حوار: زكية كردي في القياضة ثمة عوالم مختلفة من العلاقات الاجتماعية والبيئات والأجواء المغرية بالعمل على التفاصيل. بكل هذا الحب والشغف كان يتحدث عن عمله مثل أب اعتاد الحرص على الاهتمام بأصغر اللقطات، ليؤكد مجدداً سحر التفاصيل، وقدرتها وحدها على نقل نص مثل القياضة2 إلى المشاهد مصحوباً بكل غنى البيئة الإماراتية بمكوناتها المختلفة، وعن منافسة العرّابين، وعودة سلوم حداد في ظروف غامضة، كان لالخليج هذه الوقفة مع المخرج والفنان سلوم حداد في حديث طرزته تفاصيل اختلافه وتميزه ما بين عمل وآخر. * الملاحظة الأولى التي استوقفت الناس بخصوص مسلسل القياضة2 تتعلق باستبدال بعض نجومه، ما الأسباب التي غيّبت نجوم الجزء الأول عن العمل؟ منذ بدأنا في الجزء الأول من القياضة ونحن نحرص على العمل بروح العائلة الواحدة، ولذلك كنا جميعاً نسيجاً واحداً، وعند التحضير للجزء الثاني حرصنا على مواصلة كل نجوم الجزء الأول العمل في الجزء الجديد، إلا أن البعض اعتذر لتقاطع ارتباطاته الفنية بأوقات تصوير القياضة، على كل الأحوال من غاب في الجزء الجديد افتقدناه، ومن حضر عوضاً عمن غاب وكان خير خلف، وترك بصمته الخاصة أيضاً. * هل كانت لك اقتراحات في اتجاهات وملامح الشخصيات، أثناء كتابة النص؟ - كنا على تنسيق كامل، أنا وكاتب قصة العمل محمد سعيد الضنحاني وكاتب الحوار والسيناريو فيصل جواد، وعملنا معاً خطوة بخطوة لتطوير الخطوط الدرامية التي تعرف إليها المشاهد في الجزء الأول ولإدخال خطوط جديدة تتكامل مع أحداث الجزء الأول، بما يضمن الخروج بحدوتة درامية مشوقة تلبي بمضمونها شغف الحنين إلى التراث بكل ما فيه من عادات وتقاليد وقيم حياتية عظيمة، ضمن قالب درامي يوظف التراث لا يكتفي به. * تفرعت حكايات جديدة عن الحكاية الأصلية، ماذا أضافت هذه الحكايات للعمل، وهل جاءت نتيجة ضرورة درامية؟ - الجزء الثاني يتضمن المزيد من العلاقات الدرامية الجديدة والمتشابكة والتي تكون في مجموعها الحبكة الدرامية للعمل، حيث ستنمو حكايات أخرى، وقصص وفاء وتفاصيل حياتية تعكس طبيعة المجتمع الإماراتي، بكل ما تنطوي عليه من مواقف أهل الإمارات، وطيبة معشرهم وتماسكهم، منها ما يعد امتداداً لأحداث الجزء الأول من المسلسل، ومنها ما ينفتح على أحداث وشخصيات جديدة. ويدخل الجزء الجديد فضاءات درامية جديدة تمتد إلى أعالي الجبال في منطقة دبا الفجيرة، لتأخذنا نحو ملامح جديدة للمنطقة في ستينات القرن الفائت، أبرزها مهنة جمع العسل قديماً والقوانين التي تحكمها، وما يترتب عليها من علاقات اجتماعية وسواها، كما سنتعرف إلى طريقة إعداد (الغبرة) وهي صنع أعلاف الحيوانات. وبالطبع الخطوط الجديدة فرضت البحث عن حلول إخراجية جديدة ومتنوعة وأهم مما قدمته في الجزء الأول. * تميزت برؤيا إخراجية خاصة، لكنها تبدو قريبة في الوقت نفسه إلى المسلسلات التي اشتهرت بها عربياً، مثل الزير سالم وغيره، هل توافقني الرأي؟ - لا رؤية إخراجية متكاملة بلا نص جيد وممثل بقدرات مبتكرة، وهذا ما توفر في نصالقياضة، بطبيعته، ينطوي على حوامل رؤيته الإخراجية، وفي القياضة ثمة عوالم مختلفة من العلاقات الاجتماعية والبيئات والأجواء، كل ذلك يغري بالعمل على التفاصيل، الأمر الذي يجعل من تصوير مشاهد العمل، وفقاً للأسلوب الإخراجي السوري، الأقرب إلى التصوير السينمائي، من حيث العمل لقطة بلقطة، والاهتمام بالتفاصيل، الأسلوب الأمثل لتجسيد أحداث (القياضة). * هناك حالة فوضى يعيشها الفنانون السوريون في السنوات الأخيرة بشكل لافت، بانتقال الكثير منهم إلى الإخراج، أو التأليف، أو كليهما، ما أسباب هذه التعددية الفنية التي يعيشها الفنان السوري مؤخراً؟ - لا اتفق مع توصيف الفوضى، فالأمور تؤخذ بخواتيمها، ومعظم من تصدى للإخراج والتأليف من نجوم الدراما السورية أنتجوا أعمالاً مهمة وناجحة، أما لماذا نتوجه للإخراج والتأليف، فأقول إنه كان من الممكن لفناني الدراما السورية الاكتفاء بنجوميتهم من أدوارهم التمثيلية، إلا أن ضبابية مفهوم الدراما السورية كصناعة وافتقارها إلى تقاليد وقوانين، وما ترتب على ذلك من استباحة للمهنة، دفع عدداً من النجوم السوريين لاستلام زمام المبادرة في إدارة هذه الصناعة. * قامت منافسة افتراضية بين العرابين، فما ردك على هذه المنافسة كونك كنت عرّاب أحد المسلسلين؟ - حس المنافسة فرضه الناس نتيجة تشابه الأسماء، أو تقاطع الأحداث في أماكن معينة استناداً إلى الرواية التي أخذ منها النص، لكن أحب أن أوضح أننا خارج المنافسة، فنحن نقدم عملاً منفصلاً تماماً، فالعرّاب نادي الشرق كان مثقفاً، وعرّابنا كان شعبياً، وتابعه عدد كبير من الناس. * كيف تصف شخصيتك في العرّاب؟ - العرّاب خط حياة لطفل تعرض أبواه للقتل أمام عينيه، وكان همه وهاجسه في الحياة، يتمثل في الحفاظ على العائلة وتماسكها، حتى أصبحت لديه إمبراطورية اقتصادية. * في ظروف غامضة أعاد إلينا سلوّم حداد الأسلوب العفوي والخفيف الظل الذي اعتاده المشاهد، ماذا تقول عن هذا العمل؟ - ظروف غامضة مسلسل معاصر، يحوي الكثير من العلاقات الاجتماعية المتشابكة، والطبيعية، أقصد العلاقات التي نعرفها في المجتمع السوري، لهذا كنت في هذا العمل على طبيعتي تماماً. * ذكرت في إحدى الصحف أننا نعيش زمن نهوض الدراما الخليجية، ما هي المعطيات التي جعلتك تقول هذا؟ - تقدم الدراما الخليجية نفسها في مسلسلات من طابقين، على صعيد جودة الصورة والمضمون، فنجد منها ينفذ بطريقة فني محترف، ونص درامي مشغول بما تمليه لعبة الدراما، وملاءة إنتاجية كبيرة، ومن المسلسلات ما يأتي كما لو أنه هارب من إنتاج السبعينات، بجودة صورتها أحياناً، وبموضوعاتها أحياناً أخرى، وتواضع إنتاجها. لطالما بدا النص الدرامي الخليجي مكبلاً بتراجيديا مغرقة بالبكائيات، وأسير دائرة ضيقة من العلاقات العائلية وما يرتبط بها من صراعات تقليدية تدور داخل الجدران، وبدأ مؤخراً النص الدرامي الخليجي بالخروج إلى الشارع لينهل منه وقائعه . * حاز مسلسل القياضة2 المرتبة الأولى في إحدى حلقات برنامج ريتينغ كيف تجد البرنامج؟ - جمهور القياضة جائزتنا الأولى والأخيرة والأهم، وتقدمنا في هذا البرنامج شيء من ظلال محبة الجمهور للعمل لا كلها. * ما الذي تحتاجه الدراما الإماراتية برأيك حتى تحقق النجاح الذي يحلم به فنانوها وجمهورها؟ - تمتلك الدراما الإماراتية المحلية القدرة على تحقيق الحضور المأمول لو توافرت لها شروط عمل مناسبة، وهو أمر يؤكده إنتاج أعمال من بينها القياضة، خرجت بمستوى منافس. اليوم تزخر الدراما المحلية بوجوه تمثيلية مهمة، ومن حق هذه المواهب أن تجد المسلسل المحلي الذي يقدمها ويظهر قدراتها، وهذا أمر يتطلب نصاً محلياً قوياً، لا يتوفر في كل مرة، كما يحتاج إلى إخراج بذات القوة أبعد ما يكون عن الاستسهال والتجريب، والعناصر الثلاثة تحتاج لملاءة إنتاجية. عدد الحلقات عن تأثر بعض صناع الدراما في الآونة الأخيرة بالطريقة المتبعة في الغرب في ما يخص عدد الحلقات، يقول سلوم حداد: لن تستطيع الدراما العربية التمرد على عدد الحلقات المحددة بثلاثين حلقة، ربما تضاف إليها ثلاث في يام العيد، لأسباب تتعلق بالتسويق، إلا أن هذا العدد من الحلقات أوقع بعض النصوص في حالات من التطويل التي أثرت في الإيقاع ، نحو تحرر نسبي من الحلقات الثلاثين بتقديم أكثر من حكاية ضمن أيام رمضان الثلاثين، بدءاً من حلقات منفصلة، فالثلاثيات والخماسيات، وصولاً إلى أعمال من 15 حلقة.
مشاركة :