يخشى الأوروبيون الأحد أن تنتهي المفاوضات حول خطة الإنعاش لمرحلة ما بعد فيروس كورونا المستجد في اليوم الثالث من القمة الأوروبية الشاقة في بروكسل بالفشل.وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عند وصولها إلى مقر القمة ليوم وصفته ب«الحاسم»، إن «هناك إرادة حسنة كبيرة (...) لكن من الممكن ألا يتم التوصل إلى نتيجة اليوم». وأضافت «لا استطيع حتى الآن قول ما إذا كنا سنتوصل إلى حل».وحذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يدافع عن هذه الخطة إلى جانب ميركل من أن «التسويات» لا يمكن أن تتم «على حساب الطموح الأوروبي». وقال إنه رغم «الخلافات» فإن الاتفاق ما زال «ممكنا».وهناك العديد من نقاط الخلاف من المبلغ الإجمالي للخطة إلى التوازن بين القروض والمنح، مرورا بالتحكم في الأموال المدفوعة وآلية تربط المنح باحترام سيادة القانون في البلدان المستفيدة.والإجماع الضروري من الدول الأعضاء الـ 27 يجعل التوصل إلى تسوية مهمة شاقة.والتقت ميركل وماكرون رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال رئيس القمة صباح الاحد لتحديد ما يجب القيام به بعد 48 ساعة من المناقشات التي وصلت إلى طريق مسدود مع رفض هولندا وحليفاتها «الدول المقتصدة» الأخرى (الدنمارك والسويد والنمسا وفنلندا) هذا المشروع.ووفق مصدر دبلوماسي، يتعين على ميركل وماكرون أن يقررا «على هذا الأساس ما إذا كان سيتم استئناف» القمة التي كان من المفترض أن تستأنف عند الظهر (10,00 ت غ) لكن تم إرجاؤها. اقتراح جديد وبلغ قادة الاتّحاد طريقا مسدودا السبت بشأن حجم وبنود خطّتهم الضخمة لإنعاش الاقتصاد بعد أزمة كوفيد-19، إذ فشلوا في تجاوز المعارضة الشديدة من الدول «المقتصدة»، في اليوم الثاني من المحادثات المكثّفة، فيما أشار مصدر أوروبي إلى أنّ التفاوض كان «شاقّا وصعبا».وبعد محاولات عدة لإيجاد حل، غادرت ميركل وماكرون الاجتماع لمقابلة رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي في الفندق الذي ينزلان فيه، وفقا لمصدر دبلوماسي.وفي صلب المحادثات، خطة إنعاش لما بعد كوفيد-19 بقيمة 750 مليون يورو يمولها قرض مشترك، وهي فكرة مستوحاة من اقتراح تقدم به ماكرون وميركل.وتتألف هذه الخطة في صيغتها الأولى من 250 مليون يورو من القروض ومساعدات مالية بقيمة 500 مليار لن يترتب على الدول المستفيدة منها إعادتها. وتستند إلى موازنة طويلة الأمد (2021-2027) للاتحاد الأوروبي بقيمة 1074 مليار يورو.وقدم شارل ميشال السبت اقتراحا منقحا لمحاولة تبديد التحفظات عن خطة الإنعاش. ويفترض أن يقوم بذلك الأحد مرة جديدة.ومن الخيارات المطروحة تعديل التوزيع بين القروض والمنح عن طريق زيادة حصة الأولى إلى 300 مليار (مقابل 250 في الاقتراح الأولي) بدون خفض حصة المنح المخصصة لدعم خطط الإنعاش الخاصة بدول معنية.ومن الواضح أن «الدول المقتصدة» تفضل القروض على المنح. لكن باريس وبرلين ترفضان أن تكون قيمة المنح أقل من 400 مليار دولار. مسائل أساسية اقترح ميشال أيضا آليّة تسمح لأيّ بلد لديه تحفّظات عن خطّة إصلاح أيّ بلد آخَر، بأن يَفتح «خلال ثلاثة أيّام» نقاشاً بمشاركة الدول الـ27 إمّا في المجلس الأوروبي وإما في مجلس وزراء الماليّة.وهذه الخطوة هي رد على روتي الذي يريد أن تتم الموافقة على هذه الخطط الوطنية بإجماع الدول الـ27، ما يمنح فعليا كل عاصمة حق التعطيل، للتأكد من أن المبالغ المقدمة لدول الجنوب التي تعتبر متراخية في ما يخصّ تطبيق شروط وضع الموازنة، ستنفق بالشكل الصحيح.لكن هذه المطالب الملحة للإصلاحات تقلق روما ومدريد اللتين تخشيان مواجهة برنامج إصلاح مفروض (سوق العمل والرواتب التقاعدية...) مثل ما حصل مع اليونان في السابق.كما تتطرّق القمّة إلى موضوع حسّاس آخر، هو ربط منح الأموال باحترام «دولة القانون». وبإمكان رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أن يستخدم حقّ النقض لصدّ أيّ محاولة لربط تمويل الموازنات بالمحافظة على المعايير القانونية الأوروبية.واتهم أوربان الأحد نظيره الهولندي بأنه يريد «معاقبته ماليا».وقال خلال مؤتمر صحافي «لا أعرف لأي سبب شخصي يكرهني رئيس الوزراء الهولندي أو لماذا يكره المجر».ووفق أوربان، فإن إنشاء مثل هذه الآلية سيتطلب «أسابيع من المفاوضات».وقدّر دبلوماسي أوروبي أنه «إذا فشلت القمة، فسيكون ذلك لسببين: معارضة كونتي المستمرة (للآلية بشأن) الإجماع الذي يطالب به روتي، وإصرار (رئيسة الوزراء الفنلندية سانا) ماران وروتي على سيادة دولة القانون».وتابع «المشكلة أن هذه المسائل أساسية ولن تحل عبر قمة ثانية فقط». (أ.ف.ب)
مشاركة :