انطلاق «مسبار الأمل» بنجاح في رحلته إلى المريخ، يؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ الإمارات، تحمل معها آمال وطموحات العالمين العربي والإسلامي في استئناف الحضارة والمشاركة في مسيرة التقدم الإنساني العالمي، هذا الإنجاز العالمي الكبير لم يكن ليتحقق دون الدعم اللامحدود للقيادة الرشيدة التي راهنت منذ البداية على قدرات أبناء وبنات الوطن في قيادة مشروع الإمارات لاستكشاف الفضاء، وعملت على تحفيزهم وإطلاق طاقات الإبداع والابتكار الكامنة لديهم، وكانوا بالفعل عند حسن الظن بهم، وهم يقودون ملحمة «مسبار الأمل»، الذي يعبر عن رسالة الإمارات الحضارية والإنسانية في خدمة البشرية. لقد كان للرسائل العديدة التي وجهتها القيادة الرشيدة إلى فريق «مسبار الأمل» في مختلف مراحل العمل، أكبر الأثر في تحقيق هذا الإنجاز العالمي الكبير، ومواصلة طريق التميز والتفوق، لأن هذه الرسائل رسخت لدى كوادر هذا الفريق الثقة في النفس، والاعتزاز والفخر بالانتماء لهذا الوطن، الذي يستحق من الجميع بذل الغالي والنفيس من أجل نهضته ورفعته بين الأمم والشعوب، إنها رسائل من ذهب، تعبر عن إيمان القيادة الرشيدة بأن الشباب المؤهل والمتسلح بالعلم والمعرفة هو ثروة الإمارات الحقيقية، ورهانها نحو تعزيز مكانة الإمارات بين الدول المتقدمة. لقد كان الاستثمار في بناء الكوادر المواطنة أهم مرتكزات مشروع الإمارات لاستكشاف الفضاء، من أجل توطين هذا القطاع الحيوي بالكامل، باعتباره من القطاعات الاستراتيجية التي تقتضي أن يكون العاملون فيها من الخبرات المواطنة، واليوم يتحقق هذا الهدف، فدولة الإمارات تمتلك قاعدة عريضة من الكوادر المواطنة التي لديها خبرات كبيرة في قطاع الفضاء، وليس أدل على ذلك من أن الفريق الذي يقود مشروع «مسبار الأمل» هو فريق إماراتي يضم كوكبة من الخبراء والمهندسين والفنيين المواطنين، كما أن القمر الاصطناعي «خليفة سات» الذي تم إطلاقه في أكتوبر عام 2018، أُنجز بكفاءات إماراتية بنسبة 100في المئة، عبر فريق عمل وطني متكامل يضم 70 مهندسة ومهندساً إماراتياً، وهذا إنما يؤكد نجاح رهان القيادة في دولة الإمارات على الكوادر المواطنة في قيادة مشروعها الطموح لاستكشاف الفضاء وتحقيق المزيد من الإنجازات النوعية فيه خلال الفترة المقبلة. حينما يقال إن الإمارات دولة لا تعرف المستحيل، فهذه حقيقة تؤكدها الأفعال على أرض الواقع، وقصة «مسبار الأمل» هي خير تجسيد لذلك، خاصة أن عملية إطلاق هذا المسبار في موعدها المحدد كانت تشكل تحدياً كبيراً، بالنظر لأنها تزامنت مع جائحة كورونا التي فرضت واقعاً صعباً أدى إلى إغلاق الحدود وتوقف حركة النقل والملاحة في العالم، لكن الإمارات استطاعت التغلب على هذه التحديات، وأثبتت بالفعل أنها تمتلك الإرادة القوية لتجاوز أي عقبات، لأن القيادة الرشيدة رسخت لدى أبناء الوطن ثقافة الإنجاز والتفوق والريادة والتميز، وهي منظومة القيم التي دفعت فريق «مسبار الأمل» إلى مضاعفة جهودهم خلال الأسابيع الماضية، من أجل تحقيق هذا الإنجاز التاريخي، الذي يسطر بحروف من نور اسم الإمارات في قائمة الدول صاحبة البصمات المؤثرة في تاريخ الإنسانية. انطلاق «مسبار الأمل» إلى الكوكب الأحمر لن يكون نهاية المطاف، وإنما هو ركيزة لمشروعات علمية وطنية على المدى البعيد، تسعى من خلالها الإمارات إلى تعزيز ريادتها في مجال الفضاء على الصعيد العالمي، ومنها إقامة أول مستوطنة بشرية على سطح المريخ بحلول عام 2117، لأنها تؤمن بالقدرة على خوض غمار المنافسة العالمية، ما دامت تمتلك أدواتها، سواء في ثروتها البشرية المؤهلة، أو بنيتها التقنية والتكنولوجية العالية، أو في منظومتها المتطورة من التعليم والبحث العلمي، التي تواكب مشروعاتها التنموية الكبيرة، لهذا تضع الإمارات لنفسها دائماً أهدافاً طموحة، وتسعى إلى تحقيقها، لأنها تدرك أن الأهداف الكبيرة هي التي تستنهض الهمم وتحفز الطاقات من أجل إنجازها، وخاصة في قطاع الفضاء الذي يعد أحد القطاعات الاستراتيجية الواعدة التي تأتي ضمن رؤية الإمارات المستقبلية للانتقال إلى مرحلة ما بعد النفط، والتي تعتمد على اقتصاد المعرفة. إذا كانت الإمارات تعد رمزاً للتضامن الإنساني في العالم أجمع، وتوظف مواردها ومساعداتها الإنسانية من أجل النهوض بأوضاع البشر في كل مكان، فإن «مسبار الأمل» يعزز هذه الصورة، خاصة أنها تستهدف من ورائه خدمة الإنسانية جمعاء، بصفته أول مهمة من نوعها في العالم توفر معلومات غير مسبوقة عن مناخ المريخ، وتتيحها للمجتمع العلمي العالمي مجاناً، لتؤكد من جديد أنها صاحبة رسالة حضارية وإنسانية عالمية، تستهدف بث قيم الأمل وثقافة الإنجاز، وتحدي المستحيل، والإصرار على تنفيذ الطموحات.
مشاركة :