من اغتيال مهدي عامل إلى اغتيال الهاشمي فتّش عن حزب الله

  • 7/13/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم تتغير عقلية الفاشي في بيروت وبغداد رغم مرور ما يقارب من أربعة عقود من الزمان   ما أشبه الليلة بالبارحة في شكل الجريمة والعملية الإرهابية التي انتهت نهاية الثمانينات في لبنان باغتيال المفكر والأستاذ الأكاديمي مهدي عامل في بيروت بالجريمة الإرهابية التي انتهت منتصف الأسبوع الماضي باغتيال الباحث والخبير بالشأن العراقي الراحل هشام الهاشمي. ففي 18/‏5/‏1987م انطلقت رصاصات غدر وموت لتصيب الكادر الشيوعي المتقدم حسن حمدان الشهير بمهدي عامل فترديه قتيلاً في الشارع البيروتي العام، وسرعان ما تتكشف الجريمة الارهابية عن فاعلين مجرمين من حزب الله اللبناني بحسب شهادة الزعيم الشيوعي اللبناني كريم مروة في أكثر من لقاء تلفزيوني وصحفي. المفكر مهدي عامل أستاذ الفلسفة وخريج السوربون الفرنسية تخصص في سنواته الأخيرة للحفر إركيلوجيًا، وذهب عميقًا لأكثر مما تحتمل عباءة ايديولوجية الثيوقراطية الشوفينية لحزب الله فقرر اغتياله للتخلص من فكره الذي كشف الغطاء عن حقيقة الحزب فكريًا وايديولوجيًا، وكما صفى المفكر الشيوعي اللبناني الكبير الراحل حسين مروه قبله بثلاثة أشهر صفى اغتيالاً مهدي عامل، وأسدل الستار على الفاعل وضاع دم مهدي كما ضاع دم مروّه بين القبائل السياسية في لبنان. وعلى ضفاف دجلة والفرات خرج الشاب هشام الهاشمي ليتلمس ذات الطريق الملغومة برصاص الغدر يترصد كل باحث علمي يزيح الستار الكثيف عن الفكر الظلامي الفاشي لجماعات نظرية الولي الفقيه، وهي الجماعات التي احترفت في العراق العمل المليشياوي العلني لتفرض سطوتها وسلطتها باعتباره دولةً فوق الدولة. الشاب هشام الهاشمي امتشق قلمه وراح بمشرط الفكر التحليلي والعلمي يشرّح كيان المليشيات الثيوقراطية الولائية، فبرز من بين أقرانه بما دفع الفضائيات ومحطات التلفزة لاستضافته في برامجها وتقاريرها لما اتصف به فكره من منطق موضوعي مدعومًا بقاعدة معلومات وفيرة وكثيرة كان الهاشمي يدعم بها أطروحاته وهو يفكك تلك المليشيات. وفي أجواء العراق، حيث الموت أو التفجير يترصد كل مختلف أو مخالف، تلقى هشام الهاشمي الأب لطلفين صغيرين تهديدات مجهولة معلومة تحذره وتنذره بأن يكف أو سوف يكفونه إلى النهاية. شجاعة هشام تجاوزت المحاذير التي ساقها له أصدقاؤه والنصائح التي نصح بها الأهل والأقارب وقال هشام «قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا». ذلك إن هشام الهاشمي كان صاحب قضية ومبدأ، وليس محترفًا أو طالبًا لشهرة إعلامية كما هو شأن الكثيرين في عالم يصنع النجوم المنطفأة، فهشام يقدم معلومات وشروحًا وتحليلات حتى لمن يطلبها بالتلفون او يقصده في المنزل أو المقهى أو أي مكان. هشام الهاشمي جاء لزمن عراقي آخر، زمن مستنير ومدني ومنفتح ومتقبل وقابل بالمختلف ومتعايش مع المكوّنات والتلاوين الأخرى، لكنه زمن بغدادي تلفع بعمامة التصفيات والاغتيالات وذبح الآخر على الهوية وخطاب الطائفية شكل العقل والوجدان منذ العام 2003 حين صعد حلف وحلفاء إيران الصفوية على قمة الحكم فتحكم في رقاب العباد وسرق البلاد وخنق الأصوات المختلفة وبكاتم الصوت حينًا وبنقبلة ومتفجرة يجلل صوتها في سماء العراق دانت له العراق. لكنها لفترة محكومة بزمن لن يطول كما رأينا حتى تمرد العراق العربي وراح يبحث عن هويته المختطفة بليلٍ بهيم محاولاً استعادة لسانه وصوته وحرفه العربي، فمازال صوت الجواهري يهز بعربيته ضمير الشعب العراقي الذي خرج من رحمه هشام الهاشمي. وكما فعلوا مع مهدي عامل وحسين مروّة في لبنان، فعل رديفهم حزب الله في العراق مع هشام الهاشمي، فسوى الرصاص لإسكات الصوت المغاير لم تتغير وسيلتهم بمعنى لم  تتغير عقلية الفاشي في بيروت والفاشي في بغداد رغم مرور ما يقرب من أربعة عقودٍ من الزمان. وحتى بعد أربعين عقدًا من الزمان لن تتغير عقلية الفاشي الثيوقراطي المعمم بفكرٍ ملغوم ومسكون بالتفجير والتدمير لفرض السطوة والوصول إلى السلطة.

مشاركة :