شهدت مملكة البحرين تطورًا ملحوظًا في جهاز القضاء من حيث التنظيم الداخلي وسرعة الفصل في الدعاوى وإنهاء المنازعات القضائية على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وذلك خلال المسيرة التنموية الشاملة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، التي انطلقت خلالها الرؤية الاقتصادية 2030 في عام 2008، بناء على إيمان صادق ورؤية ثاقبة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، حفظه الله ورعاه، حيث نصت، ضمن مبادئها، على أهمية تطوير النظام القضائي لضمان العدالة وسرعة تسوية المنازعات.وقد وضعت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف والمجلس الأعلى للقضاء خططًا لتقديم خدمات مميزة تواكب أفضل الممارسات الدولية، وتحقق رضا المتقاضين، بناءً على رؤية تجعل القضاء قدوة في تحقيق العدالة وتقديم الخدمات القضائية، حيث تم إنشاء مكتب إدارة الدعوى المدنية والتجارية في عام 2018 للقيام بمهام تحضير وتهيئة ملف الدعوى لضمان سير الدعوى بطريقة سليمة، ومن أجل سرعة الفصل فيها وزيادة جودة الأحكام، وتحسين البيئة المناسبة للتشجيع على الاستثمار، بالإضافة إلى تطبيق نظام لإدارة جلسات المحاكم التجارية، بحيث يقتصر عمر الدعوى التجارية على 10 جلسات كحد أقصى ولا تتجاوز 6 أشهر، في حين أن التأجيل يكون فقط لأسباب استثنائية.كما تم إلغاء لجنة المنازعات الإيجارية بعد تعديل قانون إيجار العقارات وجعله من ضمن اختصاصات المحكمة المدنية الكبرى، بهدف تسريع الفصل في الدعاوى الإيجارية وإعطاء المتقاضين الفرصة للطعن في الأحكام الصادرة، ماعدا الدعاوى الإيجارية التي تقل المطالبات فيها عن ألف دينار، واعتبار الحكم الصادر قطعيا في جميع الدعاوى المدنية والتجارية.وتحرص السلطة التشريعية كذلك على أن تتوافق التشريعات البحرينية مع تشريعات البلدان المتقدمة في تحقيق العدالة والشفافية والاستقلالية، من أجل الحفاظ على استقرار المجتمع وتقدمه، والحفاظ على صورة مملكتنا الناصعة على الصعيد العالمي كونها دولة العدالة والقانون والمساواة، حيث إن القضاء العادل والنزيه كان ولا يزال وسيظل حريصًا على تعزيز مبادئه الأساسية المتمثلة في: استقلال القضاء، علانية المحاكمة، المساواة أمام القضاء، المواجهة بالدليل، التقاضي على درجتين وتعدد القضاة لضمان الشفافية.وبالإضافة إلى ما تقدم يتم نشر مؤشرات أداء المحاكم بشكل منتظم، كما يتم نشر أحكام القضايا على الموقع الإلكتروني للمجلس الأعلى للقضاء وذلك تأكيدًا وتعزيزًا للشفافية.ومما لا شك فيه أن البحرين سباقة في المجال العدلي والتشريعي، حيث نظم المشرع البحريني الإفلاس عبر الحدود في قانون إعادة التنظيم والافلاس الصادر بقانون رقم (22) لسنة 2018، وهو الأول من نوعه في دول مجلس التعاون بهدف حماية الاستثمار الأجنبي، ما يعتبر تطورًا جديدًا تتطلبه الأعمال التجارية العالمية الحديثة، من خلال تعزيز التعاون بين محاكم البحرين ومحاكم الدول الأجنبية، وضمان الإدارة العادلة والفعالة لقضايا الإفلاس عبر الحدود لحماية مصالح كل من الدائنين والمدينين تماشيًا مع الرؤية الاقتصادية 2030.والجدير بالذكر أن استقلال وشفافية القضاء مستمرة في ظل الظروف الراهنة التي نعيشها بسبب تفشي فيروس كورونا عالميًا، حيث تم تدشين خدمات التنفيذ الإلكترونية منذ عام 2015. والآن، يمكن للأفراد رفع الدعاوى المدنية والتجارية بكافة أنواعها ودرجاتها عن طريق الوسائل الإلكترونية بشكل شامل، ابتداءً من رفع الدعاوى حتى تنفيذ الأحكام.وفضلاً عما تقدم، فقد تم تعديل قانون الإجراءات الجنائية حيث أجاز للنيابة العامة، إذا تعذر حضور شاهد أو متهم، أن تلجأ إلى استعمال الوسائل الإلكترونية والنقل الأثيري في سماع أقواله أو استجوابه عن بعد، مع الاخذ بعين الاعتبار الضمانات المقررة قانونًا، كما يتم أيضًا استخدام الوسائل الإلكترونية لتنفيذ برامج التأهيل والتدريب للمستفيدين من العقوبة البديلة.وبالإضافة إلى ذلك، تم إلغاء الإجازة القضائية لجميع قضاة درجات المحاكم تجنبًا لتراكم القضايا بسبب تأجيل بعضها نتيجة لتداعيات الجائحة. الجدير بالذكر أن النظام القضائي في مملكة البحرين يتم تطويره وتحديثه باستمرار، وهناك تحول نوعي في النظام القضائي والعدلي، وأصبحت المحاكم تتسم بالسرعة والدقة وتحقيق العدالة المكتملة لمواكبة الظروف الاقتصادية والأمنية والإنسانية، وكلها تصب في مصلحة توفير الأمن والحماية والاستقرار لكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة، بجهود كافة القائمين على هذا المرفق الحساس والمهم، وبذلك يتعزز الأمن والرخاء في مجتمع يسوده القانون والعدل.{ باحثة قانونية
مشاركة :