هام – باريس – علي رضا :كلمة مريم رجوي في اجتماعات المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بثلاثة أيام – لمناسبة بدء العام الأربعين لتأسيس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (23-26 يوليو2020)الأعضاء المحترمون فی المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية! أرحّب بالشخصيات وأصدقائنا الكرام الذين يشاركون اجتماعنا بصفة المراقب في اليوم الثالث من دورة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وأحيّي كلّ واحد منكم على جهودكم من أجل الحرية للشعب الإيراني والوطن في هذا الاجتماع من اجتماعات المؤتمر السنوي العام. اسمحوا لي أن أقدّم التهنئة باسمكم ومعكم الشعب الإيراني بمناسبة بدء العام الأربعين من حياة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، لأن أبناء الشعب هم الذين خلقوا إمكانية وجود بديل ديمقراطي وبقائه بتحمل المعاناة والعذاب على مدى 120 عامًا وعذابات تحملتها أجياله المتعاقبة. إن المجتمع الإيراني وتاريخ إيران والثورات والحركات التي شهدها البلد من ثورة الدستور ولحد الآن، خاضوا نضالا بكل حماس لتوفير إمكانية ولادة بديل من رحم الشعب ومن أجل حكم الشعب. لكن ترجمة هذه الإمكانية على أرض الواقع السياسي والملموس لم تكن ممكنًا إلا بوجود قيادة صالحة ومعاناة وجهود جبّارة، وهنا يبرز الدور الصالح الذي لعبه قائد المقاومة مسعود رجوي بنجاح كبير وبذلك جعل مستقبل حركة المقاومة أمرًا مضمونًا. نعم، كانت الظروف التاريخية لتأسيس بديل ديمقراطي مهيأة، لكن لم يكن إنشاؤه مجانًا دون دفع الثمن، ولا بقاؤه وتطوره كان أمرًا بسيطًا وميسّرًا مجانًا. في بدء العام الأربعين لتأسيس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، نحيي بداية ذكرى شهداء كبار من أمثال شكر الله باك نجاد الذي كان من المشجعين الأوائل للمجلس. إنه وفي العقد الثالث من أبريل عام 1981 حيث بدأت صحيفة مجاهد تنشر صفحات خاصة «للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية»، كان قد أشاد بهذه المبادرة واعتبر المجلس بأنه «محور تجمع القوى الثورية». كما نستذكر غلام حسين ساعدي الذي كان يكتب في الصحيفة الشهرية للمجلس مقالات وآراء، بالإضافة إلى فنانين مشهورين من أمثال السيدة مرضية والسادة عماد رام، وآندرانيك، ومنوجهر سخايي، والاستاذ عالي وندي، ومنصور قدر خواه، ومحمد سيدي كاشاني. ولا ننسى شهداء عظام من أمثال الدكتور كاظم رجوي ومحمد حسين نقدي الذين كانوا أعضاء في المجلس. وأعضاء آخرين صديقين ومخضرمين للمجلس من أمثال المهندس يزدان حاج حمزه والمهندس صمد ساجديان والمهندس حسين شهيد زاده (كاكه حسام) وأخواتي بتول رجايي وزهراء مهر صفت ورؤساء صديقين للجان المجلس: إبراهيم ذاكري، ومحمد علي جابرزاده، والشهيدة غيتي كيوه جينيان، وعشرات من الأعضاء الصديقين والشهداء الآخرين من أمثال زهراء رجبي وحسين أبريشمجي وزهره قائمي الذين قضى نحبهم إما في الهجمات الإرهابية أو في مجازر أشرف وليبرتي أو نتيجة الحصار الإجرامي. كما نحيي ذكرى مرجان العاصية، ومعصومه جوشقاني العزيزة اللتين كانتا من السجينات السياسيات الصامدات في معتقلات التعذيب لنظام خميني. تحية لهؤلاء جميعًا الذين أوفوا بعهدهم حتى آخر نفس من حياتهم. وكل واحد منهم يشكل جزءا من مفاخرنا وشرف شعبنا وتاريخنا.