تُعتبر الشركات العائلية العامود الفقري للاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط والعالم، وتتمتع بمقومات تميزها عن شركات القطاع العام. ولكن عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على الأعمال التجارية عبر الأجيال، تواجه هذه الشركات عدداً من التحديات الخطيرة، التي يمكن أن تهدد بقاء معظمها، في حال لم تتبع نهجاً مهنياً مركزاً يتيح تخطي هذه العقبات. وأظهرت التقديرات أن الشركات العائلية تساهم في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما بين 70 و90 في المئة، وهي العامود الفقري للاقتصاد الحديث، وهذا ينطبق على الشركات في منطقة الشرق الأوسط. وأشار الكتاب السنوي «آي فاميلي بيزينس بييربوك» 2014 إلى أن «الشركات العائلية تساهم بـ80 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة، وتشكل نحو 75 في المئة من النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص، إضافة إلى توفير أكثر من 200 ألف فرصة عمل». وقال رئيس استشارات الأعمال العائلية في مؤسسة «في يو بي إس» هنري هيرزل: «الشركات التي تديرها عائلات ليست مجرد شركات كبرى تساهم فقط في الاقتصاد، ولكن بفضل المقومات التي تميزها عن الشركات العامة، ومنها القدرة على التخطيط على المدى الطويل، وضبط الكلفة وتجنب الديون المفرطة، تحقق أداءً ممتازاً». وأظهرت دراسة أعدتها مؤسسة «يو بي إس» وأصدرتها أمس، وتضمنت 169 شركة مدرجة في أوروبا، أن الشركات التي تديرها عائلات تفوقت في السوق المنتشرة على نطاق أوسع بنسبة تصل إلى 16.5 في المئة سنوياً خلال 10 سنوات. وعلى رغم هذه المزايا، تواجه الشركات العائلية تحديات تجنبتها الشركات والمؤسسات العامة، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على الأعمال التجارية عبر الأجيال. وتشمل هذه التحديات، التي قد تقضي على أي مؤسسة على المدى الطويل، التعامل مع التقنيات المتقدمة أو عدم القدرة على الابتكار أو تنشيط الأعمال التجارية مع مرور الزمن. ولكن حتى الآن، الخطر الأبرز لا يتعلق بالأعمال بحد ذاتها بل بحركة الحياة العائلية. وهذه التهديدات حقيقية إذ إن 30 في المئة فقط من الشركات العائلية استمرت في الجيل الثاني، في حين انخفض هذا العدد إلى ثلاثة في المئة في الجيل الرابع. وأكدت الدراسة أن «التعامل مع هذه الحقيقة أجبر العائلات على مواجهة عدد من المسائل المهمة والمحيرة... وقد يبدو أهم هذه الأمور بسيطاً جداً، ولكنها تُهمل في حالات كثيرة. إذ يشكل الحوار مثلاً بداية حل لهذه المشكلة، فهناك عدد ملحوظ من العائلات لا يناقش المسائل السابقة، والتي يمكن أن تؤدي إلى سوء الفهم والصراع. ومن الضروري إشراك أعضاء الجيل المقبل في هذه الحوارات، حتى لو كانوا في وضع لا يسمح لهم بالمشاركة في صنع القرار، لأن هذه المشاركة ستساعدهم على فهم موقف العائلة بطريقة أوضح وسُبل اتخاذ القرار».
مشاركة :