أكد عدد من أهل التخصص الشرعي والأكاديميين أن مختلس أموال الدولة خائن للأمانة مستحق للعقوبة في الدنيا والآخرة، ناكث للقسم الذي أقسم به أمام ولي الأمر من الخيانة العظمى مؤكدين أن خيانة القسم هو من اليمين الغموس التي لا كفارة لها إلا بالتوبة النصوح والاستغفار، وإرجاع الحق لأهله.الدكتور محمد مطر السهلي وكيل كلية الشريعة بجامعة «أم القرى» السابق، قال لـ»المدينة»: إن اختلاس أموال الدولة ومخالفة القسم الذي أقسم به أمام ولي الأمر من الخيانة العظمى والقسم هو من اليمين الغموس التي لا كفارة لها إلا بالتوبة النصوح والاستغفار..وأوضح أركان التوبة فقال:التوبة النصوح لها أركان ثلاثة وهي: الندم والإقلاع عن الذنب، وأخذ العهد على نفسه ألا يعود مرة أخرى، وإعادة الحقوق إلى أصحابها.وأضاف: فإذا أكل أموال الناس وأقسم أمام ولي الأمر أن يكون مخلصًا لدينه ومليكه ووطنه فلا تتم التوبة إلا بإعادة الحقوق إلى أصحابها والدولة التي اختلس منها وخان الأمانة وهذه من صفات المنافقين الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله «وإذا اؤتمن خان»، خاصة إذا كانت الخيانة لولي الأمر الذي ائتمنه ومن وقع في مثل هذا فقد خان الله وخان ولي الأمر وخان مجتمعه بنهب الأموال التي رصدها ولي الأمر لرخاء وراحة الشعب وتحسين معيشتهم ودفع الشر والخطر عنهم.إثم عظيم وجرم كبيرمن جانبه قال الدكتور سامي بن أحمد الخياط عضو هيئة التدريس بجامعة جدة: جاءت الشريعة الإسلامية بغرس معالم الأخلاق الحميدة وتكريسها في النفوس، كالصدق، والوفاء، والأمانة وحفظ الحقوق المختلفة للخلق سواء من ذوي القربى أو الجيرة، أو أخوة الدين، أو حقوق ولاة الأمر، قال صلى الله عليه وسلم:(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق): وقد عظم الله أمر القسم فأقسم جل وعلا بما شاء من مخلوقاته في غير ما موطن، قال تعالى:(والفجر وليال عشر)،(والعصر إن الإنسان لفي خير).وأضاف الخياط: نهى أن تكون الأيمان عرضة في الحديث والقول للناس، تعظيمًا له، فقال سبحانه:(ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم) وهذا مع الصدق في القول، فكيف إذا كان مع خلافه؛ فلا شك أن الجرم عظيم، ومن نكث في قسمه الذي أبداه أمام ولي الأمر والملأ، في خدمة الدين ثم المليك والوطن، ورعاية مصالح الدولة، وحفظ أسرارها، وخان وغدر؛ فإثمه عظيم، وجرمه كبير، فكيف إذا اجتمع معه اختلاس أموال الدولة التي أؤتمن عليها لصرفها فيما خصصت له؛ فقام باختلاسها وسرقتها وصرفها عليه وعلى أسرته وذويه، فلا ريب أن من وقع منه هذا فهو خائن للأمانة، مستحق للعقوبة في الدنيا والآخرة إن لم يتب ويتحلل مما فعله واختلسه بإعلان التوبة وإرجاع الأموال لخزينة الدولة.وانتهى الخياط إلى أن من يفعل مثل هذا ربما يكون منافقًا وتظاهر بالإخلاص لولي الأمر، فوثق به وعينه في الولاية العامة خدمةً للدين ثم المليك والوطن، وهو يضمر الشر والخيانة لدينه ووطنه وولاة أمره والعياذ بالله، يبيع دينه بدنياه، وهذا جزاؤه عند الله عظيم، فسيحاسبه الله على خداعه، ونفاقه، وخيانته، واختلاسه، وإضراره بالمصلحة العامة التي خانها، ومتى قدر ولي الأمر عليه، ومحاكمته على ما ارتكب فهذا هو المتعين، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.< Previous PageNext Page >
مشاركة :