يمكن أن يكون العيش في الوقت الحاضر "هدية" في حد ذاته، ولكن خلال جائحة عالمية، عندما يكون العالم في أزمة، فإن التفكير في "الآن" فقط ربما يكون أفضل تكتيك لك. وإذا أردنا تخطي هذه المأساة بشكل أقوى من أي وقت مضى، تقول عالمة النفس جنيفر آكر، وكذلك زو تشي هوانغ من جامعة ستانفورد، إننا بحاجة إلى تبديل تفكيرنا، حيث أن النجاح ليس صندوقا يُوضع علامة عليه في قائمة المجموعات الخاصة بك، ويُنسى بعد ذلك. بدلا من ذلك، ينبغي أن يُنظر إلى الحياة على أنها رحلة، تتطلب منا التفكير في الخطوات التي جلبت لنا الإنجاز أو الفشل في الماضي، وتطبيق تلك الدروس في المستقبل. وقد يبدو الأمر واضحا أو مبتذلا، ولكن الأدلة تشير إلى أن تطبيق "مجاز الرحلة" على الحياة، يمكن أن يكون له تأثير حقيقي على سعادتك. ويوضح هوانغ: "يمكن أن يساعد امتلاك عقلية الرحلة، فبينما نفكر في كوفيد-19 وكيف أثر على حياتنا، فإن التركيز على الوجهة فقط يمكن أن يؤدي إلى الكثير من الإحباط، لأنه إذا لم يتم حل المشكلة على الفور وفشلنا في الوصول إلى وجهتنا، قد يضيع كل شيء". ومن السهل حقا التفكير بهذه الطريقة في عام 2020 عندما يبدو أن كل شيء يسير باتجاه السيء، والأمر الوحيد الذي ننتظره هو لقاح. ولكن على الرغم من كل ما يحدث في العالم، فقد نكون قادرين على التعامل معه بشكل أفضل إذا غيرنا عقليتنا قليلا، وتوقفنا عن البحث عن حل. وفي الماضي، وجد علماء النفس أن البحث عن السعادة ليس في الواقع الطريق المؤكد للشعور بها. إنها مثل مرآة Erised في هاري بوتر، لا يمكنك الحصول على السعادة إذا كنت تركز على الهدف النهائي كثيرا. وفي ورقة مراجعة نشرت في أكتوبر من العام الماضي، لخّص فريق البحث نتائج 6 تجارب أجراها على "عقلية الرحلة"، والتي شملت أكثر من 1600 مشارك، وركزت على أنظمة الحمية واللياقة البدنية. واستندت إحدى التجارب على برنامج المشي لمدة 14 يوما، حيث تم تتبع الخطوات لتحقيق الهدف النهائي. وبعد تحقيق هذا الهدف، أعطيت الفرصة للمشاركين لمتابعة تتبع خطواتهم. ووجد المعدون أن أولئك الذين فكروا في البرنامج كرحلة، مشوا نحو 55% أكثر خلال الأيام الثلاثة الإضافية، مقارنة بأولئك الذين يفكرون بتحقيق الهدف فقط. وتقول آكر: "إن عقلية الرحلة تتعلق بالاستمرار من نجاحاتنا وإخفاقاتنا ذات المغزى، إلى اللحظة الحالية والمستقبل. النجاح لا وجود له في عزلة - له ماض ويجب الحفاظ عليه في المستقبل". وخلال جائحة فيروس كورونا، يتواصل الكثير منا بشكل أكبر مع الأصدقاء القدامى والعائلة، ويختارون هوايات جديدة، ويجدون طرقا فريدة لإنجاز العمل في المنزل. وقال كل من هوانغ وآكر في الورقة البحثية لعام 2019، إن التأمل في الخير والشر، أو تدوين أفكارك وأهدافك ومشاعرك في مجلة على أساس يومي أو أسبوعي أو حتى سنوي، يمكن أن يساعدك في تحقيق عقلية الرحلة. وحتى إذا لم يكن هناك شيء جيد للتفكير فيه في تلك اللحظة، يمكنك دائما الرجوع إلى النجاحات السابقة، وقد يساعدك ذلك في العثور على مسار لإنجازات جديدة. ويمكن القول إن النجاح لا يتعلق بالأهداف فقط؛ بل بالنمو والتعلم والتغيير أيضا. وقال هوانغ: "كل هذه المهارات والدروس يمكننا الاستمرار فيها حتى بعد كوفيد-19. بمجرد أن يتعلم الناس كيفية التعامل مع هذه التحديات على أفضل وجه، يمكن لعقلية الرحلة أن تعزز هذا النمو وبالتالي الحفاظ على الصحة العقلية للناس في المستقبل - خاصة عندما تحدث محفزات أو ضغوط مستقبلية". وفي إحدى الدراسات عام 2003، عندما استمع المشاركون إلى الموسيقى الكلاسيكية، فإن من حاولوا فرض السعادة أثناء الاستماع، انتهى بهم الأمر إلى عدم الرضا بعد انتهاء الأغنية. وبدلا من محاولة توليد السعادة من لا شيء، يقول علماء النفس إنه ينبغي علينا التركيز أكثر على إيجاد معنى في الحياة، سواء كان ذلك من خلال الأسرة أو الأصدقاء أو الطبيعة أو الدين أو العمل من أجل الصالح العام. وفي حين أن التركيز على هذه الجوانب من الحياة قد لا يؤدي مباشرة إلى السعادة، يبدو أنه يمنحنا أفضل فرصة في ذلك. ونُشرت أحدث مراجعة لهوانغ وآكر في الجمعية الأمريكية لعلم النفس (American Psychological Association PsycArticles). المصدر: ساينس ألرتتابعوا RT على
مشاركة :