من تجربتي الشخصية ومن تجارب كثيرة سمعتها حولي ، تعلمتُ أن المعاناة التي يعيشها الإنسان قد تكون دائماً في صالحه، لماذا؟ لأنها في بادئ الأمر تهديه الأجر الكبير على تحمله قضاء الله وقدره، ومن ثم قد تصنع منه انساناً مكافحاً، لذلك أنصح ُنفسي كأم وأنصح ُجميع أولياء الأمور ( الوالدين) لا تعودّوا أبنائكم على الدلال الزائد، على تلبية الرغبات في كل أمر، لأن كل ذلك سيعوّدهم على الاتكاليه وعدم تحمل المسؤولية وعدم القدرة على اتخاذ القرار. لا أدعو في مقالي هذا إلى القسوة في التعامل معهم ، ولكن أدعو إلى الموازنة والاعتدال معاهم في تلبية الرغبات. عودّوهم على تحمل المسؤولية وشق طريقهم بأنفسهم، اتركوهم يسيرون في هذه الحياة يتألمون ومن ذلك يتعلمون، اتركوهم يقررون، اتركوهم يعانون قليلاً حتى يُخرجون أفضل مالديهم. أشعرُ بالأسف أحياناً حين أرى طفلاً يُدلل لدرجة أنه لا يستطيع أن يأخذ قراره بنفسه، والديه وأهله يقررون عنه كل شي يخصه، ويجلبون له كل مايريد، إذن متى هذا الطفل سيفكر، ومتى سيتعلم من أخطائه إن كنتم لاتعطونه الفرصة ليخطئ وتريدونه مُدلل ومُلبى الطلبات في كل الأوقات؟! قنّنوا في تدليلكم لهم، واصنعوا من جيلهم القادم جيل مُكافح وعنيد وقادر على مواجهة الصعوبات في شتى الظروف. اشركوهم في مشكلاتكم واجعلوهم يساعدوكم في اقتراح الحلول لها، اجعلوهم يساهمون معاكم في إدارة ميزانية المنزل، ومعرفة ما الضروري للعيش وماالفائض للترفيه، ضعوا أقدامهم على أرضية وضعكم المادي ومعاناتكم ، لا تُلبوا لهم كل شي دون أن تُخبروهم أنكم ربما لاتستطيعون، على العكس أشعروهم معكم بأن هذه الحياة لابد فيها من الصبر والكفاح والاستغناء عن الرفاهيات الزائدة حتى يتحسن الوضع المعيشي للأسرة، علموهم توفير الفائض من مصروفهم لشراء رغباتهم ، فلذلك أجمل الوقع في قلوبهم من شراءكم أنتم لها ، هنا سيشعر الطفل أيضا بأهمية المال وضرورة توفيره لجلب مايريد الأطفال الآن للأسف يدخلون السوبر ماركت ويصرفون الخمسين ريال وكأنها ريالٌ واحد فقط وربما لايرضيهم ذلك أيضاً، أخشى على هذا الجيل من نكران النعم التي تؤدي إلى تبّدل الأحوال، قلّلوا من هذا التدليل وانتبهوا لعاطفتكم الأبوية الجارفة، عودّوا مسامعهم على الأمثال التي تربى عليها جيلنا. ( الصبر مفتاح الفرج) و ( من جد وجد ومن زرع حصد) وهكذا حتى يشعروا بحجم المسؤولية. الا تلاحظون معي أنه حتى التعليم الآن ذهب في مناهجه الى فكرة طرح الدرس كمشكلة وعلى الطالب حلها، اجتهادا منهم في انشاء جيل قادر على حل المشكلات، فلنتعاون إذن البيت مع المدرسة في انشاء هذا الجيل الواعي والمكافح. أختم مقالي هذا بسؤال موجه لكم أيها الآباء والأمهات، هل تضمنون تأمين هذه الحياة المرفّهة لأولادكم لعشرين سنةٍ قادمة دون علمكم بالظروف التي ممكن أن تبدل أحوالنا..؟! إن كان جوابكم بنعم، فاستمروا وأطلبُ من الله المعونةَ لكم، وإن كان جوابكم لا.. فتداركوا الأمرَ سريعاً قبل فوات الآوان فما بين طرفة عينٍ وانتباهتها يبدلُ الله من حالٍ إلى حال.
مشاركة :