدام.. من الدولة العثمانية إلى «أردوغان»!

  • 7/12/2020
  • 00:57
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لا نستغرب اليوم حين نطالع الأخبار ونرى عمليات الجيش التركي الهمجية وغوغائية أردوغان الرئيس التركي ضد الأكراد والعرب في سورية وشمال العراق وحاليًا في ليبيا واعتماده على المرتزقة السوريين والإرهابيين وقطاع الطرق ممن ترعرعوا تحت ظروف وحشية الحرب وداعش! فاردوغان يحيي طريقة أجداده العثمانيين الدمويين في الاعتماد على قطيع الأجانب المرتزقة سيئي السمعة القادمين من مناطق مختلفة والمعروفون باسم «باشبوزق» كمليشيا عسكرية غير نظامية ضمن الجيش العثماني، يشاركون في الحروب للنهب واغتصاب النساء مقابل الغنائم، غير ملزمين بنظام أو قانون، ويمارسون أبشع الجرائم في المدن والقرى التي يدخلونها بعلم السلطان العثماني بهدف إدخال الرعب والخوف في قلوب الناس من العثمانيين.وليس «الباشبوزق» وحدهم من اعتمد عليهم العثمانيون في تنفيذ جرائمهم ضد رعاياهم المواطنين من الأعراق غير التركية، فقد أسس السلطان حميد الدين الثاني خلال القرن التاسع عشر الميلادي مليشيا «الكتائب الحميدية» من أبشع الفرق غير النظامية المتخصصة في الإعدام دون أي رادع قانوني أو أخلاقي أو ديني، وكانت يده في تنفيذ أبشع المجازر التي ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء الأرمن والأشوريين واليونانيين في عمليات تطهير عرقي لا ينساها التاريخ، أشهرها ما يؤرق اردوغان والشأن التركي وهي المذابح والإبادة الجماعية ضد الأرمن، الجريمة الإنسانية التي ليس لها مثيل في التاريخ؛ بدأت بمذابح في القسطنطينية -إسطنبول حاليًا- والمناطق التي يسكنها الأرمن بيد كتائب الإعدام «الحميدية» عام 1895 راح ضحيتها أكثر من 150 ألف بين رجال ونساء وأطفال وسُميت بمجازر «الحميدية» ولقب بعدها حميد الدين في الصحافة الأوروبية بالسلطان «الدموي» و»القاتل العظيم» .وواصل بعده العثمانيون التطهير العرقي ضد الأرمن خلال انشغال العالم بالحرب العالمية الأولى، وبحسب تقرير للعربية نت منشور في 20 مايو 2020م، أطلقت الدولة أسوأ المسجونين من السجون العثمانية وشكلت مليشيا عسكرية غير نظامية منهم، استعانت بهم في التنكيل بالأرمن خلال رحلة إبادتهم الشهيرة عام 1915م التي بدأت بالقبض على مثقفيهم وإعدامهم في أنقرة، ثم تنفيذ مجزرة ضد الذكور في قتل جماعي بشع وبعدها تهجير مئات الآلاف من النساء والأطفال والشيوخ إلى الصحراء في سوريا دون تزويدهم بالطعام والماء بهدف موتهم في الطريق ترافقهم المليشيا المتوحشة من المساجين التي نكلّت بهم قتلا واغتصابًا للنساء وتم تقدير الضحايا بمليون ونصف من الأرمن هم أساسًا مواطنون في الدولة العثمانية! وكل ذلك لتحويل تركيا إلى عرق تركي لا غير!هذه الجريمة البشعة ضد الأرمن هي أكثر ما يتم تداولها في الإعلام الدولي وتحفظه ذاكرة الناس ويحاول أردوغان إنكارها ومحوها من تاريخ أجداده العثمانيين، لكنها ليست الجريمة البشعة الوحيدة؛ فكثيرون لا يعرفون أن الدولة العثمانية نكلت بالعرب أيضًا وخلال ستة قرون قامت بمذابح بشرية بشعة ضد رعاياها المواطنين من أعراق أخرى، ولعلّ أكثرها بشاعة ما يتذكره أهل الشام وما فعله «الانكشارية» التي تحدثتُ عنهم في مقالي الأسبوع الماضي بجانب «الباشبوزق» المرتزقة في مدينة حلب بسوريا خلال عهد سليم الأول عام 1516م، ففي أحد الجوامع الكبيرة حاصر الانكشارية السوريين العلويين وذبحوا من فيه من الرجال والشيوخ والأطفال والنساء واستمر الذبح أسبوعًا في مدينة حلب بقطع الرؤوس مستبيحين المدينة وبيوتها حتى سُميت المذبحة بـ»التلل» لأن الانكشارية جمعوا رؤوس الضحايا حتى تكون تل منها، ومن نجا من تلك المذبحة هرب إلى الجبال الساحلية التي عُرفت بجبال العلويين بعد هذه الجريمة التي ذهب ضحيتها ما يقارب 90 ألفًا .بينما المصريون لا ينسون أبدًا مذبحة القاهرة عام 1517م تطرق لها مسلسل «ممالك النار»، وفي هذه المذبحة خلال احتلال العثمانيين للقاهرة قتل»الانكشارية» ما يقارب عشرة آلاف من المصريين من النساء والأطفال والشيوخ .وماذا أيضًا من مذابح العثمانيين ضد العرب!؟ هناك مذبحة كربلاء في عهد الوالي نجيب باشا عام 1842م المعروف بكرهه للعرب، وقدر عدد الضحايا بعشرة آلاف من النساء والأطفال والشيوخ تم قتلهم ببشاعة، ولن ينسى التاريخ للعثمانيين أيضًا مذابح الأشوريين والسريان والكلدان عام 1915م وسُميت بمذبحة «سيفو» باللغة السريانية أي «السيف» ذبح فيها العثمانيون ما يقدر بين 250 إلى 500 ألف من الأشوريين! ونفذ العثمانيون أيضًا الإبادة الممنهجة لليونانيين بين عامي 1914- 1922م في الأناضول قتلا وترحيلا قسريًا وذهب ضحيتها ما بين 500 ألف إلى 750 ألفًا! والكثير الكثير من جرائم بشعة قامت بها الدولة العثمانية ضد رعاياها ممن استعمرت أراضيهم من الأعراق الأخرى عرب وغير عرب، وقد يظن البعض أنها حروب باسم الدفاع عن الإسلام لكنها جرائم تطهير عرقي لا علاقة لها بالإسلام بل تشويه لصورة الإسلام الذي رفع العثمانيون شعاره ليستمر حكمهم بالدم، والدليل ما قام به فخري باشا من انتهاك عظيم لحرمة المدينة المنورة وأهلها الآمنين في جريمة بشعة لم تراعِ الدولة العثمانية فيها حرمة المسجد النبوي ويرويها الأحفاد حتى الآن، معروفة بـ»سفر برلك» ومقالي القادم عنها -إن شاء الله-.

مشاركة :