أكد مدير عام مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي في بيروت الدكتور فراس أبيض اليوم (الخميس) أن لبنان يواجه تحديا كبيرا في مكافحة الاصابات المتزايدة بمرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) بسبب التأثيرات السلبية للوضع الاقتصادي المتدهور على قدرات المكافحة. وقال أبيض، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن لبنان شهد أخيرا زيادة يومية في عدد حالات الإصابة بمرض (كوفيد-19) بسبب عدة عوامل من بينها إعادة فتح القطاعات واستئناف الأنشطة في البلاد لتجنب المزيد من التدهور الاقتصادي. ويواجه لبنان أزمة مالية واقتصادية هي الأصعب في تاريخه حيث أدت إلى انهيار العملة الوطنية وفقدان السيطرة على أسعار صرفها وتصاعد الفقر والبطالة وتوقف الحكومة عن سداد الديون الخارجية والداخلية في إطار إعادة هيكلة شاملة لهذا الدين، الذي يتجاوز 92 مليار دولار. ووسط النقص في الدولار الأمريكي عمدت المصارف، خلال الأشهر الماضية، إلى تقييد سقف سحوبات الأفراد والشركات بالليرة اللبنانية وبالدولار الأمريكي مما أعاق حركة استيراد المواد الاساسية. ولفت أبيض إلى أنه "لو كان الوضع الاقتصادي مرتاحا لكانت فترة اقفال البلد قد استمرت أطول واستطعنا السيطرة بشكل أفضل لضمان مكافحة أكثر نجاحا ضد المرض". وقال "في بداية أزمة تفشي المرض كانت لنا ردة فعل جيدة باغلاق البلاد في وقت مبكر مما أدى إلى انخفاض عدد الإصابات". وأضاف "هذه السياسة كان لها تأثير اقتصادي سلبي شكل ضغطا على المسؤولين لفتح البلاد واستعادة الانشطة الاقتصادية وتحمل خطر تصاعد العدوى مرة أخرى". وأشار إلى أن فتح المطار الدولي والمؤسسات الاقتصادية والسياحية أدى إلى مزيد من الاختلاط وزيادة عدد الاصابات بسبب انتقال العدوى محليا وعودة مغتربين من الخارج اتضح ان بعضهم مصاب بالفيروس. وأعاد استمرارية الموجة الأولى للمرض في لبنان لمدة أطول مما شهدته بلدان أخرى إلى السيطرة المبدئية على الحد من انتشار المرض، مؤكدا وضع جهود كبيرة للسيطرة على الوضع واعادة ارقام العدوى إلى التدني كما كانت في مرحلة معينة. وذكر أن الازمة الاقتصادية وشح السيولة ونقص العملة الاجنبية اثر سلبا على استيراد المواد والأدوية والمستلزمات الطبية التي يستورد لبنان 90 في المئة من احتياجاته منها. وقال إن "الشح في المستلزمات والادوية له تأثير كبير على جهوزية المستشفيات"، آملا أن تستمر حالات الاصابة بالمرض ضمن السيطرة لان ازديادها يعني الدخول في حالات استشفائية أكثر تتطلب العناية الفائقة مما يضع ضغطا كبيرا جدا على القطاع الاستشفائي في لبنان. وأشار إلى أن الصعوبات في القطاع الاستشفائي المتزامنة مع الأزمة الاقتصادية تأتي في وقت ما يزال القطاع يعاني من آثار الأزمة السورية وأزمة النازحين السوريين التي تشكل عبئا كبيرا على القطاع. ولفت إلى تلقي لبنان مساعدات أجنبية من بينها مساعدة من جمهورية الصين الشعبية وأن هذه المساعدات دعمت لبنان في اجراء فحوصات الـ(بي سي آر) وفي تأمين معدات الوقاية الشخصية للطواقم الطبية. ورأى أبيض أن لبنان ما يزال بحاجة إلى الكثير من الدعم الا أن تفشي المرض في جميع أنحاء العالم يدفع البلدان إلى التركيز على احتياجاتها الخاصة بدلاً من احتياجات البلدان الأخرى. وشدد على توخي المواطنين الحذر من العدوى واتخاذ الإجراءات الاحترازية المناسبة، مضيفا أن المستشفيات تبذل قصارى جهدها لزيادة الوعي وتقييد انتشار المرض. بدوره، قال حسين قطايا مسؤول الطواريء في قسم "الكورونا" في مستشفى الحريري لـ((شينخوا)) إن القسم يجري بين 500 و 600 فحص (بي سي آر) يوميا وان طالبي الفحص هم ممن لديهم أعراض أو مخالطين لمصابين. ولفت إلى أن الجهاز التمريضي في المستشفى مدرب تدريبا جيدا على الوقاية والعزل والاحتكاك مع مرضى (كوفيد-19)، مشيرا إلى وجود فريق متخصص في المستشفى في قسم مكافحة العدوى وأنه مسؤول عن متابعة عمل التمريض والتدقيق في عمله. من جهة ثانية، استمرت الزيادة في اعداد المصابين واعلنت وزارة الصحة في بيان اليوم عن تسجيل 101 اصابة جديدة بمرض (كوفيد-19) مما رفع العدد التراكمي للحالات المثبتة إلى 2700. وقال البيان إن من بين الاصابات المسجلة اليوم 21 حالة لأشخاص قادمين من الخارج. وأشار إلى استقرار العدد الاجمالي لحالات التعافي عند 1485 حالة والى استقرار الوفيات عند 40 حالة منذ تسجيل اول اصابة بالبلاد في 21 فبراير الماضي. وكانت الحكومة اللبنانية قد أعلنت تمديد حالة التعبئة العامة والطواريء الصحية ضمن اجراءات الحد من انتشار مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) لغاية الثاني من أغسطس المقبل مع الفتح التدريجي لغالبية القطاعات الاقتصادية وفرض شروط الوقاية والتباعد الاجتماعي.
مشاركة :