شكل الانخفاض المتواصل الذي سجلته أسعار النفط، منذ ما يزيد على العام وحتى اللحظة، فرصة جديرة بالاستغلال من قبل كافة الدول التي تسعى إلى تحقيق إصلاحات جوهرية على الهيكل الاقتصادي المتبع لديها، وأكد تقرير نفط الهلال ان ذلك يأتي نتيجة حجم التأثير الكبير الذي تحمله الفاتورة النفطية على الميزانية الحكومية السنوية والتي تدفعها في كثير من الاوقات إلى الاقتراض لسد العجوزات المتراكمة، ناهيك عن التأثيرات التضخمية التي تحملها أسعار النفط المرتفع على اقتصاديات الدول النامية بشكل خاص، وقد لا تتكرر مسارات أسعار النفط الحالية خلال الفترة القادمة، كون السوق النفطي يشهد حراكا نشطا على مستوى الانتاج والمنتجين والقرارات ذات العلاقة، وبالتالي فإن أسعار النفط لن تبقى منخفضة في ظل ارتفاع الطلب يوميا بعد يوم نتيجة ارتفاع وتيرة النشاط الانتاجي لدى الاقتصاد العالمي. استغلال هبوط الأسعار وتظهر التقارير الصادرة عن البنك الدولي وجود مؤشرات إيجابية لدى اقتصاد جنوب آسيا، تقوم على استغلال هبوط أسعار النفط للقيام بإصلاح آليات تسعير الطاقة لديها، كونها من الاقتصاديات الاسرع نموا، والتي يتوقع أن تتسارع وتيرة النمو الاقتصادي لديها لتصل إلى 7.4% في العام 2016، يأتي ذلك كنتيجة مباشرة لانخفاض أسعار النفط، الامر الذي يعني أن دول المنطقة أكبر المستفيدين من هبوط أسعار النفط؛ كونها من الدول التي تصنف ضمن الدول المستوردة للنفط بشكل كامل، في المقابل فإن من شأن تراجع الضغط على الموازنات وتخفيض العجوزات أن يدعم الاستثمارات ويعمل على تعزيز مؤسسات الاعمال، وتحسين ثقة المستثمرين وتخفيض معدلات التضخم، وبالتالي فإن العديد من دول جنوب آسيا أصبحت خارج منطقة الخطر الذي يشكل أعباء النفط المصدر الرئيسي له، لتنتقل من قائمة الدول التي تواجه أعلى معدل للتضخم بين الدول النامية إلى صاحبة أدنى معدل تضخم خلال عام واحد. وبات من المؤكد أن تحمل التراجعات على الاسعار نتائج إيجابية مباشرة على أسعار المواد الغذائية، فيما تشكل فرصة فريدة من نوعها لترشيد أسعار الطاقة ومن ثم تقليص أعباء الدعم المالي المباشر لمشتقات الطاقة، والجدير ذكره هنا أن عمليات الاصلاح والهيكلة تحتاج إلى فترة زمنية لا تتناسب كثيرا مع تقلبات أسعار النفط ويزداد الامر سوءا، في حال سجلت أسعار النفط ارتفاعا في المدى المتوسط قبل الانتهاء من عمليات الاصلاح والبدء بتلمس النتائج الفعلية، مع الاخذ بعين الاعتبار أن نتائج التحول من نماذج النمو الذي يقوده الاستهلاك إلى نماذج النمو الذي يقوده الاستثمار يتطلب الكثير من الجهد والوقت ليتحقق. ويبقى التحدي الاكبر متمثلاً في قدرة الدول على الاستجابة للظروف المواتية في الوقت الحالي، وسرعة التكيف معها وعكسها على كافة الانشطة والقطاعات الاقتصادية، مع الاخذ بعين الاعتبار أن غالبية الدول النامية تحتاج إلى دعم ومساندة وبشكل خاص الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض، حتى تصبح اقتصادياتها أكثر مرونة تجاه الاصلاحات الاقتصادية وتوجيه الاستثمار والتركيز الحكومي نحو تحسين بيئة الاعمال وخلق فرص العمل، الامر الذي يضمن لها تحقيق معدلات نمو جيدة ومستقرة على المدى الطويل مستفيدة بذلك من كافة التطورات والتغيرات لدى اسواق الطاقة والاقتصاد العالمي. 5700 فرصة عمل ومؤخراً أكدت شركة «أرامكو السعودية» أن مقاولي المملكة أنجزوا 80% من مشروع «ساتورب»، والذي يُعد سابع أكثر المصافي تعقيداً وتطوراً على مستوى العالم، مبينة أن نسبة السعودة الإجمالية تبلغ 64.4%، مما سيوفر هذا المشروع نحو 5700 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. وأوضحت «أرامكو» أن مشروعها المشترك مع شركة توتال الفرنسية، الذي يقع في الجبيل على القرب من الساحل الشرقي في المملكة «ساتورب» يحتوي على أكبر المصافي وأكثرها تطورًا في العالم، وأن المصفاة قادرة على التحويل الكامل لنحو 400 ألف برميل في اليوم من الزيت العربي الثقيل إلى بنزين وديزل ووقود طائرات، لافتة إلى أن الكميات المكررة وصلت في مصفاة ساتورب في شهر أغسطس 2014 إلى مستوى الطاقة التصميمية القصوى للمصفاة البالغة 400 ألف برميل في اليوم. وبيّنت أن المجمع ينتج أكثر من مليون طن سنويًا من البارازيلين، ومادة البنزول والبروبيلين عالي النقاء، في خطوة وصفتها بالسعي لتحقيق رؤيتها المتمثلة في أن تصبح من ضمن أكبر ثلاث شركات تكرير عالمية وشركة عالمية رائدة في مجال صناعة البتروكيميائيات.
مشاركة :