لم يكن الإمبراطور الروماني نيرون نفسه ليتخيل يوماً أن نيرمين ستنافسه بإحراق قلب محبوبها وبشهادة على أحد جدران مدينة أربيل، التي قرر أكراد عراقيون استخدامها كملاذ أخير لإعلان حبهم في مجتمع محافظ.بخط يد متعرج كتب أحدهم مستخدماً طلاء أزرق: «نيرون أحرق روما، ونيرمين أحرقت قلبي»، لكن الفرق هنا أن الكاتب هو من أصيب بالجنون بفعل الحب.وتحمل جدران أخرى أسماء وتواريخ أو أشكال قلوب يرسمها أفراد؛ لتخليد اسم الحبيب أو الحبيبة.كتب آلاء زياد لحبيبته: «كل عام وأنت بخير يا قلبي»، تحت أحد الجسور الفارغة والمهجورة في كبرى مدن إقليم كردستان الذي يحاول الاعتدال بين التقاليد والحداثة.وفي هذه المنطقة التي تبدو الأكثر انفتاحاً في العراق، والأكثر تطوراً عمرانياً بناطحات السحاب والفنادق الفخمة والمقاهي في أربيل أو السليمانية، تبقى المحرمات نفسها على غرار مناطق أخرى في الشرق الأوسط.التعبير عن المشاعر في العلن أمر مستهجن، ولا يزال ناشطون حقوقيون يدينون عمليات ختان النساء في الإقليم، أو الزواج القسري، وثقل التقاليد التي تؤثر في العلاقات بين الشباب.وباتت هذه الرومانسية عابرة للحدود، وتحمل في طياتها قضية الأكراد الكبرى، حتى في سوريا المجاورة التي مزقتها الحرب وباللون الأزرق الداكن كتب أحدهم: «بشوف ملامح الدنيا بعيونك، دخلك شو بتقربلك الشام؟».وبالسياسة، لم تغب مدينة كوباني (عين العرب)، في محافظة حلب في شمال سوريا، والتي تهجّر منها آلاف الأكراد السوريين إلى إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي في العام 2014.رغم ذلك كله، يبقى الوضع الاقتصادي والمعيشي الهاجس الأول لدى هذه الفئة، التي تعيش في بلد يشهد أسوأ أزماته المالية، خصوصاً بين ناري وباء «كوفيد-19» وانخفاض أسعار النفط.لذلك، كتب أحدهم تعليقاً مذيلاً بتوقيع #لوفي، يقول: إنه «بمجرد أن تخبر فتاة بأنك فقير، ستصبح لديك أخت جديدة»، في إشارة إلى أن تردّي الوضع المادي يُبعد بين الأحباء.
مشاركة :