بغداد ـ يتواصل مسلسل الاغتيالات وخطف الناشطين في العراق، حيث اختطفت عناصر ميليشياوية ناشطة ألمانية، مساء الاثنين، على كورنيش نهر دجلة في وسط بغداد. ويرى متابعون أن تكرار عمليات خطف الرعايا الأجانب في العراق يساهم في الترويج لسمعة سيئة للعراق دوليا وتسويق صورة الدولة العراقية العاجزة عن ضبط أوضاعها الأمنية وحماية الوافدين إليها. وقال النقيب أحمد خلف، بالشرطة العراقية، إن "مسلحين مجهولين يستقلون عربتين اختطفوا مديرة القسم الثقافي في معهد جوته الألماني في بغداد، هيلا ميوس، بالقرب من موقع عملها في شارع أبو نواس وسط بغداد". وأضاف خلف أن "قوات وزارتي الدفاع والداخلية والأجهزة الأمنية الأخرى بدأت بشكل عاجل عمليات بحث في محيط المناطق القريبة" من مكان الحادث. ووصف الدكتور علي البياتي، عضو المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق، الثلاثاء حادثة اختطاف المواطنة الألمانية هيلا ميوس في بغداد بأنه "مؤشر أمني خطير". وقال البياتي في تصريحات صحفية إن "حادثة اختطاف المواطنة الألمانية مؤشر خطير على عدم قدرة الحكومة العراقية والقوات الأمنية في حماية الرعايا الأجانب الموجودين في العراق بشكل رسمي والذين يقدمون خدمات إنسانية وثقافية مستمرة للشعب العراقي في ظروف أحوج ما يكون الشعب اليها". وأضاف: "بكل تأكيد دون إجراءات حقيقية جدية للتحقيق والمسائلة والمعاقبة ستتكرر هذه الحالة وسيؤدي ذلك الى انسحاب كل هذه البعثات من بغداد الى أربيل أو إلى خارج العراق". وطالب البياتي "القوات الأمنية بالقيام بواجباتها بالتدخل الفوري لمعرفة مصيرها وإطلاق سراحها ومحاسبة الجناة بشكل سريع تثمينا لجهودها في خدمة الشعب العراقي من خلال النشاطات الانسانية والثقافية التي تقدمها". وكان البياتي قد نشر على حسابه بموقع تويتر سابقا عن عملية خطف ذاكرا أن: "اختطاف الألمانية هيلا ميوس، مديرة القسم الثقافي في معهد جوتا الألماني في العراق، المعنية بالفعاليات الثقافية والفنية. تم اختطافها بالقرب من بيت "تركيب" الثقافي في ابو نواس في الساعة الثامنة مساء من هذا اليوم (الاثنين) من قبل مسلحين مجهولين". وفي السياق ذاته، قالت الناشطة العراقية ذكرى سرسم فجر الثلاثاء إن المواطنة الألمانية هيلا ميوس أختطفت ليل الأثنين من قبل مسلحين في شارع أبو نواس الشهير على ضفاف نهر دجلة وسط بغداد وأقتيدت الى جهة مجهولة. وأضافت سرسم مسؤولة منظمة برج بابل، احدى منظمات المجتمع المدني العراقية، "هيلا صديقة الجميع وتمتلك علاقات واسعة مع الفنانين والمثقفين وحتى مع متظاهري ساحة التحرير وسط بغداد وكانت تزور ساحة التظاهر وتعمل في المجال الثقافي في العراق منذ عام 2010 وساهمت بالكثير من الفعاليات كما ساهمت بتطوير قدرات عدد من الشباب في مجالات الموسيقى والرقص وتنمية مهاراتهم كما ساعدت عدد من جرحى الانفجارات في بغداد للعلاج في ألمانيا". وأوضحت أن "الزميلة المختطفة لديها مركز (تركيب) لتنمية مهارات الشباب والأطفال وقدمت من خلاله خدمات كبيرة وتعليم اللغة الألمانية وان فقدانها يعد خسارة كبيرة للعراق وسنعمل مع متظاهري ساحة التحرير على تنظيم وقفة احتجاجية للمطالبة بأطلاق سراحها والعمل مع الأجهزة الأمنية للوصول الى الخاطفين ". وذكرت سرسم أن "منطقة أبو نواس تشهد انتشارا أمنيا كبيرا كونه شارع مهم ويضم أبنية مهمة ونستغرب أن تتم عملية الاختطاف في هذا الشارع". وقالت: "أود أن أقول إن اختطاف هيلا يعد كارثة إنسانية وكان لي اتصال هاتفي معها قبل أسبوع وعبرت لي عن سخطها لمقتل المحلل الاستراتيجي العراقي هشام الهاشمي على يد مسلحين أمام منزله ببغداد". وأضافت سرسم "أنا أعرف هيلا منذ عام 2010 حيث التقيتها لأول مرة في منتدى المسرح العراقي كانت برفقة فرقة مسرحية المانية وتكررت زياراتها للعراق وأسهمت بشكل فاعل بتقديم عروض عراقية مسرحية في المانيا ومن ثم قررت الاستقرار في العراق لمواصلة نشاطها الفني والثقافي والمسرحي كما أسست مشروع تركيب عام 2015ليكون محطة لتحقيق أحلام الشاب العراقي في المجال الفني". وأثار اختطاف الناشطة الألمانية موجة غضب واستياء شعبي، حيث أطلق شباب ساحة التحرير حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بتحريرها، إضافة إلى إطلاق هاشتاغ #أطلقوا_سراح_هيله. يذكر أنه تصاعدت عمليات الاختطاف بشكل غير مسبوق في العراق متخذة أبعادا جديدة سواء في طريقة تنفيذها أو في خلفياتها التي تتجاوز المطالب المادية أو تصفية الحسابات الشخصية إلى تصفية حسابات سياسية يكتسي بعضها طابعا إقليميا. ومنذ بداية العام الحالي، خطف صحافيان فرنسيان لأيام عدة، إضافة إلى ثلاثة عاملين في مجال حقوق الإنسان أفرج عنهم بعد شهرين من الاحتجاز إثر اختطافهم مع عراقي في حي الكرادة نفسه. ومنذ انطلاق الانتفاضة الشعبية غير المسبوقة في أكتوبر الماضي، تعرض عشرات الناشطين إلى عمليات اغتيال أو اختطاف، ولا يزال بعضهم في عداد المفقودين. ومؤخراً، اغتيل الباحث العراقي هشام الهاشمي برصاص مسلحين أمام منزله في بغداد، ما أعاد إلى الأذهان حقبة الاغتيالات السياسية التي باتت نادرة في البلاد منذ إنهاء الحرب الطائفية (2006-2009).
مشاركة :