حذرت دولة الإمارات العربية المتحدة من أن طبول الحرب التي تقرع حول سرت في ليبيا تهدد بتطور جسيم وتبعات إنسانية خطيرة، وجددت دعوتها إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، وتغليب الحكمة في ليبيا. وقال معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، في تغريدة على «تويتر»: «طبول الحرب التي تقرع حول سرت في ليبيا الشقيقة تهدد بتطور جسيم، وتبعات إنسانية وسياسية خطيرة. وندعو من الإمارات إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، وتغليب الحكمة، والدخول في حوار بين الأطراف الليبية، وضمن مرجعيات دولية واضحة، وتجاهل التحريض الإقليمي وغاياته». يأتي ذلك فيما اعتبر وزير الخارجية المصري سامح شكري أن تصريحات نظيره التركي تشاووش أوغلو بشأن وجود تحضيرات لعملية عسكرية في سرت أمر خطير وخرق لقرار مجلس الأمن وقواعد الشرعية الدولية، وتطور بالغ الخطورة. كما نفى وزير الخارجية المصري صحة ما جاء على لسان نظيره التركي بشأن محادثات في الفترة الماضية بين تركيا ومصر في قضايا عدة، مؤكداً أنه لم يكن هناك أي تواصل أو حوارات بين مصر وتركيا في الفترة الماضية. وفي الإطار نفسه حذر خبراء ودبلوماسيون في تصريحات لـ«الاتحاد» من نتائج تصاعد التوترات والتصعيد العسكري في الأزمة الليبية لاستمرار التدخلات الأجنبية، مشددين على ضرورة تغليب الحكمة والحوار، واستئناف الحوار السياسي بين جميع الأطراف، في إطار المبادرات الدولية والقوانين الدولية المتعلقة بذلك. وقال السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري الأسبق، إن الدعوة إلى تغليب الحكمة، وعدم الانصياع خلف التحريض التركي، والعودة الفورية للحوار السلمي في ليبيا، هو تفكير متزن يتماشى مع ثوابت القانون الدولي والأمم المتحدة، وكذلك تغليب مصلحة الشعب الليبي، مشدداً على أن تجنب الحروب أمر يستوجب جهود الجميع. وأضاف أن الحكمة لابد أن يتم طلبها من المحتل التركي أيضاً الذي أصبح لا يسمع لأحد، ولا يلتزم بأي قوانين دولية أو مخرجات المؤتمرات الدولية لتحقيق أطماعه الاستعمارية، موضحاً أنه سيكون من الصعب طلب الحكمة من الشعب الليبي الذي تُنهب أراضيه وثرواته أمامه بقوة السلاح من المرتزقة، أو أن تطلب من مصر التي لا تريد أي شيء سوى الحفاظ على أمنها القومي، مؤكداً أن الحروب كل من فيها خاسر، ولذلك فالعودة للمفاوضات السلمية هي الحل الوحيد. واتفق اللواء طيار الدكتور هشام الحلبي، مستشار بأكاديمية ناصر العسكرية في مصر، حول ضرورة تغليب الحكمة والحوار في هذه المرحلة من الأزمة الليبية، مشدداً على أن أي ممارسات غير ذلك خاصة العسكرية ستكون لها آثار مدمرة على الشعب الليبي وثرواته ومصالحه والمنطقة أيضاً. ولفت إلى أن التدخلات التركية تهدف إلى السيطرة على عقود النفط والتنقيب عن الغاز والسيطرة على الثروات الليبية، عبر تأجيج الصراع بنقل العناصر المرتزقة وآلاف الإرهابيين إلى الأراضي الليبية، موضحاً أن من المستبعد أن تتراجع حكومة «الوفاق» عن موقفها الداعم لوضع عدم الاستقرار. وبدوره، اعتبر محمد حميدة، الباحث في الشؤون التركية والعربية، أن أهمية استئناف الحوار في الوقت الراهن تكتسب أهمية كبرى لأسباب ومخاطر عدة تترتب على عملية التصعيد العسكري، خاصة أنه باستئناف عملية الحوار السياسي سيكون على القوات الأجنبية والمرتزقة مغادرة ليبيا، وهو ما يمثل ضربة لأردوغان ومرتزقته. وأوضح أن ذلك أيضاً يحول دون استيلاء أنقرة على أموال الدولة الليبية من خلال المصرف المركزي، باعتبار أن الحوار السياسي يهدف لإعادة تشكيل المجلس الرئاسي، وما يتبعه من تغيير إدارات المصرف والمؤسسة الوطنية للنفط. وحذر من أن اندلاع مواجهات عسكرية سيسهم في زيادة قدرة وانتشار الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء.
مشاركة :