العراق يقترب من تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح | | صحيفة العرب

  • 7/29/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يواصل القطاع الزراعي العراقي السير عكس تيار الأزمات القاتمة في البلاد من خلال الحصيلة القياسية في إنتاج القمح هذا العام، وهو ما يسمح بتحقيق الاكتفاء الذاتي، ويمنح العراقيين نقطة ضوء في ظل قتامة الأوضاع السياسية والمخاوف من الوباء ومن انهيار أسعار النفط. بغداد - يقترب العراق بخطوات ثابتة من تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح بفضل وفرة المياه وتراجع الواردات مع إيران بعد إجراءات صارمة فرضتها حكومة مصطفى الكاظمي لكبح انفلات المعابر الحدودية المتسببة في تدهور الاقتصاد. ويمثل القطاع الزراعي منذ العام الماضي نقطة ضوء وحيدة في المشهد الاقتصادي العراقي، حيث سجل الإنتاج قفزات كبيرة بفضل تشجيع المستهلكين للإنتاج المحلي وعزوفهم عن المحاصيل المستوردة وخاصة من إيران مع تصاعد الغضب الشعبي من نفوذ طهران المهيمن على الحكومة العراقية. وتوقع مسؤول عراقي أن تحقق البلاد اكتفاء ذاتيا من القمح العام القادم، للموسم الثالث على التوالي، وذلك بعدما كان العراق في الماضي هو ثاني أكبر مستورد للقمح في الشرق الأوسط. ونقلت وكالة بلومبيرغ عن المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة حميد النايف قوله إن “البلاد تتوقع حصاد أكثر من خمسة ملايين طن من القمح في الموسم الذي ينتهي في أغسطس عام 2021، متجاوزة مستوى 4.5 مليون طن اللازمة للبرنامج الوطني لدعم الغذاء”. وباع المزارعون نحو 4.9 مليون طن من القمح للحكومة حتى الآن خلال الموسم الحالي الذي ينتهي الشهر المقبل، وهي تقريبا نفس الكمية التي تم حصادها العام الماضي، وفقا لمجلس الحبوب. ومن المفترض أن يسهم تعزيز إنتاج الغذاء في تقليل الواردات، ومن ثَمّ تخفيف الضغط على الاقتصاد الذي يعاني تحت وطأة جائحة كورونا وتراجع أسعار النفط. ووفقا لبيانات صندوق النقد الدولي، سيسجل العراق عجزا في الحساب الجاري يصل إلى 22 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام الجاري، وهي النسبة الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولم يضطرّ العراق إلى استيراد القمح منذ أن اشترى أكثر من 400 ألف طن من الولايات المتحدة وكندا في مناقصة جرت في فبراير عام 2019. وتكافح الحكومة العراقية لتنويع مصادر الدخل وعدم الاقتصار على إيرادات بيع النفط التي تشكل نحو 98 في المئة من نفقات الدولة. ويعاني العراق من أزمة مالية منذ أشهر جراء انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية بفعل جائحة كورونا التي شلت قطاعات واسعة من اقتصاد العالم. ونسبت وسائل إعلام محلية للمتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف قوله إن “العراق بدأ من جديد يتجه نحو الزراعة خاصة بعد عودة المهجرين إلى مناطقهم ما انعكس على تضاعف المساحات المزروعة، وبالتالي تحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من المحاصيل الغذائية والحيوانية”. وكان العراق قد أعلن مؤخرا وصوله إلى الاكتفاء الذاتي من محصول الحنطة للعام الثاني مع وصول الإنتاج إلى نحو 5 ملايين طن خلال الموسم الحالي. ويتوفر العراق على أراض خصبة وخاصة تلك الواقعة على طول ضفتي دجلة والفرات من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، إلا أن هذا القطاع عانى الكثير من الإهمال بسبب عقود من الحروب وعدم الاستقرار، ما جعل البلد يعتمد على الاستيراد لتأمين الغذاء. وأضاف النايف أن “هدف الوزارة هو زيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي من 4 في المئة سابقا إلى ما بين 18 و20 في المئة، لتنمية إيرادات الدولة وتعزيز دور المزارعين بزيادة المساحة الزراعية”. وأشار إلى أن “الوزارة تمكنت من خلال دعمها للمزارع من تتحقيق الاكتفاء الذاتي في 28 مادة غذائية وحيوانية، وتصدير الفائض إلى خارج العراق”. وأوضح النايف أن “الوزارة تمكنت، خلال اليومين الماضيين، من تصدير ما مقداره 750 طنا لثلاثة محاصيل زراعية، شملت 250 طنا من الطماطم و250 طنا من الباذنجان و250 طنا من البطاطا”. وأردف أن “الوزارة لديها خطة أيضا لتصدير الأسماك إلى خارج العراق بعد نجاح خطتها بتصدير التمور العراقية خلال العام الماضي”. ولفت النايف إلى أن “المحاصيل الغذائية من الخضر والفواكه العراقية مرغوبة في الأسواق المحلية والعالمية لجودتها وتميزها بطعمها الطيب، لاستخدام المواد العضوية للتسميد بدل المواد الكيمياوية، وخلوّها من المواد المعدلة وراثيا”. وخلال الصيف الحالي، حظرت وزارة الزراعة استيراد 28 محصولا نباتيا، إضافة إلى بعض المنتجات الحيوانية لوفرتها محليا، فضلا عن محصولي الحنطة والشعير. وأطلقت الحكومة العراقية في أغسطس من العام 2008، مبادرة زراعية شاملة للنهوض بالواقع الزراعي في البلاد ، وحددت سقفا زمنيا مدته عشر سنوات لبلوغ العراق مرحلة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية . وعانى العراق خلال الفترة الماضية من ازدياد نسبة التصحر في اغلب أراضيه بسبب عزوف الفلاحين عن الزراعة إثر ارتفاع أسعار مستلزماتها وانخفاض مستوى الدخل واستيراد المنتجات الزراعية من دول الجوار وخصوصا إيران. وكانت لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية قد أكدت في مارس الماضي أن قيمة واردات العراق تراجعت بنسبة 40 في المئة خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب تراجع الواردات من دول الجوار. وأرجعت أوساط اقتصادية السبب الرئيسي في التراجع إلى مقاطعة البضائع الإيرانية، منذ انطلاق الاحتجاجات ضد الطبقة السياسية الموالية لإيران في أكتوبر الماضي. وهو ما أكدته بيانات إيرانية مؤخرا حيث أظهرت تراجع الصادرات إلى العراق في يناير الماضي بنسبة 80 في المئة مقارنة بما كانت عليه حتى نهاية سبتمبر من العام الماضي.

مشاركة :