في إطار استعداداتها لتدخل عسكري محتمل في ليبيا إذا دعت الحاجة، شكّلت القاهرة غرفة عمليات عسكرية لمتابعة التطورات في جارتها الغربية. غداة قرار البرلمان المصري تفويض الرئيس عبدالفتاح السيسي شن عمليات عسكرية في ليبيا، دارت بالفعل عجلة الاستعدادات المصرية للتدخل العسكري المباشر في ليبيا حال إقدام قوات حكومة الوفاق على مهاجمة مدينتي سرت أو الجفرة وتم تنظيم غرفة عمليات تابعة لمجلس الأمن الوطني تضم ممثلين عن الأجهزة العسكرية والأمنية. وقال اللواء تامر الشهاوي عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري، إن موافقة البرلمان تعني أنه للرئيس اتخاذ القرار في الوقت الذي يستوجب ذلك. وأوضح الشهاوي، أن الجوانب الدستورية استوفت بهذا التفويض، لكن ذلك ليس معناه إرسال القوات مباشرة إلى ليبيا، وأن هذا القرار يمكن أن يتخذه الرئيس في أي وقت ما إن اقتضت الضرورة التدخل المباشر والتواجد على الأرض. في الإطار ذاته قال اللواء حاتم باشات عضو البرلمان المصري، أن "مصر ليس لها أي أطماع في ليبيا، إنما مهمة القوات تكون في الحفاظ على الأمن القومي المصري". النائبة داليا يوسف عضو لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان المصري أكدت أن البرلمان فوّض الرئيس السيسي والمجلس الأعلى للأمن القومي اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية الأمن القومي. وأمس الأول، أعلن مجلس النواب المصري موافقته بإجماع آراء النواب الحاضرين على إرسال عناصر من القوات المسلحة المصرية في مهام قتالية خارج حدود الدولة المصرية، للدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي الغربي ضد أعمال الميليشيات الإجرامية المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبية إلى حين انتهاء مهمة القوات. وأفادت مصادر مصرية في المقابل، بأن غرفة العمليات التي تم تشكيلها تتابع عن كثب تطورات الأوضاع في ليبيا لاتخاذ قرار في التوقيت المناسب. برلمان طبرق في غضون ذلك أعلن البرلمان الليبي ترحيبه بقرار مجلس النواب المصري وقال المتحدث الرسمي باسم البرلمان الموجود في مدينة طبرق عبدالله بليحق في تصريح نشر على موقع المجلس الرسمي، إن قرار البرلمان المصري، أمس الأول، جاء استجابة لكلمة رئيس مجلس النواب المستشار عُقيلة صالح أمام البرلمان المصري واستجابة لما طالب به مجلس النواب الليبي "الممثل الشرعي المنتخب من الشعب الليبي". وأضاف أن القرار "جاء استجابةً لنداء أشقائهم الليبيين وممثليهم من مشايخ وأعيان وعُمد القبائل الليبية خلال لقائهم بفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي الأيام القليلة الماضية للتصدي لكل الأخطار التي تُحدق بأمن ليبيا ومصر القومي المشترك وللتصدي للأطماع الخارجية في ليبيا من جانب تركيا الداعمة للإرهاب والتطرف والميليشيات الخارجة عن القانون، التي لم تتوقف عن خرق قرارات مجلس الأمن الدولي والقرارات الدولية بحظر توريد الأسلحة عبر إرسالها المتواصل إلى يومنا هذا للسلاح والعتاد والمرتزقة لدعم المليشيات المسلحة"، على حد تعبيره. وتابع أن قرار البرلمان المصري "جاء دعماً لأشقائهم في ليبيا من أجل المضي قدماً في الحفاظ على أمن ليبيا ومصر والمنطقة من الأطماع الاستعمارية التركية التي تهدف لنهب ثروات المنطقة وبث الفوضى والخراب وعدم الاستقرار، وسوف يُسهم في تحقيق الأمن والاستقرار وإفشال مشروع الميليشيات والفوضى