تدهور وضع النظام وبركان الانتفاضات على وشك الفوران بكل أسف ومرارة، تقام اجتماعات هذا المجلس في وقت يبلغ إجمالي عدد ضحايا كورونا داخل إيران المحتلة أكثر من 76 ألف شخص. وأعلنت المقاومة الإيرانية بحق أن خامنئي وروحاني اعتمدا استراتيجية الخسائر الإنسانية الجسمية بهدف الحؤول دون وقوع الانتفاضة والسقوط. إنهما وجدا في كورونا فرصة ونعمة ومتحدٴا معهما ضد أبناء شعبنا ومنقذًا لنظامهما. ونرى الآن أن ممثلهم في مجلس شورى النظام عن كنبد كاووس يخرج ويقول: «كأنّ (المسؤولين) أقسموا على قتل المواطنين جمعاء». إنهم يريدون أن يجعلوا الشعب محبطًا وميئوسًا، لكن الشعب الإيراني أظهر أنه لن يرضخ لذلك. إن صدور أحكام بالإعدام على ثلاثة من الشبان المعتقلين في انتفاضة نوفمبر الماضي، بأمر من خامنئي ومشاعر الغضب الشعبي واحتجاج ملايين الأشخاص داخل إيران وخارجها ضده، ثم انتفاضة أهلنا في بهبهان، أثبت استعداد الشعب للانتفاضة وإرادة الإطاحة بالنظام وأظهر أن الشارع الإيراني يعلن استعداده للانتفاضة في كل لحظة. كما ورد في ميثاق المقاومة بعشر مواد قد دعونا منذ سنوات بإلغاء حكم الإعدام ونؤكد ذلك وندعو مواطنينا إلى مزيد من الاحتجاج ضد هذه العقوبة اللاإنسانية خاصة بشأن الشبان المناضلين والمجاهدين ومعتقلي الانتفاضة. يجب إطلاق سراح السجناء السياسيين وندعو من جديد الهيئات الدولية والحكومات إلى الضغط على نظام الملالي للإفراج عن السجناء السياسيين. نعم، لم يستطع الملالي ولا يستطيعون إخضاع مجتمعنا لإرادته من خلال ممارساته الإرهابية وأعمال الكبت. انتفاضة نوفمبر الماضي تحولت إلى حمام دم؛ ولكنها أبت أن تتوقف. بهبهان وماهشهر وشيراز وكرمانشاه وشهريار تضرجت بدماء أبنائها ولكنها ظلت تترصد الفرصة للانتفاضة. إضافة إلى ذلك، تلقى نظام الملالي مسلسلًا من الهزائم في الشهور الأخيرة: هزيمة مسرحية الانتخابات التي شهدت أقل نسبة مشاركة منذ 40 عامًا حتى حسب الإحصائيات المفبركة المعلنة من قبل النظام. وهزيمته في منع توسع معاقل الانتفاضة رغم كل حملات الاعتقال والقمع، حيث تواصلت عملياتها ونشاطاتها. النضال الدؤوب لمجاهدي خلق، وجهود أعضاء معاقل الانتفاضة المضحين بأنفسهم، وقيادة رئيس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية للقوات المناضلة ضد النظام وشباب الانتفاضة، قد سطرت نتائج رائعة في اعتلاء مقاومتنا خلال العامين الماضيين. اليوم، النظام يعيش خوفًا من تجدد تفجر بركان الانتفاضة، من شرخ قد يحدث ويجتاح كل البلاد. الواقع المخيف للنظام هو أن جهازه القمعي بات هشًا وعقيمًا. إن سياسة المساومة الغربية مع النظام، قد تغيّرت إلى حد كبير وحلّ وضع النظام في قوائم الإرهاب والعقوبات محل حماية النظام واستمالة الملالي. كما أن هلاك كبير السفاحين قاسم سليماني، قد وجّه ضربة لا يمكن تعويضها على قوى القمع والإرهاب للنظام، وخلّف تأثيرًا نفسيًا كبيرًا على عناصر الحرس. وفي مثل هذه الأجواء، يصرّ النظام على نشر غبار الموت واليأس في المجتمع باللجوء إلى استراتيجية الزج بالمواطنين بمذبحة كورونا من أجل إنقاذ نفسه. كما في الوقت نفسه ومن أجل تغطية نفقاته، يبتز المواطنين باستمرار ويدفع ضريبته من جيوبهم برفع أسعار الخبز والكهرباء والبنزين والديزل من جهة، ومن جهة أخرى يعقد صفقات خيانية مع أطراف خارجية، أو يتطلع إلى نتائج الانتخابات الأمريكية أملا في إحياء سياسة تقديم تنازلات له. لكن البركان المستعد للانفجار في قلب المجتمع واستنزاف حاد في المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للنظام، قد أوصل وضع