الكويت - طمأن رئيس مجلس الأمّة (البرلمان) الكويتي مرزوق الغانم مواطنيه بشأن صحة أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، لكنّه أشار في المقابل إلى أنّه سيُجري، بعد أيام، فحوصات طبية وصفها الغانم بالروتينية. وجاء ذلك بعد أن راجت عبر مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن “تدهور الحالة الصحية” للأمير رافقها سيل من التعاليق المعبّرة عن القلق. وقال الغانم في تغريدة نشرها على حسابه بتويتر “للتو (الخميس) تشرفت بتناول طعام الإفطار مع والدي سمو أمير البلاد كما جرت العادة.. وأقول لأهل الكويت الطيبين الذين لهجت ألسنتهم بالدعاء لسموه.. اطمئنوا والدنا بخير وصحّة وعافية”. وأضاف في تغريدته “الأسبوع المقبل سيُجري صاحب السمو الفحوصات الطبية الروتينية، ونسأل الله العلي القدير أن يحفظه ويبقيه ذخرا للبلاد والعباد مع سمو ولي عهده الأمين”. وجاءت الأنباء عن صحة أمير الكويت الذي بلغ في يونيو الماضي 91 عاما من العمر، بعد حوالي سنة من رواج إشاعات خلال الصائفة الماضية حول صحّته كذّبها أيضا رئيس مجلس الأمّة، غير أنّ الديوان الأميري أعلن في 18 أغسطس 2019 تعافي الأمير من “عارض صحي تعرض له بعد فحوصات طبية تكلّلت نتائجها بالنجاح”. وبعد أقل من شهر من ذلك أعلن في الثامن من سبتمبر من نفس العام عن دخول الشيخ صباح الأحمد مستشفى في الولايات المتّحدة الأميركية، حيث قضى خمسة أيام خضع خلالها لفحوصات طبية وصفت بالمُطَمئنة، ليعلن في العاشر من أكتوبر عن عودته إلى البلاد. ويقوم الأمير بدور محوري في النظام الكويتي ويمثّل بسلطاته الواسعة ضمانة للاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني في البلد. وجاءت الأنباء الأخيرة عن مرض الشيخ صباح الأحمد في فترة كويتية بالغة الحرج والتعقيد بسبب جائحة كورونا وما واجهته البلاد بسببها من صعوبات مالية واقتصادية كانت قد بدأت أصلا مع التراجع الكبير في أسعار النفط الذي يمثّل المورد الرئيسي لميزانية الكويت. وتجلت تلك الصعوبات في توجّه السلطات نحو الاقتراض الداخلي والخارجي لسدّ عجز الميزانية، حيث ناقشت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بالبرلمان الكويتي قبل أيام مشروع قانون يتعلّق بالسماح للحكومة بالحصول على قروض عامة وتمويل من الأسواق المحلية والعالمية بقيمة تصل إلى 65 مليار دولار على مدى العقود الثلاثة القادمة. وتفجّرت على هامش جائحة كورونا في الكويت أزمات جزئية بعضها متعلّق بملفات قديمة كثيرا ما جرى تأجيل فتحها ومعالجتها، مثل قضية كثرة الوافدين وغرق سوق الشغل بمئات الآلاف منهم والذين وجدوا أنفسهم، مع فرض حالة الإغلاق لمواجهة الوباء، في حالة بطالة بينما تعذّرت إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية بالسرعة المطلوبة. ولا تنفصل كثرة الوافدين وتجاوز أعدادهم الحاجة الفعلية لسوق الشغل في الكويت عن ظاهرة الفساد التي أصبحت تمثّل هاجسا للسلطات الكويتية على أعلى مستوى، إذ أن الكثير من الأجانب يتمّ جلبهم عن طريق من يُعرفون بتجّار الإقامات. وتفجّرت خلال الأيام الماضية إحدى أكبر قضايا ممارسة هذه التجارة غير المشروعة تورّط فيها وافد من بنغلاديش، لكنّ ما زاد القضية تعقيدا وإحراجا للسلطات هو تورط موظّفين في الدولة بينهم على الأقل شيخ واحد من الأسرة الحاكمة. وتضاعف الحرج عندما تمّ مؤخّرا استدعاء شيخ آخر للتحقيق معه في قضية ما يعرف إعلاميا بـ”الصندوق الماليزي” والمتعلّقة بغسل أموال لصالح رجل أعمال صيني ماليزي وهي ذات القضية التي يحاكم فيها رئيس حكومة ماليزي سابق. وتثير قضايا الفساد حالة من القلق بما تشيعه من ارتباك في الحياة السياسية الكويتية وما تخلّفه من أثر سيئ على سمعة البلاد الطامحة لإدخال إصلاحات عميقة على اقتصادها تحدّ من تبعيته شبه الكاملة لموارد النفط، الأمر الذي استدعى تدخل رأس هرم السلطة أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح للتنبيه إلى خطورة الظاهرة والدعوة إلى إنهائها، داعيا الهيئة العامة لمكافحة الفساد بالحزم في تطبيق القانون بالعدل والمساواة. ويحكم الشيخ صباح الأحمد الكويت العضو بمنظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” وحليف الولايات المتحدة، منذ عام 2006 بعد أن قاد الدبلوماسية الكويتية لأكثر من خمسين عاما. وكان قد خلف آنذاك الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح الذي لم تسعفه حالته الصحية للبقاء في الحكم أكثر من أيام معدودة. ولا تخلو الكويت من صراعات على السلطة كثيرا ما خرجت إلى العلن وتجسّدت في معارك إعلامية وسياسية تحت قبة البرلمان وخارجها ووصلت في بعض الأحيان إلى أروقة المحاكم.
مشاركة :