قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل أمس، إنه مقتنع بأن توافر الشجاعة السياسية يمكن أن يساعد في التوصل إلى اتفاق بشأن صندوق التعافي من تداعيات وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيدـ 19). وأضاف أن المفاوضات ستكون صعبة، مشيراً إلى أن هذا التمويل لخطة التعافي الاقتصادي لا يتعلق فقط بالمال، ولكن يتعلق أيضاً بالمواطنين ومستقبل الاتحاد الأوروبي ووحدته. جاء ذلك مع بدء قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس، قمة تستمر يومين لمحاولة التوصل إلى اتفاق حول خطة ضخمة لإنعاش الاقتصاد بعد الأضرار التي نجمت عن وباء كوفيد-19. وقال المتحدث باسم رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، إن قادة الدول الـ27 بدأوا أول اجتماع لهم وجهاً لوجه منذ فرض إجراءات الإغلاق لمكافحة فيروس كورونا المستجد، «بتبادل لوجهات النظر» مع رئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي. وتوقعت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل أن تكون «مفاوضات صعبة جداً» سعياً للاتفاق على خطة إنعاش اقتصادي في القارة التي تعاني من تبعات وباء كوفيد-19. وقالت للصحافيين إن «الخلافات لا تزال كبيرة جداً» في مواقف القادة الأوروبيين مضيفة «أتوقع مفاوضات صعبة جداً». من جهته، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بروكسل أن قمة الاتحاد الأوروبي «لحظة حقيقة وطموح لأوروبا. إننا نعيش أزمة غير مسبوقة على الصعيد الصحي إنما كذلك على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. وهي تتطلب قدراً أكبر بكثير من التضامن والطموح». وحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قادة الاتحاد الأوروبي، على الاستعداد لتقديم تنازلات حتى يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق بشأن صندوق التعافي من آثار فيروس كورونا خلال قمة للاتحاد الأوروبي تستمر يومين. وقال قبيل القمة «أنا واثق، ولكني حذر.. سنفعل كل ما بوسعنا للتوصل إلى اتفاق». وبدأت القمة أمس وتستغرق يومين في بروكسل، لبحث خطوط حل وسط لبرنامج السيطرة على الأزمة الاقتصادية الناجمة عن كورونا، والذي يُقدر بالمليارات، إلى جانب الإطار المالي للاتحاد الأوروبي خلال الأعوام المقبلة. ويلتقي قادة دول الاتحاد الأوروبي الـ27 في بروكسل في اجتماع غير محسوم النتائج يتعين عليهم خلاله التفاهم على خطة إنعاش اقتصادي لا تحظى بالإجماع رغم الركود التاريخي الذي يهدد القارة. وشدد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الذي سيترأس القمة الضغط على المشاركين، فحض رؤساء الدول والحكومات في الدعوة الموجهة إليهم مساء الأربعاء على التوصل إلى تسوية لدعم الاقتصاد بمواجهة وباء كوفيدـ 19. وحذر رئيس الوزراء البلجيكي السابق في رسالته بأن «هذه هي اللحظة، الآن. التوصل إلى اتفاق أمر أساسي. وهذا سيتطلب عملاً دؤوباً وإرادة سياسية من جانب الجميع». وتدور المفاوضات حول خطة إنعاش اقتصادي بقيمة 750 مليار يورو تشكل المنح القسم الأكبر منها، إذ تتوزع بين 250 مليار يورو من القروض و500 مليار يورو من المساعدات التي لن يتحتم على الدول المستفيدة منها إعادة تسديدها. وتضاف هذه الخطة إلى ميزانية الاتحاد الأوروبي لفترة 2021-2027 البالغة قيمتها 1074 مليار يورو والتي يتحتم على القادة الاتفاق عليها في الأسابيع أو الأشهر المقبلة. وحتمت الأزمة الصحية الطارئة إضافة خطة إنعاش إلى جدول أعمالهم. لكن من المتوقع أن تكون المفاوضات طويلة وشاقة إذ تملك كل دولة حق النقض، وقد لا تكون هذه القمة الاستثنائية المقررة ليومين اللقاء الأخير بين القادة. وأقر مسؤول أوروبي كبير عشية الاجتماع بأنه «ليس من المضمون أن يتم التوصل إلى اتفاق، بل على العكس لا تزال هناك خلافات كبرى في وجهات النظر يجب تخطيها». ويتوقع أن تأتي المعارضة الرئيسية مرة جديدة من رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي الذي يعتبر مسؤولاً جزئياً عن فشل القمة في فبراير. وأبدى روتي الذي يتزعم مجموعة الدول المؤيدة للتقشف، وهي إلى جانب هولندا النمسا والدنمارك والسويد ومعها فنلندا إلى حدّ ما، الكثير من التحفظات على خطة الدعم الاقتصادي التي تستفيد منها في المقام الأول دول الجنوب وفي طليعتها إيطاليا وإسبانيا. وتدعو الدول «المقتصدة» إلى خفض المساعدات وتؤيد منح قروض تعيد الدول تسديدها لاحقاً. كما تطالب لقاء أي مبالغ مالية بإصلاحات في الدول المستفيدة. المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (إلى اليمين) ورئيس قبرص نيكوس أناستاسياديس يحييان بعضهما قبل بدء مجلس الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (أ ف ب) المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل (إلى اليمين) ورئيس قبرص نيكوس أناستاسياديس يحييان بعضهما قبل بدء مجلس الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (أ ف ب) الجنوب يرفض التقشف ترفض دول جنوب الاتحاد الأوروبي دعوات التقشف خشية أن تضطر إلى الخضوع لخطط تفرضها دول أخرى مثلما حصل لليونان في أشدّ أزمة منطقة اليورو، ما أرغم سكانها على القيام بتضحيات أليمة. وللسيطرة على مسار هذه الدول بطريقة أفضل، يدعو رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي إلى أن تتم المصادقة على خطط الإصلاح التي تطرحها بإجماع البلدان الـ27 وليس بغالبيتها طبقاً لاقتراح شارل ميشال. كما تتطرق القمة إلى موضوع حساس آخر هو ربط منح الأموال باحترام دولة القانون، وهي مسألة تدرج لأول مرة في ميزانية الاتحاد الأوروبي غير أنها تلقى مقاومة شديدة من بولندا والمجر، البلدان اللذان باشر الاتحاد آلية بحقهما بسبب انتهاكات لاستقلالية القضاء والحقوق الأساسية. وتعلق آمال كبرى في وسط هذه المساومات على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي منذ الأول من يوليو. وبذلت ميركل التي احتفلت أمس ببلوغها الـ66 من العمر، جهوداً كثيفة لإقناع القادة الآخرين بضرورة إقرار خطة المساعدة بشكل عاجل. ووافقت المستشارة على طرح فرنسا بأن يتم اقتراض أموال على نطاق واسع باسم أوروبا، متخلية بذلك عن رفض بلادها الشديد لفكرة تشارك الديون.
مشاركة :