الذي تدعمه تركيا وغيرها من الدول الداعمة لهذا المشروع". كما أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أن الوزير سيرغي لافروف ناقش مع نظيره المصري سامح شكري الأزمة الليبية والوضع في المنطقة. وأكد الجانبان أنه لا يوجد بديل لحل الوضع في ليبيا إلا من خلال المفاوضات بمشاركة جميع الأطراف الليبية بما يتماشى مع قرارات مؤتمر برلين المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2510. إردوغان إلى ذلك، أبدى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، المتحالف مع حكومة طرابلس، إصراره على عدم التراجع بعد قرار البرلمان المصري بالموافقة على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا وقال:" لن نعطي أي فرصة لأي طرف يفكر بتنفيذ خططه هناك". وأكد إردوغان، أن بلاده تتابع عن قرب المستجدات في الساحة الليبية متفاخراً بأن بلاده التي تدعم حكومة "الوفاق" عسكرياً نجحت في "دحر الانقلابيين الذي يهددون طرابلس" في إشارة إلى قوات "الجيش الوطني الليبي" الذي يقوده خليفة حفتر المدعوم من مصر. وفيما بدا أنه نشاط تركي متزايد في إفريقيا، زار وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، العاصمة النيجرية نيامي حيث استقبله رئيس النيجر محمد يوسفو، وبحثا التطورات في ليبيا والتعاون في مكافحة الإرهاب. وفي تصريحات عقب اللقاء، قال أوغلو إن "النيجر أيضا تشعر بتأثيرات الوضع في ليبيا من جميع النواحي"، معرباً عن رغبة تركيا في المساهمة بشكل أكبر في تنمية النيجر، وتطلعها للنهوض بقطاعات النقل والطاقة والزراعة هناك. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره النيجري كالا أنكورو، شدد أوغلو على أن الحل الوحيد في ليبيا سياسي، وأن كل من اختار الحل العسكري حتى اليوم مُني بالهزيمة. ألمانيا وفي أول رد فعل أوروبي انتقد وزير الخارجية الألماني هايكو ماس قرار البرلمان المصري معتبراً أنه "لا يمكن الترحيب بأي قرارات بالقيام بعمليات عسكرية تنطوي على خطر تصعيد الأزمة". القمة المصغرة وبينما بدأت أمس، القمة الإفريقية المصغرة لمتابعة أزمة سد النهضة الإثيوبي، قال عضو الوفد المصري في المفاوضات حول السد علاء الظواهري، إن "مصر جاهزة بسيناريوهات لمدة 100 عام مقبلة حول كل البدائل التي يمكن اللجوء إليها لمواجهة تأثيرات سد النهضة". وقال: "نتفاوض مع إثيوبيا وفق كل تلك السيناريوهات، بحيث لو وصلنا لأسوأ سيناريو ممكن، يمكننا التعامل معه ومع إثيوبيا". إلى ذلك، أضاف الظواهري، أن "ما يصل من مياه للسد العالي في مصر ليس رقماً ثابتاً، لذلك طلبنا من إثيوبيا خلال فترات الجفاف، أن تقوم بتصريف المياه، بحيث يقل الضرر على السد العالي وعلى مصر، هذا كان طلبنا الوحيد خلال المفاوضات". وأشار المسؤول المصري، إلى أن "إثيوبيا ليس لديها مشكلة في الاتفاقيات الحالية حول السد، لكن مشكلتها الأساسية أنها ترى أن أي اتفاق سيحد من حريتها في إنشاء سدود أخرى مستقبلاً وبإرادة منفردة، وهذا سر تعنتها". وكشف الظواهري، أن "إثيوبيا ترى كذلك أن هذه الاتفاقية ستحد مستقبلاً من مطالبتها بحصة كاملة من النيل الأزرق، حيث تقدم نفسها خلال المفاوضات كمدافعة عن حقوق دول حوض النيل". وكانت المباحثات التي جرت خلال الفترة الماضية برعاية الاتحاد الأفريقي وحضور مراقبين أفارقة وأوروبيين وأميركيين قد انتهت دون تحقيق تقدم يذكر في مفاوضات ملء وتشغيل سد النهضة.
مشاركة :