تتحضر اليونان الأربعاء لتصويت البرلمان على إصلاحات تقشفية تريدها الجهات الدائنة مقابل خطة مساعدة ثالثة لأثينا، وذلك بعد ساعات على الكشف عن تقرير لصندوق النقد الدولي ينتقد الاتفاق الذي استغرق أشهراً من المباحثات. وبدت نتيجة التصويت غير واضحة تماماً بعد تقرير صندوق النقد الدولي الذي يحذر من أن اليونان بحاجة إلى إجراءات أكثر لتخفيف الدين لتفادي خروجها من منطقة اليورو. وشهد القطاع العام في اليونان تباطؤاً الأربعاء بسبب إضراب لمدة 24 ساعة بدعوة من نقابة الموظفين الرسميين (إديدي) المعارضة لإجراءات التقشف الجديدة. وهو أول إضراب منذ وصول حزب سيريزا اليساري المتشدد إلى الحكم في يناير/ كانون الثاني الماضي. ووافق رئيس الحكومة أليكسيس تسيبراس وفق الاتفاق الذي تم التوصل إليه الاثنين بين اليونان والجهات الدائنة على إجراء تعديلات على قانون العمل والتقاعد وضريبة القيمة المضافة وضرائب أخرى، وهي إجراءات رفضها اليونانيون في استفتاء منذ حوالى عشرة أيام، ومقابل ذلك تحصل اليونان على خطة مساعدة جديدة لدعم اقتصادها المتدهور. ويفترض أن يصادق البرلمان اليوناني على الاتفاق قبل أن تبدأ دول منطقة اليورو الـ 18 المفاوضات على ما ستحصل عليه اليونان في المقابل، وهو عبارة عن خطة مساعدة لثلاث سنوات قد تصل قيمتها إلى 86 مليار يورو (95 مليار دولار)، وستكون بمثابة خطة الانقاذ الثالثة خلال خمس سنوات. ووفق الخطة الجديدة فإن دول منطقة اليورو ستساهم بما بين 40 و50 مليار يورو، فيما سيقدم صندوق النقد الدولي مبلغاً ضخماً آخر، والمبالغ المتبقية ستكون نتيجة بيع الأسهم الحكومية ومن الأسواق المالية، وفق مصدر أوروبي. وتوقع تسيبراس أن تدعم «الغالبية الكبرى من الشعب اليوناني» الاتفاق، ولكنه أقر في الوقت ذاته أنه «لا يمكن أن يؤكد» ما إذا كانت الخطة كافية لمنع اليونان من الخروج من منطقة اليورو حتى توقيع اتفاق الإنقاذ الأخير. ووفق مصدر في صندوق النقد الدولي فإن تلك المؤسسة ستساهم في خطة مساعدة ثالثة إذ أوجدت الجهات الدائنة في الاتحاد الأوروبي خطة واضحة. واعتبر أن الاتفاق الحالي «ليس متكاملاً بأي شكل من الأشكال، وليس مفصلاً». وقدم صندوق النقد الدولي دعماً لتسيبراس بتأكيده أنه على الاتحاد الأوروبي أن «يمضي أبعد» من الخطوات التي ينوي اتخاذها بهدف تخفيف دين اليونان، وربما شطب قسم من هذا الدين. وقال الصندوق في هذه الوثيقة التي سلمت للقادة الأوروبيين السبت قبل التوصل إلى تسوية مع اليونان الاثنين، أن «دين اليونان لا يمكن أن يكون قابلاً للمعالجة إلا عبر إجراءات لتخفيف الدين تذهب أبعد بكثير مما تنوي أوروبا القيام به حتى الآن». وأكد الصندوق أن الدين اليوناني «لا يمكن معالجته على الإطلاق» وتوشك نسبته أن تناهز 200 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي لأثينا «في العامين المقبلين»، علماً أنها تبلغ حالياً نحو 175 في المئة. وبالرغم من التعب وصعوبة الاتفاق الذي تم التوصل إليه في بروكسل بدا رئيس الوزراء اليوناني واثقاً من نفسه، وقد يكون أحد أسباب ذلك نتائج استطلاع للرأي نشرت مساء الثلثاء. فقد أشار هذا الاستطلاع الذي أجراه معهد كابا سيرش لحساب صحيفة تو فيما وشمل 700 شخص أن اليونانيين منقسمون حول المسئولية عن «هذه الإجراءات الصعبة» (48,7 في المئة يرون أنهم الدائنون مقابل 44,4 في المئة يحملونها للحكومة) وفاعليتها (يعتبر 51,5 في المئة أنها إيجابية و47,1 في المئة أنها سلبية). في المقابل يعتبر 72 في المئة من هؤلاء أن الاتفاق «ضروري» ويؤكد 70,1 في المئة أن البرلمان يجب أن يقره. وبرغم الجدال الدائر، يبدو أن تسيبراس يحافظ على شعبيته إذ يرى 68,1 في المئة أنه في حال أدى الفشل في التصويت إلى الإطاحة بالحكومة، فإنه يجدر بتسيبراس أن يشكل الحكومة الجديدة. وبحسب تسيبراس فإن المصارف اليونانية ستبقى مغلقة حتى التوصل إلى اتفاق نهائي، ما قد يحتاج لشهر، على الأرجح «لتجنب» أن يسحب اليونانيون كل أموالهم فجأة. ويحافظ البنك المركزي الأوروبي على سيولة المصارف اليونانية ولكنه قد يضطر إلى وقف ذلك في حال تخلفت أثينا عن سداد دينها يوم الاثنين. وفي الوقت نفسه، اختلفت الحكومات الأوروبية الثلثاء حول الخيارات الأفضل لمساعدة اليونان على إيجاد وسائل تمويل طارئة حتى يتم وضع الخطة الثالثة للمساعدة. ودعمت المفوضية الأوروبية الأربعاء اقتراحاً مثيراً للجدل لاستخدام الأموال الأوروبية المخصصة للأزمات لدعم اليونان على المدى القصير.
مشاركة :