الحكومة إلى درجة من التدهور لا تعود تستطيع مساعدات الأجانب و«الإمدادات الغيبية» إنقاذ النظام. ولا يجوز هنا نسيان الدرس التاريخي الذي أمامنا من عهد نظام الشاه بعدما دخل مرحلة السقوط، لم يستطع البقاء أمام العزم الجازم لأبناء الشعب الإيراني رغم تمتعه بدعم واسع من الحكومات الغربية. إن المقاومة الإيرانية وفي مثل هذه الظروف، ومن خلال إقامة أكبر تجمع على الانترنت في العالم، تعكس هذا العزم الجازم لأبناء الشعب الإيراني وتصقل هذه الإرادة الفولاذية في مواجهة الملالي السفاحين اللاإنسانيين. لأن هذه المقاومة تحمل رسالة الصمود وحماس الحياة والتطور والنصر في أصعب الظروف. لا للشاه ولا للملالي اليوم ونحن قد ودعنا 39 عامًا من حياة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ونشاطاته، اسمحوا لي أن نركز على الدور الحقيقي لهذا البديل في المجتمع الإيراني وتاريخ إيران من خلال طرح السؤال التالي: – أي تناقضات أساسية عالجها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في المعركة التاريخية بين الشعب الإيراني ونظام ولاية الفقيه؟ وأي حجر أساس ومؤسسات وضعها للمستقبل بعد إسقاط النظام ليمنع عودة البلاد إلى الديكتاتورية والكهنوتية والتبعية؟ خلال قرن مضى كان هناك تياران أساسيان قد ظهرا وتطورا جنبًا إلى جنب: التيار الأول، نظام استبدادي بامتياز كان نظام الشاه ونظام الملالي متعاونين في تأسيسه رغم الاختلاف الجوهري الكبير بينهما، والتيار الثاني إقامة بديل من داخل جبهة الشعب ومن أجل حكم الشعب وقرار الجمهور. هذه هي خلاصة التاريخ السياسي لمئة عام من تاريخ إيران الأخير. مراجعة هذا التاريخ، تعطينا نتيجة مهمة أخرى أيضًا: أن انموذج نظام الشاه وهو انموذج التبعية والاستبداد، قد مني بالفشل. كما أن انموذج ولاية الفقيه الذي يمثل الاستبداد الديني، هو الآخر قد باء بالفشل. استبداد رضا خان (أبا الشاه) الحالك لم يحرك ساكنًا عندما احتل الحلفاء إيران [خلال الحرب العالمية الثانية]، كما أن ديكتاتورية نجله مهدت الطريق لمجيء حكم نظام كهنوتي في إيران، ودمّر خميني إيران بمواصلة الحرب لمدة 8 سنوات وبهيسترية إبادة الجيل والمجازر، كما أغرق خامنئي البلاد في الحروب الإقليمية وفي أعمال القمع والجوع والمرض. إذن، مني المثالان بالفشل والحل يكمن في هذا المجلس الذي نهض من رفض التبعية والاستبداد الديني. والكل يعلم أن أساس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنذ اليوم الأول كان قائمًا على مبدأ «لا للشاه ولا للملالي». هذا الخط الأحمر الصارم «لا للشاه ولا للملالي» يعني رفض أنظمة قائمة على التعذيب والقتل والنهب وبيع الوطن وسلب حقوق الشعب. ومقابل ديكتاتوريتي الشاه والملالي، قام المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية على مبدأ الحريات وحكم الشعب. أي: قرار آحاد المواطنين واختيارهم الحر، الحرية والديمقراطية، والمساواة بين الجنسين، والحكم الذاتي للقوميات، وحقوق الإنسان، ومشاركة الشعب في تقرير مصيره، والعدالة الاجتماعية والاقتصادية وكذلك التضامن الوطني. كل هذه الملفات كان مادة النضال بيننا وبين النظام الكنهوتي الحاكم منذ بداية حكم خميني ولحد اليوم. نقل السلطة إلى الشعب الإيراني في الثورة الدستورية، عندما نزل الشعب إلى الشوارع، للاحتجاج، أطلقوا لأول مرة كلمة الأمة الإيرانية. وهذا هو جوهر مهمة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية: حكم الشعب. وكما تعلمون