دول الخليج تواجه تحديات لامتلاك تكنولوجيا المستقبل | | صحيفة العرب

  • 7/14/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

استشعر محللون محاولات بعض الدول التي تمتلك كافة الخيوط الممكنة في مجال التكنولوجيا من إمكانية فرض قيود مشددة على نشر أسرارها ومشاركة المعرفة مع الدول الباحثة عن الاستفادة من التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في تطوير اقتصاداتها من بينها دول الخليج ما يجعلها أمام تحدّ آخر للظفر بحصة أوسع في سوق يزداد نموا. لندن - تمضي أغلب بلدان الخليج العربي أسرع من نظيراتها العربية في امتلاك وسائل تكنولوجية تُكسبها مقومات اقتصادات المستقبل القائمة على الذكاء والنهضة العلمية والرقمية والإلكترونية. وفي حين تراهن دول المنطقة على استقطاب الحلقات الأساسية في صناعة التكنولوجيا والتقنية والذكاء الاصطناعي ضمن مشاريعها الطموحة المستقبلية لتنويع إيراداتها، لكن قد تصطدم بتحديات جديدة تتمثل في زيادة احتمالات تعثر نقل المعرفة من دول العالم المتقدم إلى الأسواق النامية. ووفق رصد لمركز الخليج العربي للدراسات والبحوث لمعالم تغير قواعد التنافس المستقبلي بين الدول الكبرى وأثره على دول الخليج، تزيد احتمالات توجه القوى العظمى لزيادة إمكانية تقييد تصدير المعرفة ومشاركتها مع الاقتصادات الناشئة. ويرجع الخبراء ذلك لضمان بعض الدول الكبرى على غرار الولايات المتحدة عامل التفوق الاستراتيجي في سباق مستقبلي محموم بين القوى الصناعية الكبرى على حماية اقتصاداتها من المنافسة الشرسة، التي سيذكيها دخول مرجح لبعض الدول النامية لسباق التصنيع وإنتاج المعرفة مستقبلا. وقد تتجه بعض الدول المتقدمة لتقليص انفتاحها على التعاون الدولي في مجال العلوم والتقنية الرقمية ووسائل الذكاء العلمي في ظل سياسات حمائية وكذلك للحفاظ على ريادتها وإبطاء وتيرة سرعة انتقال بعض دول العالم النامي إلى مصاف الدول المتقدمة التي تمتلك وسائل التكنولوجيا وأسرار المعرفة. وبرزت هذه التحديات مع تسجيل أدنى مستوى للتعاون الدولي في مشاركة الأبحاث والبيانات العلمية والمعرفة خاصة في ظل الأزمات منذ اجتياح وباء كورونا العالم. وأظهر السباق المحموم خلال الأشهر الأخيرة بين دول العالم على امتلاك اختراع دوائي لعلاج وباء كورونا، بوادر تقلص التعاون الدولي في تشارك المعرفة والبيانات حول الفايروس. ويقود هذا الأمر إلى استشراف صراع جديد مستقبلا بين الدول الغربية المتقدمة لزيادة الحمائية والنوايا الاحتكارية للعلوم والبحوث والاختراعات والتكنولوجيا. ومن شأن هذا الصراع المتوقع أن يؤثر على حركة نقل التكنولوجيا دوليا. وقد تكون عدة دول بينها بلدان الخليج التي تراهن على الاستثمار في مشاريع مستقبلية عملاقة في مجال التكنولوجيات الحديثة بين المتضررين من تعثر تصدير المعرفة. وبدأت الإمارات والسعودية والبحرين وسلطنة عمان تشق طريقها نحو تعزيز الاكتفاء الذاتي في المجالات التقنية والتعويل عليها في تنويع اقتصاداتها على المدى المتوسط والبعيد. وعزز صندوق الاستثمارات العامة السعودي (الصندوق السيادي)، الذي يدير أصول أكبر مصدّر للنفط في العالم، خطواته في اقتناص الفرص الاستثمارية في مجال التكنولوجيا. واستكمل الصندوق خطواته بشرائه في مايو الماضي حصص أقلية في شركات أميركية كبرى منها بوينغ وفيسبوك وسيتي غروب. وكان الصندوق قد كشف في أبريل عن شراء حصة تبلغ 8.2 في المئة في كارنيفال كورب التي تضررت بشدة من فايروس كورونا، مما رفع أسهم هذه الشركة المشغلة للسفن السياحية إلى نحو 30 في المئة. ويملك الصندوق بالفعل حصة بقيمة ملياري دولار في أوبر تكنولوجيز وشركة لوسيد موتورز للعربات الكهربائية، وهو مساهم مهم في رؤية سوفت