متواضع الهيئة والثياب، الفقر يظهر في جنبات عيادته القاطنة في طنطا، التي خصصها لعلاج "الغلابة" بعدما شعر بآلامهم حينما مات في حضنه طفل لم يتعد العشرة أعوام، أشعل النيران في جسده لعجز والدته عن شراء حقنة الأنسولين له بسبب الفقر المضجع، نظرات الوداع في عيون الطفل المريض دفعته لتكريس حياته في علاج الفقراء على مدار عقود ماضية بأجر لا يتعدى العشرة جنيهات، مغلقا الباب أمام حلم الثراء الفاحش، أكثر من 50 عاما أفنها من عمره ليداوي فيها آلام الفقراء.. إنه الدكتور محمد مشالي طبيب الغلابة الذي فارق الحياة فجر اليوم عن عمر يناهز 76 عاما.صراع طبيب الغلابة مع الموتبدأ صراعه مع الموت حينما دقت عقارب الساعة الـ9 مساء أمس الإثنين، ليسقط مغشيا عليه داخل شقته بطنطا، لتسرع إليه زوجته تقلب فيه يمينا ويسارا في محاولة لإنقاذه قبل أن تشعر بالعجز أمامه، فلا تجد أمامها سوى الاستغاثة بحارس العقار "محمد عليوة" لإحضار طبيب لإنقاذه.غيبوبة كبدية"في البداية افتكرنا أنها غيبوبة كبدية.. مكناش نعرف أنها أزمة قلبية".. كلمات وصف بها محمد عليوة، حارس العقار، الساعات الأخيرة في حياة الدكتور محمد مشالي طبيب الغلابة، والذي أصابه بحالة حزن شديدة هو وجيرانه على فقدان "ملاك يسير على الأرض" بحسب تعبيره.محاولات انقاذ طبيب الغلابةمحاولات إنقاذ الدكتور محمد مشالي، بعد الاستعانة بعدد من الأطباء باءت جميعها بالفشل رغم إجراء الإسعافات الأولية له، إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة، وهذا ما أكده عليوة قائلا: "30 دقيقة تقريبا واحنا بنحاول نفوقه بس معرفناش .. يبدو أن أمر الله قد نفذ".. مشيرا إلى أن خبر وفاته وقع كالصاعقة على جيران طبيب الغلابة، لتذرف أعينهم بالدموع، ويتحول المشهد لحالة تامة من الحزن على فراق الدكتور مشالي الذي أفنى حياته في عمل الخير ورسم ابتسامة الأمل على وجوه الغلابة.اقرأ أيضا:عد رحيله.. تفاصيل الصورة الثلاثينية لطبيب الغلابة قبل شقائهأبتغي الجنة بعمل الخير.. ننشر آخر كلمات طبيب الغلابة مع صدى البلداعمال الخير لطبيب الغلابة"نفسي اموت وانا بكشف على المرضى وبخدم الغلابة".. كلمات كان يرددها الدكتور محمد مشالي دائما، تعبر عن تلك الشخصية المحبة للخير، فكم من دعوة تلقها بالرحمة بعد وفاته، بسبب ما كان يبذله من جهد في علاج الغلابة الذين تجمعوا صباحا اليوم أمام عيادته في طنطا آملين أن يكون خبر وفاته شائعة كما يحدث في كل مرة، لكن خاب أملهم وأصيبوا بحالة حزن شديدة حينما تيقنوا من صحة خبر الوفاة هذه المرة.ختمة قرآن على روح محمد مشاليجيران الدكتور محمد مشالي لم يكونوا بمنأى عن رد الجميل لطبيب الغلابة، فقد تجمعوا بعد صلاة الفجر داخل المنزل، ونظموا ختمة للقرآن الكريم على روحه، ودعوا له بالرحمة والمغفرة.وفي السياق ذاته، كشف الدكتور عمرو مشالي، نجل طبيب الغلابة الدكتور محمد مشالي استشاري الباطنه أن والده قد غيبه الموت بشكل مفاجئ لتعرضه لوعكه صحيه على إثر إصابته بأزمة قلبية تسبب في إحداث هبوط حاد في الدورة الدموية . وتابع نجل الطبيب أن والدته أخبرته بوفاة والده هاتفيا وهو ما أصاب الاحفاد بالحزن والوجيعة، بعدما استعانت باطباء للكشف عليه وتبين وفاته إثر هبوط حاد في الدورة الدموية.
مشاركة :