وترجل الفارس سعود الفيصل

  • 7/14/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كان فارس الدبلوماسية الخليجية والعربية بحق وبلا منازع. لم يكن دبلوماسياً عادياً بل كان يملأ منصبه ويفيض بخبرته على الآخرين في هذا الحقل الشائك والملغوم والذي استطاع الراحل العزيز سعود الفيصل أن يسير فيه طويلاً بحكمة حكيمة وبهدوءٍ وثبات من فطنة سياسية وثقافية كان يديرها بمهارة لافتة حتى عند الغربيين الذين قدروا فيه هذا الوعي السياسي المتمكن وتلك الثقافة الموسوعية التي قلَّ نظيرها عند الدبلوماسيين ووزراء الخارجية. كان يمتلك بمهارة ناصية العمل الدبلوماسي والسياسي فيخاطب العالم بعدة لغات تمكن منها واجاد الحديث والقراءة بها وهي أدوات جعلت منطقه يصل الى عقلِ ووجدان مستمعه والمنصت اليه في المباحثات الدبلوماسية الكثيرة والعديدة التي خاضها رحمة الله عليه مدافعاً عن حقوق بلاده وحقوق اشقائه في التعاون وفي البلاد العربية. الفارس الانيق رحمه الله استلم منصبه الكبير في فترة عربية وعالمية دقيقة بكل المقاييس اعترتها واعترضها العديد من المخاطر والكثير من المحن والأزمات الخانقة والصعبة.. ولكنه وبوصفه ربان الدبلوماسية الخارجية للمملكة العربية السعودية بما تمثله من ثقل ووزن في المعادلة العربية والاقليمية والعالمية استطاع ان يمخر عباب هذه المخاطر وان يدير هذه الأزمات بعقل دبلوماسي أثار دهشة العالم ورؤسائه وكبار مسؤوليه. وإذا كانت البحرين عن بكرة أبيها لن تنسى مواقف قيادات المملكة العربية السعودية الشقيقة عندما خطط الطامعون لإثارة القلاقل والفتن الكبرى فيها فإنها لن تنسى للراحل الكبير سعود الفيصل ذلك الدور المشرف والعربي الأصيل الذي قام به رحمه الله أثناء الازمة وكيف تصدى بأسلوب حضاري وسياسي لكشف المخطط الطامع وكيف حذر الطامعين من اطماعهم.. فكانت اصداء مواقفه وما زالت في الذاكرة الجمعية للبحرينيين وكم استذكروها واستعادوها وهم يؤبنون الراحل العزيز على قلوبهم. وكما لا حظ الاستاذ سلمان الدوسري رئيس تحرير الشرق الأوسط كان وزيراً أبعد ما يكون عن التعاطي المباشر مع الناس. إلاّ ان السعوديين كما الخليجيين والعرب أحبوه وتابعوه حاضراً وحزنوا عليه ميتاً. لم يفقد الناس وزيراً كما فقدوا سعود. وإذا ما أخذنا ملاحظة الاستاذ الدوسري الى أفق الحقيقة.. سنجد أن الراحل سعود الفيصل لم يكن وزير خارجية اعتيادياً.. بل كان محط أنظار وانتظار وترقب المواطنين العرب جميعهم وفي مختلف المراحل عندما كان يحمل الملفات العربية الدقيقة والكبيرة والمهمة ويفتح مظلة الحوار حولها مع اقطاب العالم الكبار. فكان المواطنون العرب يتابعونه ويتابعون كيف ادار تلك الملفات وكيف عالج تلك القضايا وتتضاعف متابعاتهم ويتضاعف اهتمامهم بهذا الدبلوماسي الفذ حين يقفون على حنكة ادارته ومعالجاته للقضايا والملفات العربية بعقل عروبي نقي السريرة. لم يساوم ولم يهادن ولم يتراجع عن الحقوق العربية طوال مسيرته الدبلوماسية فاكتسب ما هو ابعد من ثقة المواطن العربي البسيط والمثقف السياسي والعادي. اكتسب حبهم له وتقديرهم لأدائه النادر وبصيرته العميقة في كل المواقف الصعبة. وعزاؤنا أن الراحل العزيز ترك وراءه وخلّف مدرسة في الدبلوماسية السعودية والعربية ايضاً لاشك أنها ستترسم خطاه وستسير على منواله في حراكها وأدائها الدبلوماسي والسياسي وستنهل من معينه الذي لا ينضب رحمه الله رحمةً واسعة.

مشاركة :