وقف أعضاء هذا المجلس وكياناته منذ اليوم الأول بوجه غصب خميني حكم الشعب ورفضوا دستور ولاية الفقيه. المجلس يرى من واجبه نقل السلطة إلى الشعب الإيراني. المجلس يعترف بحق اتخاذ القرار وتقرير المصير للشعب وأعلن أن «إحراز حكم الشعب… هو أغلى إنجاز للمقاومة العادلة للشعب الإيراني». (برنامج المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية). وضرورة سلطة الشعب، «ضمان توفير المزيد من مستلزمات مشاركة الشعب في اتخاذ القرار وتنفيذه وتأمين متطلباته ووسائل تدخله» (مقدمة مشروع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية للحكم الذاتي لكردستان إيران). في الواقع إن الجوهر الأساسي لبرنامج المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وخلاصة مشاريعه وقراراته ومضمون أهم مواقفه وبياناته في كلمة واحدة هو مبدأ حكم الشعب بدلًا من سلطة وحكم الملالي والشاه.عدم تقبل النظام التغيير وضرورة الإطاحة به إن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومن خلال فهم طبيعة النظام واستنادًا إلى التجارب الملموسة قد وضح في بياناته وقراراته الصادرة من بداية ثمانينات القرن الماضي ولحد الآن أن نظام ولاية الفقيه غير قابل للتغيير، وغير قابل للإصلاح وغير قابل للتفاوض، ولا تنسجم طبيعته مع السلام ونهج المسالمة. في السنوات الأولى من ثمانينات القرن الماضي وعندما بدأ عدد من الحكومات عزف نغمات تعديل النظام لتبرير علاقاتها مع النظام، أعلن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية: أي شبهة في تحول هذا النظام والإيحاء بأنه قابل للإصلاح ما هو إلا التواطؤ معه والخيانة للمصالح العليا للشعب الإيراني وطموحاته التحررية. وعندما مات خميني وبدأ رفسنجاني مناورة الاعتدال، أعلن المجلس «هذا النظام لا يقبل” الإصلاح“ ولا ”الاعتدال“ وليس قادرًا على ”إعادة بناء“ البلاد والتخلي عن الإرهاب والتطرف» (البيان السنوي للمجلس 21 يوليو 1992). وبعد مجيء خاتمي، عاد المجلس ليصرح من جديد أن: «نظام ولاية الفقيه .. لا يتحمل الاعتدال والانفتاح والإصلاح والتغيير». وأن زمرة الإصلاحيين المزيفين للنظام، هدفها «ليس إلإ إطالة عمر هذا النظام حول محور ”عمود خيمة النظام“ (ولاية الفقيه)» (بيان المجلس في 14 أبريل 1999). مبادرة إنهاء الحرب ومشروع السلام للمجلس كان واحدًا من أكبر الخدمات التي قدمها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مبادرة حركة السلام في بحبوبة حرب خميني الجنونية مع العراق. الحرب التي خلفت مليون قتيل في الجانب الإيراني وحدها. دمار هذه الحرب مازالت باقية ولم يتم إعادة بنائها ولم تلتئم بعد جروح النازحين من الحرب. وأعلن المجلس في وثيقة واجبات الحكومة المؤقتة في مارس 1982 «إنهاء الحرب الإيرانية العراقية فورًا وإقامة سلام عادل قائم على وحدة الأراضي وحقوق الشعب الإيراني». تعلمون أنه وبعد ما انسحبت القوات العراقية من الأراضي الإيرانية في 24 مايو 1982، وبينما كان خميني مُصرا على مواصلة الحرب، رفع رئيس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بشجاعة راية السلام وبقبوله مخاطرات كبيرة، ونهض ضد الحرب المشؤومة التي كان خميني يعلن المشاركة فيها بخدعة كبيرة بأنها واجب وطني وديني. وواصل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية نشاطه في إطار حركة واسعة تحت شعار السلام والحرية، وقدّم في مارس ذلك العام مشروعه للسلام. وأكد هذا المشروع أن