أكد المشاركون في ندوة :" المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية : تاريخ حافل وآفاق مستقبلية مشرقة" على عمق العلاقات بين المملكة والصين، وأن لها جذورًا تاريخية تمتد لأكثر من ألفي عام، وأنها تشهد اليوم تطوراً كبيرًا في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية. وشددوا خلال الندوة الإلكترونية التي عقدتها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة برعاية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة بمناسبة مرور ثلاثين عامًا على انطلاق العلاقات الرسمية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية في يوليو من العام 1990م ، وبثت على الموقع الإلكتروني للمكتبة على استراتيجية العلاقات بين البلدين الصديقين، وأن فرص التعاون بينهما واعدة. وقال فيصل بن عبدالرحمن بن معمر المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة: العلاقات بين الحضارتين العربية والصينية قائمة منذ فجر التاريخ عبر طريق الحرير؛ وهي تدل على عصور من التناغم بين الأمتين العربية والصينية، وأنتجت مراكز للإشعاع الثقافي وعملت على إرساء قواعد من التفاهم، وصولًا إلى هذه المرحلة الراهنة التي تدعو للتفاؤل بمستقبل مشرق في العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية. وأشار إلى ما أكد عليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في كلمته التي ألقاها خلال زيارته لجمهورية الصين 2017 باعتزازه بالعلاقات الثنائية والتعاون المشترك بين البلدين، لافتًا إلى ما تمر به البلدان من تحولات اقتصادية، مشيدًا بما تقوم به اللجنة المشتركة والتعاون الاستراتيجي بين البلدين في تحقيق الأمن والسلام الدوليين والشراكة الاستراتيجية الكاملة، خاصة في العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية وتوسيع الشراكة الاقتصادية بما يعزز من تدعيم رؤية المملكة 2030 والرؤية الصينية الحزام والطريق. وأوضح "ابن معمر" أن الزيارات المتبادلة بين البلدين تعمل على تعميق العلاقة بينهما، فهناك مصالح عميقة تربط الشعبين السعودي والصيني، وهناك تعاون على مستوى الجانب الحضاري والثقافي، للانطلاق لآفاق أوسع؛ وهو ما تمثله رؤية 2030، خاصة وأن المملكة تمثل العمق العربي والإسلامي. وأردف: لقد اقترحت في العام 1996 أن تقدم مكتبة الملك عبدالعزيز العامة دفعات من المكتبات لجامعة بكين وجامعة شنغهاي؛ حيث زودتهم أربع مكتبات متخصصة لتعليم العربية لغير الناطقين بها ، وتواصلا لدعم اللغة العربية صدرت الموافقة على مشاريع ومذكرات تفاهم بين المكتبة والجامعات الصينية ثم توجت بافتتاح فرع للمكتبة بجامعة بكين من أجل تعميق الشراكة الثقافية والمقومات الإنسانية بين البلدين، واستغرق بناء المكتبة 22 شهرًا وضمت 3 ملايين كتاب، كما ضمت مركزًا للدراسات العربية، ومركزًا للمخطوطات، وسعت إلى تأسيس فعاليات ثقافية مشتركة بين البلدين، وتوج ذلك بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لجمهورية الصين الذي قام بتدشين المكتبة في العام 2017 وكان يومًا تاريخياً في العلاقات السعودية الصينيةج. وتابع: تم تطوير هذه العلاقات بعد تدشين المكتبة، وأنشئت بوابة إلكترونية للعلاقات مع الصين، أثناء زيارة سمو ولي العهد للصين عام 2019، وأعلن سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة عن جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي السعودي الصيني، وأصبحت من الأمور التي نفخر بها أن تكون مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مقراً لهذه الجائزة. كما أشار ابن معمر إلى توجيه سمو ولي العهد بإدراج اللغة الصينية كمقرر في المدارس السعودية. واختتم "ابن معمر" حديثه بالإشارة إلى أن العلاقات السعودية الصينية عبرت تحت مظلة توجيهات سامية وهي تتطور بشكل كبير وفي إطار التعاون الثقافي، ومن خلال اهتمام وزارة الثقافة نرى مشاريع قادمة تلقى كل الدعم والرعاية. وتحدث حامد بن محمد فايز نائب وزير الثقافة، بقوله: هناك تقارب وتعاون بين المملكة والصين على الأصعدة كلها، وأن العلاقات تمتد لأكثر من ألفي عام؛ حيث بنيت جسور راسخة بين الجزيرة العربية والصين عبر التجارة وتقريب الحضارتين العريقتين؛ وهو ما يمثل شريانًا حيوياً للثقافة، وهذا يتم اليوم عبر طريقين هما: رؤية المملكة 2030 ومبادرة الصين: الحزام والطريق، وما ستحدثانه من أثر كبير على قارتنا والعالم أجمع. وقال: رؤية 2030 نبعت عبر قراءة