ظل صندوق الاستثمارات العامة على مدى أكثر من 46 عاماً رافداً اقتصادياً رائداً ومساهماً رئيسياً في تطوير العديد من الكيانات الاستثمارية الوطنية، حيث أسهم في تأسيس عدد من كبريات الشركات في المملكة، وتمويل العديد من المشاريع والشركات الحيوية والمشاركة فيها، مقدّماً الدعم المالي إلى المشاريع ذات الأهمية الاستراتيجية للاقتصاد الوطني. يتمتع صندوق الاستثمارات العامة بإمكانات مالية قوية تتيح له الاستثمار في المشاريع الكبرى وتنفيذ المشاريع الاستثمارية المهمة من خلال استراتيجية استثمارية قوية، حيث يتمثل دوره في استثمار ثروة الدولة بطريقة تحقق عوائد جذابة طويلة الأجل تسهم في المحصلة بتنويع مصادر الدخل المملكة، ويطبق استراتيجية تمويل راسخة تقوم على أربعة مصادر تمويل واضحة المعالم وتضمن قدرة الصندوق على تمويل النشاط على المدى الطويل، ورأسمال استثماري مرتفع وسيولة وفيرة تدعم استثماراته والتزاماته. أول مصادر التمويل الأربعة هو عمليات ضخ رأس المال من قبل حكومة المملكة، والتي كان آخرها ضخ نقدي بقيمة 40 مليار دولار قدمته مؤسسة النقد العربي السعودي في أبريل 2020، والذي سيسهم في تعزيز خطة الصندوق بمواصلة اقتناص الفرص الاستثمارية محلياً ودولياً. فعلى المستوى الدولي، ساهم وضع الأسواق بسبب تأثير جائحة كورونا المستجدة على أسعار أسهم الشركات المدرجة في الأسواق العالمية. أما محلياً فقد عمل الصندوق إما مباشرة أو من خلال شركاته على المساهمة بشكل إيجابي في استقرار السوق المحلي ودعم جهود الدولة لتجاوز الجائحة. ولذا فإن صندوق الاستثمارات العامة يهدف دوماً إلى تنويع الاستثمار وتوسيع محفظته الاستثمارية لتحقيق مكاسب طويلة الأجل، ويبحث الصندوق دوماً عن فرص استثمارية استراتيجية جذابة محلياً ودولياً، سعياً منه لتحقيق العوائد الاستثمارية والمساهمة في عملية التحول الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل للمملكة. وتستهدف هذه الاستثمارات الشركات التي تسهم في دفع الاقتصادات وقيادة القطاعات في المستقبل. وساهم وضع صندوق الاستثمارات العامة المالي وتوسيع محافظه الاستثمارية المحلية والدولية إلى صعود صندوق الاستثمارات العامة إلى المركز التاسع لأول مرة بين أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم حسب آخر تحديث لمعهد صناديق الثروة السيادية حول العالم والمتخصص في هذا الشأن. وثاني هذه المصادر هو تحويلات الأصول من الحكومة، ومن أمثلتها تحويل العديد من الأصول الحكومية سواء كانت شركات أو عقارات أو أراض، أو فنادق وغيرها لصندوق الاستثمارات العامة للعمل على استغلالها بالطريقة الاستثمارية الأمثل، وبالتالي تطويرها وتحسين أدائها المالي، مما يسهم في زيادة رأس المال للصندوق وعوائده، ويهدف بالمحصلة في تنويع مصادر دخل الدولة كأحد مستهدفات رؤية المملكة 2030. ويتمثل المصدر الثالث في العوائد المستبقاة من الاستثمارات، أي العوائد والتخارج من استثمارات الصندوق، ومن أحدث أمثلتها بيع الصندوق لحصته البالغة 70٪ في شركة سابك لشركة أرامكو السعودية، وذلك