اتفاقية الجزائر لعام 1975 و«الحدود البرية والمائية» الواردة فيها وأكدت أن «إحالة قضية تحديد الأضرار الناجمة عن الحرب إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي…» وبذلك يضمن المشروع المصالح الوطنية العليا. وقد رحبت الحكومة العراقية في ذلك الوقت بالمشروع كأساس لبدء مفاوضات السلام. لكن نظام الملالي مازال غير قادر على توقيع هكذا اتفاقية حتى مع الحكومات الخاضعة لنفوذه في العراق رغم مضي 17 عامًا على سقوط الحكومة العراقية السابقة. المصالح الوطنية الإيرانية وضع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المصالح الوطنية نصب أعينه في كل موضع من مشروع إنهاء الحرب إلى حركة السلام والنضال الدؤوب ضد النشاطات السرية للنظام لصنع القنبلة الذرية والكشف عن صفقات النظام الخيانية للوطن. منذ يونيو/ حزيران 1991 بدأ المجلس جهدًا كبيرًا للكشف عن المشاريع النووية للنظام في حين لم يول أحد أدنى اهتمام أو يطلع على هذه المشاريع آنذاك. وفي السنوات الأولى من 2000 أحبط المجلس نشاطات النظام لصنع القنبلة النووية وذلك من خلال إقامة مؤتمرات للكشف بالوثائق عن أعمال النظام السرية على مدى18 عامًا في هذا المجال. ونحن برفعنا شعار إيران غير نووية قد خطونا خطوات كبيرة في هذا المجال. وأعلن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في بيانه السنوي لعام2004 : «انطلاقًا من الشعور بالمسؤولية الإنسانية والوطنية والقومية ومواقفنا الداعية للسلام، نحن قمنا بالكشف عن المراكز السرية التي أنشأها نظام الملالي لإنتاج القنبلة الذرية في مدينتي نطنز وأراك لتقوم المراجع الدولية المعنية بمنع حدوث هذه الكارثة». التضامن الوطني من القضايا الأساسية الأخرى التي نجح المجلس في معالجتها، خلق مناخ ديمقراطي للتحالف والتعاون بين أولئك الذين يناضلون من أجل إسقاط النظام. ومن أجل ذلك، تبنى المجلس في عام 2002 خطة جبهة التضامن الوطني وأعلن استعداده للتعاون مع جميع القوى المطالبة بالجمهورية الملتزمة بالرفض التام لنظام ولاية الفقيه وجميع فصائله وانقساماته الداخلية، وتناضل لإقامة نظام سياسي ديمقراطي مستقل على أساس الفصل بين الدين والدولة. ومنذ ذلك الوقت، وكما صرح رئيس المجلس في الأيام التي تلت انتفاضة يناير 2018، طالبت المقاومة الإيرانية «بعيدًا عن ضيق النظر أو الإصرار على مواقفها وخططها وقراراتها، ودعت باستمرار إلى جبهة التضامن الوطني لإسقاط الاستبداد الديني». (بيان رقم 4 – 6 يناير 2018). نظرًا لأهمية القضية وللتسجيل في ذاكرة التاريخ، في الوقت الذي كان وضع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في كل هذه السنوات الأربعين بمسافة لا تضاهي مع الآخرين، وبصفتها أكبر قوة مناهضة لنظام ولاية الفقيه وأكثرها فعالية وبتحملها أكثر المعاناة والتضحيات بالدم، رغم كل ذلك أبدى المجلس مرونة من أجل التضامن في إطار جبهة الشعب. وهذا نص موقف رئيس المجلس حرفيًا الذي صدر في 6 يناير 2018: «إن المجلس الوطني للمقاومة، بعيدًا عن أي ضيق نظر أو إصرار على مواقفه وبرامجه وقراراته، دعا مرارًا وتكرارًا إلى جبهة التضامن الوطني للإطاحة بالاستبداد الديني وأعلن استعداده للتعاون مع جميع القوى الداعية إلى الجمهورية الملتزمة بالرفض التام لنظام ولاية الفقيه وجميع فصائله وانقساماته الداخلية والتي تناضل من أجل إقامة نظام سياسي ديمقراطي مستقل يقوم على الفصل بين الدين والدولة».