عميقة للتاريخ ونظرة استشرافية طموحة للمستقبل من لدن قيادة المملكة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ومهندس الرؤية السعودية الجديدة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. وقد جاءت الرؤية متناغمة مع طموحات الإنسان السعودي وتطلعاته، مستجيبة بشجاعة وثقة لكل تحديات عالمنا المعاصر بما يعود علينا بالخير والنماء. وأضاف: 2030 برؤيتها الثلاثية: المجتمع الحيوي، والاقتصاد المزدهر، والوطن الطموح؛ تؤسس لثلاثية سعودية بوصفها تشكل العمق العربي ، والإسلامي، والريادة الاستثمارية ومحور ربط القارات الثلاث. وأردف: لقد ألهمتنا الرؤية لنقدم في أول وزارة للثقافة السعودية رؤيتنا الثلاثية الخاصة؛ حيث ترتكز الثقافة على نمط حياة للأفراد، وتشكل رافدًا للنمو الاقتصادي، ونموًّا لإثراء الحوار الثقافي. وتابع: إننا ننظر لمبادرة الحزام والطريق بإعجاب؛ حيث السلام والتعاون والانفتاح وتعزيز فرص التعاون الاستراتيجي بين البلدين، خاصة في المجال الثقافي. ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة هي أيقونة عربية عظيمة في بلاد الصين. من ناحيته استعرض تشن وي تشينغ سفير جمهورية الصين الشعبية في المملكة العربية السعودية العلاقات الثقافية والتاريخية بين البلدين؛ حيث أقامت المملكة والصين العلاقات الدبلوماسية بشكل رسمي؛ مما فتح علاقات ثنائية متطورة. وقال السفير الصيني: لا توجد مسافة بين الأصدقاء حتى لو فصلت بينهما آلاف الأميال، لكن هناك تواصل بين الأمة العربية والأمة الصينية على طريق الحرير القديم قبل أكثر من ألفي عام ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية في 21 يوليو 1990، وهناك مصالح جوهرية بين البلدين وقد تطورت العلاقات الثنائية بشكل كبير. وأضاف: هناك احترام متبادل وقد حقق البلدان إنجازات مشهودة وأصبحت نموذجًا للعلاقات بين الدول. في 2016 زار الرئيس الصيني وأعلن مع الملك إقامة شراكة بين البلدين وأنشأ الجانبان اللجنة المشتركة رفيعة المستوى وقدت 3 اجتماعات حتى الآن وأضافت زخمًا كبيرًا للعلاقات بين المملكة والصين، وهناك شراكة بين البلدين لمواجهة كورونا؛ حيث تشارك البلدان في السراء والضراء. وأوضح السفير الصيني أن الصين مستعدة للعمل للمملكة لانتعاش اقتصادي للمملكة والعالم. وأن هناك 50 جامعة صينية تدرس اللغة العربية، كما فتحت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة فرعها بجامعة بكين في 2017. واختتم بالقول: المملكة هي الدولة العربية الوحيدة في مجموعة 20 وهي لها تأثير عالمي، وأتمنى الإبقاء على زخم العلاقات بين البلدين فيجب علينا تعميق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين ودعم بعضهما البعض في مصالحهما الأساسية. وتحدث الدكتور صالح بن عبدالرحمن المانع عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة الملك سعود سابقًا، عن العلاقات السعودية الصينية. وأشار إلى أنه كانت هناك علاقات استراتيجية بين المملكة والصين، وكانت هناك تجارة بين الشركات الصينية والسعودية، وبين الدكتور المانع أن الزيارات المتبادلة ما بين 2016 إلى 2019 أدت لزيادة التبادل التجاري بين المملكة والصين بنسبة 32% ووقعت 35 اتفاقية تجارية مشتركة بين البلدين. واستعرض "المانع" عددًا كبيرًا من الاتفاقيات تمت بين البلدين في مجال البتروكيماويات والاستثمار والنقل البحري والنفط، وهناك عدد من الاستثمارات والاتفاقيات تبلغ قيمتها حوالي 65 مليار دولار، ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 73 مليارًا سنوياً، وتستحوذ الصين على 11% من الإنتاج النفطي السعودي، وتنظر المملكة لتطوير العلاقات مع الصين سياسياً واقتصادياً. وتناولت مداخلات الندوة التي أدارها الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي عضو مجلس إدارة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، بالحديث عن الممكنات الثقافية التي تتيح تمتين العلاقات الثقافية بين المملكة والصين، عطفًا على أن كلا البلدين يعدان موطنًا للحضارات والثقافات والدعوة إلى زيادة الزيارات الميدانية للمملكة من قبل الشباب الصيني، وأن جائزة سمو الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين المملكة والصين سيكون لها أثرها الكبير في تنمية التواصل الثقافي بين البلدين، ودعت المداخلات إلى مزيد من التعاون بين المراكز البحثية في كل من المملكة والصين ودعم مراكز البحث والمؤسسات الفكرية.
مشاركة :