تخبيب المرأة على زوجها... العلّة قانونية!

  • 7/23/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تمر الحياة الزوجية بمنعطفات حادة، من الأزواج مَنْ ينجو ومنهم مَنْ ينقلب... فعند حدوث مشكلة ما بين الزوجين يلجأ الطرفان للاختصاصيين والقانونيين للسؤال عن حقوقهم القانونية، أو الاستفسار عن الحلول العلمية والمثالية للتعامل مع تلك المشكلة التي حلّت بالعلاقة الأسرية، وفي هذه الرحلة – رحلة البحث عن حلول – تبدأ بعض المحاذير في الظهور، وقد تأتي تلك المحاذير على شكل نصائح أو على شكل استشارات قانونية، أو حتى على شكل إغراءات مادية أو نفسية، تطيح بالعلاقة الزوجية.«الراي» استطلعت رأي المتخصصين عن الطريق الصحيح الذي يجب أن تسلكه المرأة عند طلب الاستشارة، وسألتهم عن عملية «تخبيب» المرأة على زوجها من واقع الحياة العملية ومن باب أخلاقيات مهنة المحاماة، فقال عضو مجلس الأسرة الدكتور راشد العليمي إن «من الأمور التي نحتاجها في كل زمان ومكان، خصوصاً من زمننا المتطور والمعاصر، قضية الاهتمام بالأسرة، ومما يضفي السعادة ويحقق وجود أسرة متفاهمة واضحة العلاقات في ما بينها، أن يكون لها استشارات أسرية، ونتوقع أن يكون المستشار في هذه الحالة على إلمام جيد بالجوانب القانونية والشرعية، وتتزين كذلك بالجوانب النفسية. أما لو ذهب أحد الزوجين لبعض المحامين والمحاميات، وخاصة في مرحلة الخلافات الزوجية، فإننا نجد بكل وضوح وشفافية أن بعض القانونيين يغري أحدهما، خصوصا النساء، بما سيترتب على انفصالها من زوجها من أمور، ومنها نفقة المتعة والعدة والنفقة والمسكن والعاملة المنزلية والسيارة وقضايا أخرى تستفيد منها».وأكد العليمي أن «ضعيفات النفوس من النساء، ولضعف الوازع الديني لديها، تأخذ بتلك الإغراءات مع تزيين المحامي أو المحامية لها في هذا الجانب، مع أن المشكلة يمكن أن ترجع بحلول جيدة وترجع المياه إلى مجاريها، لو قدم هؤلاء باستشارة قانونية جيدة بعيداً عن إيقاع الطلاق، وصوناً لهذه العائلة الكريمة، ونخشى ما نخشاه أن يدخل هذا المحامي أو تلك المحامية في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ملعون من خبّب امرأة على زوجها)». وأبدى رأيه في خصوص استغلال المحامين والمحاميات مهنتهم في تزيين قضايا الطلاق للمرأة، مبيناً «أنهم يقومون بتسهيل المسألة على مسامع الزوجة، بقولهم إن الطلاق للضرر سهل المنال، بمجرد رفع الدعوى بعد أن يتدرجوا في رفع القضايا الأخرى من نفقة وحضانة، وقد يدخلون في محاذير أخرى، منها إحضار شهود يشهدون زوراً أمام المحكمة في سوء معاملة الزوج لزوجته، بادعاء أنه يضربها ويسيء معاملتها أو يأتيها من الموضع الحرام، وقد يحضرون تقارير طبية فيها ادعاء باطل على تطاول الزوج عليها على خلاف الحقيقة». وأردف أن «بعض المحامين والمحاميات ينصحون الزوجة برفع صوتها على زوجها حتى يتملك الزوج الغضب ويتمادى بالضرب، وعليه يجب الذهاب للمستشفى لإحضار تقرير طبي لتسجيل قضية في المخفر، وهذا كله من تزيين الشيطان وداخل في حديث النبي الكريم من اللعنة على مَنْ يخبّب المرأة على زوجها».