بعد عشرات السنين ظلت فيها سابك واحدة من شركات محفظة الصندوق، وحققت خلالها نمواً كبيراً لتصبح لاعباً رائداً في مجال البتروكيماويات في المملكة وعلى الصعيد الدولي. وستوفر هذه الصفقة للصندوق رأس مال ضخم لتعزيز استراتيجية الاستثمار طويلة الأمد لصندوق الاستثمارات العامة، مما سيسهم في تنوّع القطاعات، ومصادر الدخل في المملكة. أما المصدر الرابع لتمويل الصندوق فهو القروض وأدوات الدين، حيث كانت الخطوة الأولى في برنامج الصندوق الاستراتيجي متوسط المدى هي إتمام الصندوق إجراءات الحصول على قرض مجمّع بقيمة إجمالية 11 مليار دولار في سبتمبر 2018م بالتعاون مع مجموعة من أكبر البنوك العالمية، علاوة على قرض تجسيري في أكتوبر 2019م بقيمة 10 مليار دولار، والذي أعلن الصندوق أنه يسعى من خلال هذا القرض إلى تسريع تنفيذ برنامج الاستثمار الطموح الذي يقوده الصندوق، مع الإبقاء على مستوى محافظ من الديون من خلال سداد القرض. ولتحقيق أهداف تنويع الاقتصاد السعودي وتعزيز ثروة المملكة ودعم طموحها لتكون قوة استثمارية عالمية، يقوم الصندوق بإطلاق قطاعات اقتصادية جديدة، حيث قام الصندوق بتأسيس أكثر من 20 شركة جديدة تعمل في العديد من القطاعات المحلية، مثل الترفيه والسياحة والصناعات العسكرية وتمويل الشركات الناشئة وغيرها. ويتم العمل حالياً على دراسة تأسيس وتطوير 31 شركة أخرى في عدة قطاعات مختلفة مما سيصب في المحصلة في دعم الاقتصاد الوطني، وزيادة فرصة مشاركة القطاع الخاص. ويعمل الصندوق كذلك على توطين التقنيات وبناء شراكات اقتصادية استراتيجية، بما يتيح له أن يصبح المستثمر الأكثر تأثيراً في العالم، وفي هذا الجانب فقد تمكن الصندوق من تنمية الأصول التي يديرها من حوالي 565 مليار ربال سعودي في 2015 إلى أكثر من 1,2 تريليون ريال سعودي في 2019، وتمكن من زيادة إجمالي عائدات المساهمين من 3% إلى 9,7% خلال ذات الفترة. لقد تمكن الصندوق من بناء مكانة بارزة لنفسه كمستثمر على المدى البعيد، أما من حيث السيولة فإنه يتمتع بموقف قوي يجعله قادراً على الاستفادة من الفرص الناشئة قصيرة المدى، بما يتيح له استغلال الأرباح التي تولدها استثماراته في قطاعات متنوعة، وتقديم الدعم لمحفظة شركاته الحالية في حالة الضرورة، واكتشاف الفرص الجديدة ذات التقييم المرتفع والتي نستشرف فيها آفاقاً تجارية راسخة على المدى البعيد. وقد تنامى دور الصندوق في حقله الاقتصادي بوتيرة متسارعة وخلاّقة في ضوء الاستراتيجيات العريضة التي أقرّها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وذلك في سياق الجهود المبذولة لدفع عجلة التحول الاقتصادي الوطني والتغيير الإيجابي المستدام في المملكة، وعبر إسهام الصندوق الفعّال في تنمية الاقتصاد المحلي وتوسيع محفظته من الأصول الدولية، حيث يستثمر الصندوق في القطاعات والأسواق العالمية وفي تكوين الشراكات الاستراتيجية وإطلاق المبادرات الكبرى، لتحقيق أهدافه بكفاءة عالية، وتعظيم العائدات المستدامة على الاقتصاد الوطني بما ينسجم مع الأهداف الطموحة التي تتوخاها رؤية 2030.
مشاركة :