الفصل بين الدين والدولة كان رد هذا المجلس على تجربة الفاشية الدينية والاستبداد الهمجي باسم الإسلام خطة العلاقة بين الدين والدولة، التي أقرها المجلس في نوفمبر 1985. يرفض برنامج المجلس الدين القسري والإجبار الديني ويرفض أي «استخدام للتمييز ومنح الامتياز والإكراه السياسي والاجتماعي» باسم الإسلام. يؤكد برنامج المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في عام 1981 على «الحقوق السياسية والاجتماعية المتساوية لجميع أفراد الشعب» وإلغاء «جميع الامتيازات الجنسية والعرقية والعقائدية». وبطبيعة الحال، فإن تشكيل هذا المجلس بالذات والعلاقات بين قواه يعني تقديم أنموذج عملي للفصل بين الدين والدولة وجمهورية قائمة على الحرية والمساواة. وتنص الخطة، من جهة، على أنها «لا تعترف بأي حقوق أو امتيازات خاصة لأي دين» (خطة المجلس بشأن ”العلاقة بين حكومة الجمهورية الديمقراطية الإسلامية الإيرانية المؤقتة مع الدين والمذهب – 12 نوفمبر1985)، ومن جهة أخرى، تؤكد على «حرية الأديان والمذاهب». تؤكد الخطة في مادتها الأولى: «يحظر التمييز ضد أتباع الديانات والمذاهب المختلفة في التمتع بالحقوق الفردية والاجتماعية. لا يجوز منح الامتياز أو حرمان أي مواطن من الترشح أو الانتخاب أو التوظيف أو التعليم أو القضاء أو غيرها من الحقوق الشخصية أو الاجتماعية بسبب إيمانه بدين أو مذهب». والمادة الثالثة للخطة تنص على أن «صلاحيات السلطات القضائية يجب ألا تعتمد على موقعها الديني أو العقائدي، وان القوانين التي لم يتم سنها في اطار الهيئات التشريعية في البلاد لن يكون لها ضمان أو مصداقية». وفي الواقع، نجح المجلس في حل قضية برزت في بداية القرن العشرين خلال المناقشات حول التعديل الدستوري لحركة الدستور في البرلمان الأول، وحينذاك خلقت معركة كبيرة بين المدافعين عن الدستور والمدافعين عن سيادة القانون والديمقراطية من جهة وبين دعاة الحكم الديني ومؤيدي الشيخ فضل الله أي أسلاف الملالي الحاكمين الآن من جهة أخرى. وأخيرًا تبلورت محاولات دعاة الحكم الديني في نهاية المطاف في تكريس استبداد تحت ستار الدين في حكومة ولاية الفقيه، التي يلمسها الشعب الإيراني بعظمه ولحمه منذ 42 عامًا. ومقابل هذا الاستبداد الديني، تعرض مجاهدي خلق باعتبارها عضوا في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، قراءة عن الإسلام تناهض تطرف خميني الظلامي المتحجر الذي ونظامه القائم على مبدأ ولاية الفقيه. وفي هذا المجلس، عندما تؤكد حركة مثل مجاهدي خلق، بنظرتها التقدمية، إلغاء أي امتياز لأتباع أي دين كان، فإنها تعطي دفعًا قويًا لخطة فصل الدين عن الدولة بالمقارنة بأنواع العبارات الشائعة الاستخدام. المساواة بين الجنسين قدم المجلس الوطني للمقاومة من خلال نضال دؤوب ومثابر ضد أعمال القمع والاضطهاد وعدم التكافؤ المأساوي الذي تتعرض له المرأة الإيرانية، خطة واضحة لإنهاء عدم المساواة. وتؤكد هذه الخطة، التي تمت الموافقة عليها بالإجماع قبل 33 عامًا، على تبوأ المرأة الإيرانية مكانها الصحيح، الذي ألهم نضال المرأة الإيرانية من أجل الحرية والمساواة. كما فتحت مكانة المرأة في هذا المجلس والمنظمات فيه وجيش التحرير الوطني الإيراني فصلاً جديداً في مكانة المرأة في المجتمع الإيراني بأكمله. ومقابل ذلك، هناك نظام تتذكرون أنه رفض في تلك السنوات في برلمانه، حتى قبول لجنة باسم النساء ولو بشكل صوري بل حولها إلى «لجنة العائلة». الحكم الذاتي للقوميات قضية أخرى مهمة اهتم بها