هل ينبغي إعفاء المنتجات المستلمة رقميا من الرسوم الجمركية؟

  • 7/16/2020
  • 20:37
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

مع تطور الثورة الرقمية، غادر مزيد من المنتجات المسار المادي إلى التداول عبر الإنترنت لتفلت بذلك من الرسوم الجمركية، فهل ينبغي إعفاء المنتجات التي يتم تسليمها رقميا من الرسوم الجمركية؟ سؤال قيد النقاش منذ سنين، قد يأتي الحسم في المؤتمر الوزاري المقبل لمنظمة التجارة العالمية العام المقبل. على سبيل المثال، يتم تداول الأفلام والموسيقى رقميا بدلا من الأقراص المدمجة أو الأقراص المضغوطة أو أقراص الفيديو الرقمية، بالمثل، يجري تداول الكتب حيث يتم تنزيل الكتب الإلكترونية وألعاب الفيديو أو تشغيلها عبر الإنترنت. وفي حين يتم تطبيق الرسوم الجمركية على الواردات الملموسة للمنتجات الرقمية، فإن واردات ذات المنتجات عبر الإنترنت تفلت من الرسوم الجمركية، وذلك بفضل "وقف طوعي moratorium" للرسوم الجمركية على التجارة الإلكترونية بموجب قرار لمنظمة التجارة العالمية، يحظر على الدول فرض الرسوم الجمركية على الإرسال الإلكتروني. ويعود تاريخ القرار إلى عام 1998 عندما كان الاتجار الرقمي في المنتجات محدودا، كما كان هناك دولتان فقط تملكان القدرة على تحصيل الرسوم الجمركية على الواردات غير الملموسة، علاوة على أنه، لم يكن أحد يتوقع قبل نحو ربع قرن أن العالم كان يشهد بداية ثورة رقمية هائلة. الدول النامية تخسر الإيرادات واستمر الوقف الاختياري منذ عام 1998، مع ذلك، ارتفع عدد المنتجات الرقمية، فالدول النامية، وهي مستوردة صافية للمنتجات الرقمية، تخسر بسرعة عائدات التعريفات الجمركية بسبب هذا الوقف الطوعي، حسب، راشمي بانجا، كبير موظفي الشؤون الاقتصادية، في منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد". وتقول المنظمة إنه بسبب "الوقف الطوعي"، فالخسائر المحتملة في إيرادات التعريفات الجمركية للدول النامية تقدر بعشرة مليارات دولار في 2017، في آذار (مارس)، إذ أوضحت جنوب إفريقيا والهند الآثار السلبية المترتبة على الوقف الطوعي بالنسبة للدول النامية، وتشمل التحديات إلى جانب فقدان الإيرادات التعريفية المحتملة، خسارة في تطور التقنيات الرقمية مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد وأثرها على التصنيع. وسيتخذ قرار بشأن مواصلة الوقف الطوعي أو عدمه في المؤتمر الوزاري الـ12 لمنظمة التجارة العالمية في 2021. كوفيد - 19 يزيد من تفاقم آثار الوقف الطوعي كالعادة، دخل كوفيد - 19 وما لحقه من إغلاقات مطولة للنشاط الإنساني على الخط مباشرة، إذ أدى إلى ارتفاع هائل في واردات المواد الفاخرة الرقمية مثل الأفلام والموسيقى وألعاب الفيديو والمواد المطبوعة والكتب وغيرها. وفي حين أنه كان من المتوقع أن تدفع الأزمة ملايين الناس في الدول النامية إلى الفقر المدقع، فقد تم إنفاق موارد مالية محلية ثمينة على واردات هذه السلع الكمالية. تقدير حجم الإيرادات المحتملة حددت منظمة التجارة العالمية المنتجات القابلة للرقمنة في إطار خمس فئات شملت، التسجيلات الصوتية، الأعمال السمعية البصرية، ألعاب الفيديو، برامج الحاسوب، والأعمال الأدبية، وحددت أيضا 30 منتجا قابلا للرقمنة مع التعريفات المرتبطة بها. وقدرت المنظمة انخفاض التجارة الفعلية لهذه المنتجات بمعدل سنوي قدره - 2.7 في المائة منذ عام 2000، وخلصت إلى أن الخسارة المقدرة في إيرادات التعريفات الجمركية بسبب الوقف الطوعي ليست كبيرة. بيد أن "أونكتاد" تقول إن الوقف الطوعي ينطبق على الواردات على الإنترنت لا على الواردات المادية، وأن الواردات الفعلية من المنتجات الملموسة العالمية المحددة بـ49 منتجا رقميا في 2017 بلغت قيمتها 116 مليار دولار، في حين قدرت قيمة الواردات الملموسة الأخرى غير المرقمنة والقابلة للرقمنة بـ255 مليار دولار، ومن ثم، قدرت الواردات العالمية من المنتجات القابلة للرقمنة عن طريق الإرسال الإلكتروني بمبلغ 139 مليار دولار. وتقول "أونكتاد" إنه بسبب الوقف الطوعي لمنظمة التجارة، فإن الخسائر المحتملة في إيرادات التعريفات الجمركية للدول النامية بلغت عشرة مليارات دولار في 2017. والخسائر المحتملة في إيرادات التعريفات الجمركية لأقل الدول نموا بمبلغ 1.5 مليار دولار في حين خسرت الدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى نحو 2.6 مليار دولار. وقد عانت الدول المرتفعة الدخل من خسارة في إيرادات التعريفات الجمركية في حدود 289 مليون دولار فقط، حيث تم تحديد متوسط الرسوم المقيدة بها عند 0.2 في المائة. لذلك، يمكن للدول النامية أن تدر إيرادات تعريفية أكثر من 40 مرة كل عام مقارنة بالدول المتقدمة إذا ما تم فرض رسوم جمركية على الإرسال الإلكتروني. تغيير الأهداف المتعلقة بنطاق الوقف الاختياري ووسعت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي نطاق الوقف الطوعي بالتأكيد لأن الإرسال الإلكتروني هو "تسليم رقمي" ويشمل جميع الخدمات التجارية الأجنبية التي يتم تداولها إلكترونيا. لمعالجة مسألة توسيع نطاق الوقف الاختياري، قدمت "أونكتاد" أدلة قوية على الفرق بين المنتجات "غير الملموسة" و"الخدمات"، وهي تدفع بأن التجارة في المنتجات غير الملموسة ينبغي أن تعامل على أنها تجارة في السلع، تختلف عن التجارة في الخدمات. وتقدر "أونكتاد" التغطية التجارية للوقف الطوعي بعد توسيع نطاقها من 80 مليار دولار (واردات المنتجات القابلة للرقمنة) إلى 705 مليارات دولار (بما في ذلك الواردات الرقمية للخدمات) للدول النامية. تقول المنظمة إن وباء كوفيد - 19 كشف أنه من المهم للغاية للدول النامية أن تنظم وارداتها من الأفلام والموسيقى وألعاب الفيديو، حيث سيوفر إلغاء الوقف الطوعي هذا حيزا لإيرادات الحكومات.

مشاركة :