الجزائر - سرّعت الولايات المتحدة الأميركية من مساعي استطلاع الوضع في الجزائر، عبر حملة اتصالات فتحها سفيرها في العاصمة الجزائرية، مع عدد من قادة الأحزاب السياسية وقيادة البلاد، في خطوة تنم عن رغبة واشنطن في الحصول على معطياتها الدبلوماسية من مصادر مختلفة لمعرفة حقيقة الوضع السائد في البلاد. واتصل السفير الأميركي في الجزائر جون ديروشر، بالأمين العام الجديد لحزب التجمع الوطني الديمقراطي طيب زيتوني، للاطلاع عبر وجهة نظر الحزب الثاني في السلطة، على مختلف الملفات المطروحة في البلاد، مما يوحي إلى أن واشنطن تريد بناء موقفها على استطلاع مختلف الرؤى والتوجهات. وذكر جون ديروشر، في تغريدة له على حسابه الرسمي في شبكة تويتر، بأن “الاتصال الذي أجراه مع رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي، يندرج في إطار سلسلة محادثاته المتواصلة مع الأحزاب السياسية في الجزائر، فضلا عن كيفية تحديد الجزائريين لمستقبلهم السياسي، وكذلك رغبة الجانب الأميركي في تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين”. وجاء الاتصال بحزب التجمع الوطني الديمقراطي، ليبحث التطورات الداخلية في الحزب، بعد عقد مؤتمره الاستثنائي خلال شهر جوان الماضي، بإيعاز من جهات فاعلة في السلطة سمحت له بذلك رغم إجراء حظر الأنشطة والتجمعات السياسية والثقافية والفنية في البلاد بسبب وباء كورونا، لاسيما وأن القيادة الجديدة جاءت لملء الفراغ الهيكلي الذي تركه غياب أمينه العام السابق أحمد أويحيى، المتواجد في السجن بتهم فساد مالي وسياسي. وسبق للسفير الأميركي أن أجرى اتصالات مماثلة خلال الأيام الماضية، مع كل من جبهة التحرير الوطني (قومي)، وحركة مجتمع السلم (إخوان)، إلى جانب لقاء رسمي جمعه قبل ذلك بالرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، وهي اللقاءات المرتقب استمرارها مع أحزاب وقوى سياسية أخرى خلال الأيام المقبلة. وكان رئيس حركة مجتمع السلم عبدالرزاق مقري، قد كشف عن اتصال له مع السفير المذكور، دام قرابة الساعة، أجاب فيها الرجل الأول في أكبر الأحزاب الإخوانية عن أسئلة جون ديروشر، تمحورت حول قضايا وملفات داخلية تتعلق بالأوضاع السياسية والاجتماعية والصحية وغيرها. وصرح مقري، الذي أعلن الجمعة عن إصابته بوباء كورونا، بأنه “تلقى في بحر الأسبوع مكالمة هاتفية من سفير الولايات المتحدة الأميركية بالجزائر جون ديروشر، حيث طلب منا رأينا في القضايا السياسية والاقتصادية والوبائية والدستور، وقد أجبناه وفق آرائنا المعلنة في وسائل الإعلام الجزائرية وفي الندوة الصحفية الأخيرة”. وبدوره أعلن حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، أن أمينه العام الجديد أبوالفضل بعجي، “تلقى مكالمة هاتفية من طرف سفير الولايات المتحدة الأميركية بالجزائر، تمحورت حول تعزيز العلاقات بين الجزائر والولايات المتحدة الأميركية، في مختلف المجالات، خاصة في المجال الاقتصادي، من خلال تعزيز تواجد الشركات الأميركية ورجال الأعمال الأميركيين في الجزائر، للاستفادة من الفرص الواعدة التي توفرها السوق الجزائرية”. وأضاف الحزب، بأن “الرجلين تطرقا إلى أهمية تقوية علاقات التبادل الثقافي بين البلدين، من خلال تعزيز تدريس اللغة الإنجليزية في الجزائر، ومنح فرص أكبر للطلبة الجزائريين للالتحاق بالجامعات في الولايات المتحدة الأميركية”. ولفت إلى أن الأمين العام للحزب والسفير الأميركي، تناولا عددا من الملفات الدولية ذات الاهتمام المشترك، على غرار “الوضع في ليبيا، وجهود محاربة الإرهاب، والأوضاع في منطقة الساحل، وتطورات القضية الفلسطينية”. وتعكس اتصالات السفير الأميركي، اهتمام واشنطن بالوضع في الجزائر، واعتمادها في بناء مواقفها على نتائج المحادثات المتعددة المصادر، خاصة في ما يتعلق بالملفات المثيرة، كالوضع السياسي في البلاد، في ظل الاحتقان السائد بين السلطة والشارع، وتأثيرات الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية على الاستقرار، ووجهات نظر مختلف الأطراف بما فيها الإسلاميون. ويبدو أن واشنطن التي تشهد منافسة قوية من طرف الفرنسيين والصينين في مواطئ النفوذ بالجزائر وعموم القارة الأفريقية، لا تمانع في التعاطي مع السلطة الجديدة في الجزائر بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون، في ظل استعداد الأخيرة لضمان مصالح واشنطن خاصة في السوق النفطية، إلى جانب دورها في مقاربة الحرب على الإرهاب بليبيا والساحل الصحراوي. وقد أكده السفير الأميركي بعد لقاء جمعه بالرئيس تبون، بالقول لوسائل إعلام محلية “المباحثات مع الرئيس عبدالمجيد تبون كانت جد مثمرة، حيث تطرقنا إلى العديد من الجوانب الخاصة بالعلاقات الثنائية، وتحدثنا مطولا كذلك عن التحديات التي تواجهها المنطقة”. وأضاف “أعتقد أننا لدينا الكثير من العمل سويا لتحقيق أهدافنا.. أنا سعيد جدا لتطرقنا إلى مسألة بناء هذه العلاقة، ويسرني أن نستمر في العمل في هذا الاتجاه”. وذكرت برقية لوكالة الأنباء الرسمية، بأن “الملف الليبي كان حاضرا بقوة في اللقاء المذكور”، مما يوحي باهتمام واشنطن برأي ووجهة نظر دول الجوار في الأزمة الليبية. وعكس تقرير جديد لكتابة الدولة الأميركية نشر بحر هذا الأسبوع، اهتمام واشنطن بالدور الجزائري في محاربة الإرهاب بالمنطقة، لاسيما في ظل التوجه الجزائري لرفع الحظر الدستوري عن نشاط جيشها خارج الحدود، الذي رحبت به عدة قوى فاعلة. وذكر التقرير بأن “المجموعات الإرهابية في المنطقة غير قادرة على النشاط في الجزائر، بفضل الجهود التي يبذلها الجيش والأمن، والتي أفضت إلى تحييد قدراتها، وأن الجزائر واصلت مجهوداتها الحثيثة للوقاية من النشاطات الإرهابية داخل حدودها”. واستدل على ذلك بكون “التنظيمات الإرهابية التي تواصل النشاط في المنطقة، لم تقم بهجمات على الجزائر منذ 2019.
مشاركة :