إيران تمسك بالعصا وأوباما يقدم الجزرة

  • 7/14/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

نُقل عن جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، قوله لنظيره الأوروبي خلال الأسبوع المنصرم أثناء المفاوضات الخاصة باتفاق نووي في فيينا: «لا تقوم بتهديد إيراني أبدا». ومن حسن طالع إيران أنها لا تواجه أي تهديدات في تلك المحادثات، إذ لم يبدِ الرئيس أوباما اهتماما كبيرا بكبح جماح النظام. بالفعل وكما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الشهر الماضي، حاول أوباما على مدى السنوات القليلة الماضية تحفيز إيران من خلال حثّ حلفاء الولايات المتحدة على إطلاق سراح مهربي أسلحة مدانين إيرانيين. ويكتب أوباما إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية خطابات مفعمة بالأمل والأمنيات من وقت إلى آخر. وأكد أوباما خلال رسائل مسجلة احتفالا بعيد النيروز، أو رأس السنة الفارسية، أنه يتعامل مع إيران باحترام. وفي ديسمبر (كانون الأول)، رأى الرئيس أنه بعد التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، للبلاد أن تستمر في السعي لأن تصبح «قوة إقليمية ناجحة». ولا يتم العمل بمبدأ «عدم التهديد» على الجانبين، إذ ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» خلال الأسبوع الحالي، أن مجلس تنسيق الإعلام الإيراني يحث المواطنين على الاحتفال بيوم القدس السنوي بشعارات مثل «الموت لأميركا»، و«الموت للصهيونية العالمية». وأخبرني متحدث باسم «عصائب أهل الحق»، الجماعة المدعومة من إيران، في بداية العام الحالي في العراق، أن الجماعة متأهبة لمحاربة الجنود الأميركيين في أي وقت. وعندما اقترب الحوثيون المدعومون من إيران من العاصمة اليمنية في يناير (كانون الثاني)، وفبراير (شباط)، شعرت السفارة الأميركية بالخطر، مما دفعها إلى إغلاق أبوابها وإخلائها من العاملين بها. وإحقاقا للحق بالنسبة إلى أوباما، لقد تم تضييق نطاق الاتفاق النووي مع إيران عمدا، إذ لن يلزم أي اتفاق يرشح عن المحادثات إيران بوقف دعمها للإرهاب، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين في البلاد، أو حتى التوقف عن السعي للحصول على صواريخ يمكنها حمل سلاح نووي. وهذا النهج الذي يحرر إيران، يحرر في الوقت ذاته الولايات المتحدة، فقد أعلن أوباما في مايو (أيار) أنه سوف يبيع أسلحة جديدة بمليارات الدولارات إلى خصوم إيران الإقليميين، وإلى حلفاء أميركا التقليديين من العرب في الشرق الأوسط. ودافع بين رودز، نائب مستشار الأمن القومي، مؤخرا عن محدودية نطاق الاتفاق استنادا إلى أمرين، إذ قال إن البيت الأبيض سوف يدعم الاتفاق فقط إذا كان يضع قيودًا على برنامج إيران النووي، حتى إذا لم يتغير النظام. وأضاف في الوقت ذاته قائلا: «نؤمن بأن عالما يتم التوصل فيه إلى اتفاق مع إيران سوف يثمر على الأرجح تطورا في السلوك الإيراني، أكثر مما سيثمر عالما يخلو من مثل هذا الاتفاق». هناك مشكلتان في هذا التصريح. أولا لم تعدل إيران من سلوكها منذ 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2013 عندما تم التوصل إلى اتفاق مبدئي يعرف باسم خطة الفعل المشتركة. وبحسب آخر تقرير صادر عن وزارة الخارجية بشأن الإرهاب الدولي، دعم إيران للإرهاب «لم يتراجع». ولا تزال إيران مستمرة في دعمها لبشار الأسد في سوريا، وللمتمردين المناهضين للحكومة في اليمن. ويقول حلفاء الولايات المتحدة إن إيران ازدادت عدائية منذ توقيع الاتفاق المبدئي. ما الذي يجعل البيت الأبيض يعتقد أنها ستصبح أقل عدائية بعد توقيع اتفاق نهائي؟ المشكلة الثانية أساسية على نحو أكبر، فإذا لم تنهِ إيران حرب الظل التي تشنها على حلفائنا في الشرق الأوسط، فسيكون الاتفاق الذي يتم التفاوض عليه في فيينا فاشلا، مهما كانت صرامة عمليات التفتيش، أو مهما كانت عودة العقوبات معرقلة. سوف ينتهي بموجب الاتفاق تجميد عائدات إيرانية تصل إلى 150 مليار دولار عالقة في حسابات مصرفية في الخارج. وإذا لم يتغير النهج الإيراني، فسوف يصل جزء من تلك الأموال إلى أيدي إرهابيين وجماعات مسلحة يمثلون خطرا على حلفائنا. مع ذلك هناك مشكلة تتمثل في وجود سابقة، فقد أنفقت الولايات المتحدة جزءا كبيرا من رأس المال الدبلوماسي، خلال السنوات العشر الماضية، لإقناع دول أخرى بالتنازل عن حقها في تخصيب اليورانيوم، وعدم بناء أي نوع من البنية التحتية النووية، التي أقامتها إيران في وقت فرضت فيه الأمم المتحدة عليها عقوبات. وإذا ظل الأمر على هذا النحو دون أي تغير في السلوك الإيراني، فسيعد ذلك بمثابة رسالة تشجع على انتشار الأسلحة النووية، ورعاية لأعمال الإرهاب. وحين يفكر أوباما في الإرث الذي سيخلفه، فحري به أن ينظر في هذا الأمر. لقد أغفل أوباما بموافقته على تضييق نطاق شروط الاتفاق، وحصرها في نطاق برنامج إيران النووي، سبب قلق كثيرين في العالم من برنامج إيران النووي في المقام الأول. وكانت إيران قبل عام 1979 دولة طبيعية لها حق التمتع بحقوقها الطبيعية. وأصبحت إيران قوة ثورية غذت جماعات مسلحة متعصبة كانت تصدر لها أوامر أحيانا بقتل مدنيين. ويحتفي النظام الحاكم في إيران بالإرهابيين، ويطلق أسماءهم على شوارع ومبانٍ تكريما لهم باعتبارهم «شهداء». وعندما بدأت المناقشات النووية بجدية في يناير عام 2014، أكد ظريف هذه الفكرة في بلاده، وذلك حين وضع إكليلا من الزهور على قبر عماد مغنية، العقل المدبر الإرهابي المنتمي إلى حزب الله، والذي ساعد في التخطيط لتفجيرات ثكنات القوات البحرية الأميركية في لبنان عام 1983. وعندما تم توجيه سؤال إليه خلال مقابلة مع «إن بي سي نيوز» خلال العام الحالي، أخفى ظريف أفكاره الحقيقية، وحاول التمييز بين الإرهابيين الذين تدعمهم بلاده، والإرهابيين الذين تعرض بلاده حاليا محاربتهم في العراق وسوريا. وقال: «نحن لا نتحدث حاليا عن جماعة تأتي من كل أنحاء العالم إلى سوريا، أو العراق من أجل إثارة الاضطرابات والمشكلات. نحن نتحدث عن أناس يدافعون عن بلادهم، وأرضهم في مواجهة الاحتلال». ولا يوجد سبب يدعو اليوم إلى القول إن رأي ظريف، أو النظام الذي يمثله، في ما يتعلق بالإرهاب قد تغير. كذلك لا يوجد سبب قوي يدعو إلى الاعتقاد في أنه سيتغير حتى في حال التوصل إلى اتفاق نووي. وإيران ليست غامضة في تهديدها لأعدائها، فيكفي أن تتأمل الشعارات التي تم رفعها خلال فعاليات يوم القدس في إيران الأسبوع الحالي. * بالاتفاق مع «بلومبيرغ»

مشاركة :