وأضاف «دائماً ما نستخدم كلمة البعض، لأنه ولله الحمد هناك الكثير من المحامين والمحاميات على ثقة وعلى خير ومسؤولية وخشية الله سبحانه وتعالى. ولكن في المقابل أخبرني أحد الأشخاص أن إحدى المحاميات تفتح الملف بخمسمئة دينار، وقد أخذت من هذا الشخص ما يقارب عشرة آلاف دينار، وهذا أمر يوجب علينا القول إن هناك مَنْ يستغل مجال المحاماة لتخبيب النساء». النصيحة والتخبيبمن جانبها، قالت المحامية آلاء السعيدي إن «التخبيب من الآفات التي باتت تهدد كثيراً من الأسر في هذا الوقت المعاصر، مع انتشار برامج التواصل الاجتماعي والاستشارات الخاطئة للأصدقاء أو الأهل والتي قد يأتي التخبيب بها على هيئة نصيحة، أو بالذهاب لبعض المكاتب للاستشارات النفسية أو الأسرية أو بعض مدعي مهنة المحاماة الساعين لتخبيب المرأة على زوجها، لإفسادها عليه بهدف ومقاصد مادية أو شخصية، وفي هذا المحور مخالفة صريحة لمواثيق شرف المهنة وللقسم على الشرف والأمانة وصون أعراض الناس».وأشارت إلى أن «قانون الجزاء لم يتعرض إلى مشكلة التخبيب، كغيره من التشريعات العربية الأخرى، فمثلاً في المملكة العربية السعودية هناك دعوى تخبيب، والعقوبة سلطتها بيد القاضي إما بالسجن أو بالتعزير، وقانون العقوبات الأردني أفرد نصاً لتلك الجريمة عاقب من خلاله كل مَنْ يحرّض امرأة سواء أكان لها زوج أم لم يكن على ترك بيتها، لتلحق برجل غريب عنها أو أفسدها عن زوجها لإخلال الرابطة الزوجية بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر».وناشدت السعيدي «إضافة مادة لقانون الجزاء يعالج من خلالها بنص صريح تلك المشكلة، بتجريم كل الأفعال التي ترتكب لإفساد الزوجات على أزواجهن، وعلى أعضاء مجلس الأمة التدخل لإضافة مادة قانونية بيّنة ومحددة لقانون الجزاء، تعالج كل الأفعال التي ترتكب لإفساد الزوجات على أزواجهن، ويمنحهم صفة تحريك الدعوى الجزائية أو المدنية للضرر، فضلاً عن أنه يردع ويحفظ المجتمع من الانحدار الأخلاقي، فكم من العلاقات الزوجية انهار كيانها وقوامها وأصبحت بلا روح، وكم من العلاقات الزوجية التي انتهت بالطلاق، وكم من الأزواج مَنْ نشبت في قلوبهم مشاعر الكره والعداوة، وكم مَنْ عانى من مشاكل الغدر والخيانة، وكل ذلك بسبب إفساد المخبب على الأزواج وما ينطوي عليه هذا الفعل المشين من إثم عظيم وجرم كبير مجتمعياً في هدم الإسرة».ودعت «الأزواج لأخذ الحيطة والحذر، والعمل على حل مشاكلهم الزوجية وضغوطاتهم النفسية ومتاعبهم من خلال اللجوء للاستشارة الصحيحة، فلا تدخل ولا سماح لأي شخص قريب أو بعيد بالتدخل وحق التكلم في الأمور الشخصية الزوجية، فكم من علاقة هُدمت بسبب استشارة خاطئة، فلا بد من العقلانية في حل الأمور والمشاكل التي تعتلي كل علاقة زوجية». حفظ الرابطة المقدسةوفي السياق نفسه، قالت المحامية نور بن حيدر إن «الزواج رابطة مقدسة يجتمع فيها الرجل والمرأة على الحب والإخلاص والشراكة في الحياة، فعلى تنظيم هذه الرابطة يُبنى الاستقرار في المجتمع، وعلى هذا الاستقرار تنتظم حلقات الأسرة لتجمع في نطاقها أعضاء صالحين، يستفيد منهم المجتمع وتقوى بهم أواصره، فكم للجمع بين اثنين في الزواج أجر عظيم؟ فالإفساد بين الزوجين جرمٌ عظيم، فتخبيب المرأة على زوجها وتحريضها على الطلاق منه لايجوز، كما قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام (ليس منا مَنْ خبّب امرأة على زوجها)».