المجلس الوطني للمقاومة منذ إنشائه هي الحكم الذاتي للقوميات المضطهدة. بالطبع، منذ بداية حكم خميني، قاومت قوى هذا المجلس ممارسات النظام القمعية ضد الأكراد والعرب والتركمان والقوميات الأخرى. ويؤكد المجلس في برنامجه أن جميع القوميات وجميع الفروع والاثنيات والطوائف في بلدنا يجب أن تتمتع بحكم ذاتي، ويؤكد أن حقوقها وحرياتها الثقافية والاجتماعية والسياسية يجب أن تكون مضمونة في إطار وحدة أراضي البلد وسيادته الوطنية. على وجه الخصوص، وافق المجلس على خطة مكونة من 12 مادة للحكم الذاتي لكردستان الإيرانية في عام 1983، والتي، على الرغم من مضي ثلاثة عقود، لا تزال واحدة من أكثر النماذج العالمية شمولًا. أنموذج لإيران الديمقراطية كان رئيس المجلس يؤكد منذ البداية «نحن نريد تقديم أنموذج يمكن بموجبه حل جميع مشاكلنا في إيران ما بعد خميني في جو ديمقراطي وفي اتجاه شعبي». (كلمة رئيس المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية أثناء تبني خطة الحريات وحقوق المرأة 24 أبريل 1987). إن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ملتزم بأن هدفه ليس الحصول على السلطة بل نقل السلطة إلى الشعب الإيراني. وفقًا لقرارات المجلس، يجب على الحكومة المؤقتة تشكيل جمعية تأسيسية – تشريعية وطنية في غضون مدة أقصاها ستة أشهر من خلال انتخابات حرة. تنتهي مهمة «نقل السلطة»، فيما يتعلق بالحكومة المؤقتة، بمجرد تشكيل «المجلس التأسيسي التشريعي الوطني». ومن القيم والتقاليد الأخرى لهذا المجلس وطابعه الديمقراطي احترام مبدأ رفض ميزان القوى في علاقاته الداخلية وبدلاً من ذلك تبنى قاعدة «الأصوات المتساوية» و «لكل عضو صوت واحد». سواء كان ممثلاً لمنظمة، مثل مجاهدي خلق، أو فرد تم قبوله كعضو في المجلس. هذه الطريقة غير مسبوقة في تاريخ الائتلافات السياسية. لأن كل ائتلاف يتم تشكيله يعتمد على أساس توازن القوى للأطراف المشاركة، ثم جميع القرارات والاتفاقيات يتم إجراؤها على أساس هذا التوازن؛ ونتيجة لذلك، لا يبقى دور للشخصيات بصفة فردية فقط بل التيارات الأصغر أيضًا. ويشهد جميعكم أنه خلال كل هذه السنوات، لم يتخذ رئيس المجلس أبدًا أبدًا أي خطة أو قرار دون إقناع الآخرين والحصول على موافقة منظمات المجلس والشخصيات الأعضاء فيه. وبعبارة أخرى، فإن المجلس، قد أسس في علاقاته الداخلية، المبدأ على المناقشة والإقناع واتبع هذا المبدأ في الموافقة على جميع خططه وقراراته دون استثناء. خاصة وأننا في المنفى وبعيدًا عن وطننا، فإن الحفاظ على التحالف ووحدة المجلس وحركته مهمة صعبة حقًا. وتنص خطة المجلس أيضًا على أنه، بالإضافة إلى عبور الجميع «من بوتقة عملية الاقتراع والانتخابات العامة»، يجب اتباع «طريقة المناقشة وتبادل الرأي بشكل عام وحر بهدف الإقناع» قدر الإمكان. (برنامج المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الفصل الثالث، المادة الرابعة). رفع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية المستوى السياسي ودرجة تقدم الحركة النضالية والمجتمع الإيراني من خلال تقديم برنامج رائد وخطط رائدة لإيران المستقبل الحرة. إن مصداقية وجديّة خطط المجلس وقراراته ترجع إلى التزام حركة تقاوم نظام الملالي وتناضل ضده باستمرار، وكانت فعالة في تحفيز الجيل الرائد في مجتمعنا نحو أفق الحرية. وهذا النضال المتواصل كان ولا يزال آلية ديمومة المجلس وترقيته. على حد علمي، المجلس هو المثال الوحيد في التاريخ السياسي