قال الدكتور عبدالفتاح العوارى عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، إن علم التفسير يأتى على رأس العلوم الشرعية، لارتباطه بكتاب الله تعالى، وهو الأصل في فهمه وتدبُّره، وعليه يتوقَّف استنباط الأحكام، ومعرفة النَّاسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، وبه يُعرف الحلال والحرام، ومنه تستخرج قواعد الشَّرع وأصوله.جاء ذلك خلال محاضراته " مدخل فى علم التفسير" ، التى ألقاها على أئمة بنجلاديش وباكستان، الذين يتلقون دورتهم التدريبية الشرعية على يد مشايخ وعلماء الأزهر الشريف، التى تعقدها المنظمة العالمية لخريجى الأزهر عبر تقنية الفيديوكونفراس.وأشار إلى سبب ظهور التأويلات المنحرفة التى أدت إلى تشويه العقول عند بعض الشباب غير المحصن فكريًا، وهو تلقيهم الثقافة على يدى غير المتخصصين الذين لا يملكون زمام العلوم والمعارف الشرعية ، مما مثل خطورة على عقول هؤلاء الشباب المنحرف وتدمير علاقتهم بوطنهم الذي يعيشون فيه. وأكد أن مثل هؤلاء انشغلوا بالتشبث بالظاهر، مدركين أنهم يملكون الحقيقة المطلقة، وأن غيرهم فى غياهب الجهل، مؤكدًا أن هذا النوع من الشباب لو كان تربي وتحصن على أيدى المتخصصين فى العلم الشرعى، لأدركوا أن الكلمات القرآنية تحتمل أكثر من معنى، وأن الظاهر الذي تمسكون به قد يكون غير مقصود الشرع البته . وأكد العوارى أن الخطأ الفادح الذى ترتكبه بعض الجماعات المتطرفة، التى لا تملك أدوات العلم هو تفسير كتاب الله بالهوى ، مما أساءوا لمجتمعاتهم وأمتهم وشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا لم يفقههوه هؤلاء، وأصبح شغلهم الشاغل التشبث بظواهر النص ولا يعنيهم المعانى والمقاصد الحقيقية من النص.وأوضح أن لمن يتصدى لتفسير كتاب الله ، لابد أن تشترط فيه عدة شروط أهمها أن يكون صحيح الاعتقاد وملازم لسنة الدين ومحققًا لمقاصد الشريعة الخمس، حتى يأول النص تأويلًا يتفق مع الفطرة والعقل والنقل الصحيح ، لأن من يتعرض للتفسير إذا كانت عقيدته بها زيغ وانحراف وفساد سيكون حتمًا لا محالة منحرفًا فى فهمه لنص القرآن الكريم بدل أن يفهمه بطريقة صحيحة، ويجب أن يكون متجردًا عن العصبية والهوى، فلا يحمله تعصبه لمذهبه الفقهى أو الكلامى عن إخراج النصوص عن المعنى المراد منها ، وأن يكون متضلعًا لعلوم اللغة وآدابها كالاشتقاق والإعراب ، وعالمًا بعلوم البلاغة كالبيان والمعانى والبديع، ومُلمًا بالقراءات وتوجيهها ومعرفة عللها، ومُلمًا بعلوم السنة رواية ودراية .
مشاركة :