وذكرت بن حيدر أنه «في عملنا بالمحاماة تواجهنا الكثير من المشاكل الزوجية، والخلاف بين الأزواج أمر وارد، ولكن يختلف التعامل مع هذا الخلاف من محام لآخر، وإن أغلب المحامين يطرقون باب الصلح أولاً، لإنهاء الخلاف وإصلاح ذات البين، لما له من أثر في المحافظة على العلاقة الزوجية وهذا هو الأصل، ولكن للأسف لكل أصل استثناء، فهناك بعضٌ آخر لا يسعى للصلح بل يزيد الأمر سوءاً بأن يحرض المرأة على زوجها ويحبب إليها الطلاق ويغريها بالمنافع المادية من وراء ذلك، وهذا الفعل مخالف تماماً لآداب مهنة المحاماة وأعرافها. فمما ذكر في المادة الثانية من الأحكام العامة من ميثاق الشرف لتقاليد وآداب مهنة المحاماة أن المحاماة مهنة إنسانية ورسالة سامية هدفها النجدة والمساعدة وشعارها الحق والعدالة، ومهمتها المحافظة على كرامة الإنسان».وأردفت أن «التخبيب يحط من قدر هذه المهنة النبيلة المحكومة بضمير المحامي وأمانته مع موكله والغاية في تحقيق الأصلح له. وإذا صدر هذا الفعل المنافي للأخلاق والمحرم شرعاً من محام وجب تطبيق إحدى العقوبات التأديبية المنصوص عليها في المادة 35 من القانون 4 /‏‏1964، بإنذاره أولاً ثم توبيخه ثانياً، ثم الوقف لمدة لا تتجاوز ثلاث سنوات، وأخيراً شطب الاسم من الجدول. لردع كل مَنْ تسول له نفسه المساس بهذه الرابطة المقدسة». إضاءات قانونية استشيرواالصادق الأمين أكد الدكتور راشد العليمي أن «المحامي الذي يقوم بتخبيب المرأة على زوجها سلك طريق الافساد، وبالتالي هو قدم استشارات لم يقصد بها الصلح، فيما الله عز وجل يذكرنا بقوله (والصلح خير)، لكنهم قاموا بتلك الاغراءات للانثى ضعيفة الدين والحيلة، التي ربما كانت تحتاج إلى نصيحة لحل مشاكلها». واقترح العليمي «في حال نشوب خلاف بين الزوجين أن يذهبا معاً لطلب الاستشارة القانونية، ممن يثقان بعلمه وخبرته في مجال الاستشارات الأسرية، بعيداً عن جشع المحامين والمحاميات في كسب أموال من هذه الزوجة المسكينة لكان خيراً لهما». هكذا نقيّدعمل المخببين رأى العليمي أن «من المناسب أن يكون هناك قانون تتبناه الدولة لترخيص مكاتب الاستشارات الأسرية، ويكون ذلك بالتعاون مع وزارة الشؤون أو مع مراكز التنمية الأسرية، ليكون لأهل الكفاءة والخبرة والنظرة المجتمعية كلمة في مسائل الخلافات الزوجية، وذلك في كل محافظات الكويت، على أن يقيد عمل المحامي في ذلك الشأن إلا بعد مرور النزاع الأسري بطريق المُحكم الأسري، وذلك قبل رفع الدعوى وليس بعدها كما هو اليوم، من إحالة المحكمة للدعوى المنظورة لخبير الاستشارات الأسرية، أو ما يطلق عليه اصطلاحاً المُحكم، وذلك لتلافي تأثير القلة التي تخبب المرأة على زوجها وذلك لأكل أموالها بالباطل». المشرّع الكويتي تصدّى للمخببين أكدت المحامية آلاء السعيدي أن «المبدأ الأساسي الذي تنطلق منه مهنة المحاماة، هو المحافظة على كرامة الإنسان والدفاع عن حقوقه ونجدته، فمهنة المحاماة مهنة إنسانية، ذات دور اجتماعي مهم ووسيلة لتطوير الإنسانية، وتقدم حضارتها لا هدم الأسرة التي وصفها الدستور في المادة التاسعة بأنها أساس المجتمع». وأردفت أنه «في الإطار المتعلق بتخبيب المرأة كان المُشرع الكويتي قد انفرد بالتصدي لمفسدي الزوجات على أزواجهن، من خلال ما تضمنته المادة 23 من قانون الأحوال الشخصية، والتي قضت بأنه لا يجوز ان يتزوج الرجل امرأة أفسدها على زوجها، الا اذا عادت الى زوجها الأول ثم طلقها أو مات عنها. وبتلك المادة عالج مُشرع الأحوال الشخصية مشكلة تخبيب الزوجة أو إفسادها على زوجها».

مشاركة :