المعاصر الذي طرح في بياناته وقراراته ومنشوراته، ولا سيما تقارير رئيس المجلس، بشفافية كاملة لجمهور الشعب خروج أي عنصر من المجلس أو طرده أو خيانة المدعين أو انضمامهم إلى معسكر النظام. خاصة بشأن أولئك الذين تجاوزوا الخطوط الحمراء للمجلس وكانوا بصدد الوصول إلى الملالي أو سقطوا في فخ وزارة المخابرات منتحلين صفة منتقدي المجلس أو منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. وهذا كان من المحطات المجيدة التي عبرها المجلس خلال هذه السنين. وبهذا الخصوص، نحن لم نكن الطرف البادئ مع أي حالة أو أي فرد أو تيار طيلة السنوات الأربعين الماضية. بل وكما قال رئيس المجلس في مناسبات مختلفة إننا كنا الطرف الذي أنهى المشكلة المثارة لأن معيارنا الوحيد هو النضال من أجل إسقاط النظام. يقال منذ قديم الزمان: ثقوا بذلك الصانع الذي يُسمع صوت مطرقته في ورشته من الفجر حتى المساء بلا انقطاع. والشعب الإيراني الآن يثق بهذه المقاومة لأنه يسمع منذ 40 عامًا باستمرار صوت مطارق النضال والصراع لهذه الحركة. رئيس المجلس ومن أجل حفظ الدماء التي قدمها الشعب الإيراني وأبنائه البررة ومعاناتهم ومن أجل ضمان مستقبل إيران، اقترح هذا البديل وأسسه وكفل استمراره على مدى 40 عامًا ويضمنه بعبوره كل الاختبارات وتحمل معاناة كبيرة. كما أن أعضاء المجلس الصامدين الملتزمين وأنصاره الأوفياء أظهروا خلال هذه العقود الأربعة أنهم واعون كل الوعي لهذه الرسالة وأثبتوا أنهم لن يتنازلوا لحفظ هذا البديل المستقل أمام أي حكومة وسلطة ولا يتحملون أدنى ضرر يمسه. أظهروا أنهم ومن أجل حراسة مبادئ الشعب الإيراني وثوابته تجاه نظام ولاية الفقيه، لم يبخلوا عن دفع أي ثمن ويقدمون أي ضريبة من أجل ذلك. لقد أظهروا أن في كل حالة من الاضطراب، وفي كل تجربة، وفي كل صعوبة، وتحت كل ضغط، لا يتخلون عن تركيزهم الكامل على النضال من أجل الإطاحة بالنظام ويقدمون كل شيء في مسار النضال والمقاومة من أجل الحرية. هذا هو السبب في أن معسكر أعداء الشعب الإيراني بمختلف مشاربهم، بقيادة الملالي، يخاف من سماع صوت هذه المقاومة. لأنهم يسمعون في دوي صوت هذه المقاومة ناقوس موتهم. وهذا هو السبب لارتعاد فرائص خدام ولاية الفقيه بسماع كل كلمة لهذه المقاومة أو تجمعها. في الواقع هذا المجلس هو خلاصة تاريخ تطور نضالات الشعب الإيراني التي استمرت 40 عامًا مع العديد من الاختبارات وحالات صعود وهبوط. هذا المجلس جزء من تاريخ إيران، وهو في الواقع المظلة السياسية لنضال الشعب من أجل الحرية والاستقلال والعدالة والتقدم الاقتصادي والاجتماعي. إن التاريخ المستقبلي لإيران، على أي حال، سيحترم المركز الخاص لرئيس المجلس وحركته العظيمة، ويتأثر بشدة بهذا البديل الديمقراطي وخدماته الجليلة للنهوض بقضية الحرية وحكم الشعب. منذ اليوم الأول وحتى اليوم، التزم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بفخر بكل قواعد هذه المعركة التاريخية وسيظل قائما حتى يوم النصر النهائي ونقل السلطة إلى الشعب الإيراني. أختتم خطابي بمناسبة الذكرى السنوية لمعارك «فروغ جاويدان» (الضياء الخالد) مع أطيب التحيات للشهداء المضحين أرواحهم من أجل الحرية، شهداء الشعب الإيراني الذين لا تنسى ذكراهم. إنهم نهضوا وضحوا بحياتهم لنفس الغرض الذي أنشئ من أجله هذا المجلس. وهذه هي المهمة التي تلتزم مقاومتنا بها، وسوف يحقق المجلس النصر بالاعتماد على الشعب الإيراني بإذن الله.شكرا لكم جميعًا.
مشاركة :