سعود الفيصل ... رحل بصمت | مقالات

  • 7/14/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

«لن ننام... والكويت تحت الاحتلال»... سعود الفيصل. رحل بصمت... وهذه طريقة الكبار في الرحيل، يرحلون من دون ضجيج، ولكن يتركون الأثر الواضح الذي يصعب على كتاب التاريخ تجاوزه، وستبقى إنجازاتهم تتحدث عن مآثرهم إلى وقت طويل، عن صلابتهم وقدرة تحملهم للأزمات، عن أفراحهم بإنجازاتهم، وعن الساعات العصيبة في المواقف الشديدة، ولم يكن يحتاج إلى الشهادات والأوسمة والنياشين التي تبرهن على إنجازاته الواضحة، إنه صاحب تاريخ حافل وطويل بالتحديات الداخلية والخارجية. وكتب الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السعودية أسامة نقلي عن خبر وفاة الفيصل، في موقع التواصل الاجتماعي: «كنت أتمنى أن أنفي إشاعة خبر وفاتك هذه المرة أيضاً، ولكن العين تدمع والقلب يحزن، وإنا لفراقك لمحزونون». كان المرحوم صاحب أطول منصب وزير خارجية في العالم، حيث قضى 40 عاماً بالعمل الديبلوماسي، كانت هذه الفترة كفيلة ومليئة بتغيرات كبيرة، تغيرت أنظمة وخرائط، اندلعت حروب، عاصر أكثر من 10 رؤساء لأميركا، وكان يمثل جسر التواصل بين الشرق والغرب بسبب المرونة بذكاء التي كان يتمتع بها، وقال عنه جون كيري وزير الخارجية الأميركي، إن «الأمير سعود الفيصل لم يكن وزير خارجية فحسب، بل كان من بين الأكثر حكمة في العالم أيضاً». عاصر أحداثاً كبيرة حصلت في العالمين العربي والغربي على حد سواء، فعلى الصعيد العربي كانت الانتفاضات الفلسطينية، والحرب اللبنانية، والحرب العراقية - الإيرانية، والغزو العراقي بعد ذلك حيث قال كلمته الشهيرة عن الكويت:«ستعود الكويت رغم أنف صدام»، وأحداث الربيع العربي التي ماتزال في البدايات، أما على الصعيد العالمي فكانت أبرز الأحداث حرب الاتحاد السوفياتي على أفغانستان، وحرب البوسنة والهرسك. كان دائم السفر بحكم وظيفته، يجيد مجموعة من اللغات المختلفة، قالوا في مآثره الكثير، وكانت الأنظار دائما ترقبه في المحافل الدولية، ويقول وزير خارجية بريطانيا ديفيد ميليبند: «سعود الفيصل يستطيع أن يحصل على ما يريد، ومنح السعودية قوة خارجية لا يُستهان بها»، وقال مستشار الرئيس الروسي الأسبق بوتين: «إن سعود الفيصل يتحدث بوضوح تام يجعل محادثيه في حيرة من أمرهم، كيف يكون وزير خارجية بهذا الصدق». ويقول عبد الرحمن الراشد عن الفيصل «إدارة العلاقات مع الدول لعبة شطرنج تتطلب الذكاء والصبر، ولا شك أنه كان صاحب فطنة وحكمة وصبوراً جدًا. وبحكم تراكم التجارب، فقد خدم أربعة ملوك، صار محل ثقة ليس عند رؤسائه فقط، إنما أيضاً عند الخصوم. الشرق الأوسط منطقة مسكونة بالخلافات القديمة، والخصومات الشخصية، والعلاقات المتقلبة، والشكوك، والأسوأ أن معظم نزاعاتها دون منطق، ولا يفترض أن تقع أصلاً في هذا المناخ المتوتر دائمًا، الديبلوماسية وسيلة مهمة للوصول إلى بر الأمان، وحماية المصالح العليا». رحم الله سعود الفيصل... رحل بصمت... ولكنه سيبقى مدرسة مفتوحة يتعلم منها الآخرون.. akandary@gmail.com

مشاركة :