استقبلت طهران رئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي بالضغوط لتفعيل اتفاقيات تعاون اقتصادية سيكون من الصعب على العراق المضي بها في ظل العقوبات الأميركية المفروضة على إيران. أجرى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الذي يسعى لإعادة التوازن إلى سياسة بلاده الإقليمية، مباحثات مع المسؤولين الإيرانيين في طهران التي وصلها، أمس، في أول زيارة رسمية له إلى الخارج منذ توليه منصبه في مايو الماضي. واستقبل الرئيس حسن روحاني الكاظمي والوفد المرافق له الذي ضم وزراء الخارجية والمالية والصحة والتخطيط ومستشاره للأمن القومي. وفي مؤتمر مشترك أكد الكاظمي أن العراق تواق للعلاقة مع إيران على مبدأ «عدم التدخل في الشؤون الداخلية». من جهته، قال روحاني إنه بحث القضايا الإقليمية وتفشي كورونا مع الكاظمي. وأضاف روحاني أنه خلال فترة تولي الكاظمي رئاسة الوزراء «شهدنا تطوراً في الحركة التجارية بين البلدين وهذا ما بحثناه اليوم»، مؤكداً أنه لدى إيران القدرة على تلبية حاجة العراق في المجال الصحي والدوائي و«مستعدون لتبادل وجهات النظر بين المسؤولين الصحيين». وأشار إلى أن الجانبين بحثا تطوير وتنمية العلاقات التجارية بين البلادين، مشدداً على أن هناك إرادة إيرانية لتطوير العلاقات لتصل إلى حجم 20 مليار دولار أميركي. وأكد الرئيس روحاني عزم البلدين على تطبيق وتفعيل الاتفاقيات الموقعة سابقاً، من بينها قضية البنى التحتية الاقتصادية واتصال طرق الحديد بين خرمشهر والبصرة وتجريف شط العرب. ولفت إلى أن «الكاظمي تولى رئاسة وزراء العراق في مرحلة حساسة جداً». وكان من المقرر أن يزور رئيس الوزراء العراقي، الذي يعتقد أنه يسعى للعب دور وساطة لإحلال الاستقرار في المنطقة، السعودية، أمس الأول، قبل التوجه إلى طهران، لكن زيارته إلى الرياض تأجلت بسبب دخول الملك سلمان إلى المستشفى. خامنئي وقاليباف وأعلنت السلطات الإيرانية أن المرشد الأعلى علي خامنئي سيستقبل الكاظمي خلال زيارته التي تستغرق يومين، ليكون بذلك أول مسؤول أجنبي أو محلي يلتقيه منذ 5 أشهر عند امتناعه عن المشاركة بأي تجماعات أول إجراءات اجتماعات مع تفشي وباء فيروس كورونا. وكانت «الجريدة» علمت أن صراعاً دار في مكتب المرشد بين مؤيدي ورافضي استقبال خامنئي للكاظمي. كما سيلتقي الكاظمي رئيس مجلس الشورى الإسلامي محمد قاليباف. وفي وقت تسعى الولايات المتحدة لتسهيل اتفاق للربط الكهربائي بين بغداد ودول مجلس التعاون لتحرير العراق من نفوذ طهران على إمدادات الطاقة، كان لافتاً أن يستقبل الكاظمي في مطار مهراباد بطهران لدى وصوله وزير الطاقة الإيراني رضا اردكانيان. وقبل زيارته إلى طهران استقبل الكاظمي في بغداد الأحد الماضي وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. رد الكاظمي وقالت مصادر عراقية لـ«الجريدة»، إن الكاظمي أسمع الإيرانيين أجوبة كان رددها خلال لقائه ظريف في بغداد، ومفادها بأن العراق مستعد ويرغب في زيادة التعاون الاقتصادي وتفعيل كل الاتفاقيات، لكن يجب أن ينخفض التوتر بين طهران وواشنطن، لأن العراق لا يريد التورط في عقوبات على المصارف، وأنه لو بقي محايداً يمكن أن يفيد إيران أكثر. وبحسب مصادر إيرانية، فقد طمأن الكاظمي طهران بأن بغداد لن تكون أبداً منطلقا لهجوم عليها، ولن تسمح بأن تكون منطلقا لأعمال تجسس أو غيرها، وأنها رفضت إيواء اي منظمات إيرانية معارضة، مطالبا طهران بالمثل وأن لا تستخدم العراق ساحة لتصفية حسابات أو منصة لأي عمل عدائي ضد دول الجوار. وشدد الكاظمي على أنه يريد تجنيب العراق الدخول في محاور، مؤكدا استعداده لأن يلعب دور الوساطة بين طهران وواشنطن، أو مع الرياض. وبحسب المصادر، أكد رئيس الحكومة العراقية لطهران أنه يريد تفعيل قانون دمج الحشد الشعبي بالقوات المسلحة، وطلب مساعدة طهران في ذلك. اتفاق وجدولة في غضون ذلك، أعلن مدير الشؤون الدولية بالبنك المركزي الإيراني، حميد قنبري، قرب التوصل لاتفاق بخصوص العملة الأجنبية بين إيران والعراق، سيساهم في توفير العملة الصعبة بالسوق الإيرانية التي تعاني جراء العقوبات الأميركية الخانقة. في موازاة ذلك، قال رئيس غرفة التجارة المشتركة بين إيران والعراق، إن المباحثات شملت الخطة المرسومة بين طهران وبغداد لرفع حجم التبادل التجاري إلى 20 مليار دولار. وأشار إلى المباحثات تطرقت إلى وضع جدول زمني لتسديد ديون العراق لإيران بشأن الطاقة والكهرباء والتي تم التفاوض بشأنها سابقاً، وتقدر بحوالي ثلاثة مليارات دولار. على صعيد آخر، قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، أمس، إن الانفجار الذي وقع في قاعدة بارشين العسكرية شرق العاصمة طهران، الشهر الماضي، لم يكن نتيجة عمل تخريبي «إنما حادث عرضي، والأضرار لم تكن كبيرة». وكانت «الجريدة» علمت من مصادر، أن إسرائيل استهدفت بارشين، وهو مجمع عسكري مترامٍ ينتج مرتبط خصوصاً بالبرنامج الباليستي ويشتبه باستضافته أنشطة نووية بغارة جوية بمقاتلات F35 . وألمح رئيس الأركان الإسرائيلي إلى القيام بمهاجمة «بارشين» عبر غارة جوية تخطت الحدود سراً. وبشأن الحادث الذي وقع في محطة نطنز النووية، مطلع يوليو الجاري، أشار المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، إلى أن الانفجار في نطنز لا يزال يخضع للتحقيقات، وهو حادث له تعقيداته، وستعلن منظمة الطاقة الذرية نتائج التحقيق في الوقت المناسب. وأكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، لدى وصوله إلى موسكو، أن العلاقات الإيرانية مع روسيا استراتيجية، مضيفا: «بالنظر إلى التطورات الرئيسية على الساحة الدولية في الفترة الأخيرة فإن الحوار المستمر مع روسيا والدول الصديقة مثل الصين أمر ضروري». وأشار ظريف إلى أنه «سوف نبحث الاتفاق النووي والعلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية مع المسؤولين الروس».
مشاركة :