بنك الياباني حيث ضخ قرابة 45 مليار دولار في مشاريع تكنولوجية. أما جهاز مبادلة للاستثمار فضخ عدة استثمارات في هذا المجال وأهمها مشروع عملاق التكنولوجيا غوغل المتعلق بابتكار السيارات ذاتية القيادة. ويسير الصندوق العماني للتكنولوجيا في نفس الطريق حيث بدا تركيزه منصبا على الاستثمار في منصات وتطبيقات تقنية مختلفة من بينها تلك التي تساهم في الحد من فايروس كورونا. بطء حركة توريد التكنولوجيا والتقنيات الحديثة قد يسبب فجوة معرفية وتقنية في عدد من المشاريع الضخمة الخليجية المعتمدة على الذكاء العلمي وإنتاج الخدمات المتطورة والمتضمنة في الرؤى التنموية المستقبلية بعيدة المدى وتكتفي البحرين حتى الآن بإدخال التكنولوجيا المالية للقطاع المصرفي، وهي تحاول أن تستقطب تكنولوجيا أمازون عبر افتتاح مكتب لعملاق وادي السليكون في المنامة. في المقابل، لا تزال كل من الكويت وقطر تسيران بخطى متثاقلة لجلب التكنولوجيا أو الاستثمار في شركات ناشئة تعمل في مجال الابتكار المرتبط بالتقنيات الحديثة، الأمر الذي يعقد من مهمة حكومتي هذين البلدين. ونظرا لأن الاستثمار في المعرفة سيكون الأكثر ربحية على المدى المتوسط، فيرجح محللون أن تزيد كلفة نقل وامتلاك التقنيات والتكنولوجيا اللازمة لبناء اقتصاديات المعرفة التي تراهن عليها دول الخليج. كما قد يسبب بطء حركة توريد التكنولوجيا والتقنيات الحديثة فجوة معرفية وتقنية في عدد من المشاريع الضخمة الخليجية المعتمدة على الذكاء العلمي وإنتاج الخدمات المتطورة والمتضمنة في الرؤى التنموية المستقبلية بعيدة المدى. ومن أكثر المشاريع والقطاعات الخليجية التي قد تتأثر، برزت مشاريع كل من الجزر الكويتية الذكية ومدينة نيوم السعودية المستقبلية، ومدن تصنيع الذكاء العلمي في الإمارات وإمكانية تحولها لمنصات لإنتاج الروبوتات والأقمار الصناعية. وهناك منتجات واعدة في دول الخليج من المحتمل تأثرها كقطاعات إنتاج السيارات والطيران، فضلا عن قطاعات الأبحاث الطبية. ويرى مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث أن مجالات الاستفادة من الطاقة النووية قد تتأثر أيضا ببطء محتمل في نقل التكنولوجيات التي تحتاجها النهضة الخليجية المستقبلية بعيدا عن الاعتماد على النفط. وتهدف بعض الدول الصناعية الكبرى إلى حماية منتجاتها من السرقة والتقليد والتجارة الموازية، فضلا عن رغبة جامحة لضمان الاحتفاظ بآليات الإنتاج ومنع تسرب أسرارها إلى دول العالم النامي، الذي لم ترتق دوله بعد بمصاف العالم المتقدم بسبب استمرار تبعية الاستهلاك وخاصة لوسائل المعرفة والتكنولوجيا. وفي ظل زيادة رواج نظريات حمائية الاقتصاد والمعرفة خاصة بين القوى العظمى، ليس من المستبعد قيام عدد من الدول المتقدمة بزيادة تشديد القيود على نقل التكنولوجيا مستقبلا إلى دول العالم النامي. ومثلما كان هناك صراع محتدم على الطاقة طيلة العقود الأخيرة فقد يتحول الصراع على امتلاك التقدم العلمي والتكنولوجي وهذا ما كشفه الصراع المحموم بين كبرى الدول لكسب أسبقية امتلاك علاج فايروس كورونا وعدم مشاركة خصائصه مع أي جهة أخرى في ظل السرية التامة ورغبة الحفاظ على سر التفوق. وفي ظل زيادة محاولات ومبادرات عدد من الدول النامية لتسريع الاكتشافات والأبحاث العلمية، باتت جهات كبرى تتخوف من تحقيق عدد من الدول اكتفاءها الذاتي في عدد من المنتجات أو الخدمات. ويؤكد محللو المركز أن ذلك يهدد بتراجع حصة دول ومؤسسات عالمية وعملاقة في سوق صناعة التقنية خاصة في مجال تصنيع السيارات والهواتف والطائرات دون طيار وصولا إلى صناعة مقاتلات حربية، وهو ما اعتبر تقدما لافتا في مجال التقنية في تركيا الطامحة لامتلاك سلاح ردع تقني قبل أن يكون نوويا.

مشاركة :